القات في ميزان المنطق - عادل صلاح البطاطي
لن يجد القارئ ما يتوقعه في المقالات المعتادة عن شجرة القات من سباب وشتائم على هذه الشجرة ولن أحملها مسؤلية الحرب الأهلية في الصومال ولا في غيرها من البلاد. ولكن سأترك للقارئ الحكم فأرجوا أن أسمع ردودا على بريدي.
في وصفها امتلأت الكتب والمجلدات بوصف بهاء أوراقها وأغصانها ونعومة أظافرها وطراوة ملمسها وفي عنفوانها وجلالها عندما تنظر اليك من أعالي أشجارها كأنها تنظر اليك من شرفات قصر عال. وفي أنسها في الليالي المظلمة والمضيئة بالقمر عند انطفاء الكهرباء وفي مجالس العمل أو الدراسة أو العشق أو الطرب أو الفساد أو السكر. فإن لم تعلم فلتعلم فنشاطها نشاط خارق. وذكاؤها ذكاء ثاقب ومزاجها «عال العال» وأنسها لا يحتاج لونيس, وهي شريك رسمي وشاهد في كل جلسة سرقة أو جريمة أو سكر أو اختلاط أو فساد.
يقول الرسول عليه الصلاة والسلام "ما أسكر كثيره فقليله حرام" ولست بوضع يسمح لي بالفتيا ولكنه دين العقل والمنطق ولا يستطيع إنسان أن ينكر ذلك. فما هو السكر؟ إتفق العلماء على أن السكر هو زوال العقل. وأن زوال العقل هو بعدم القدرةعلى التفرقة بين الحلال والحرام والصح والخطأ أو بعدم القدرة على اتخاذ القرار الصحيح الذي سيتخذه نفس الشخص في حالته الطبيعية من دون تدخل هذه المادة المسكرة.
حان الان لنا أن نقوم بوضع الميزان. فكيف برجال كبار في مقامهم وفي مكانتهم وعقال يقولون كلاما وهم يخزنون القات وبعدما تعود اليهم في يوم اخر يقولون إنما هو كلام قات. فهل زالت عقولهم عندما كانوا مخزنين القات؟ هل كان هذا تأثير مسكر بدرجة مختلفة عن تأثير الخمر الصافي؟ هل له نشوة؟ وهل له تأثير الخمر بعد زوالها من آثار جانبية مثل صداع وغثيان وتعكر المزاج؟ هل يقوم المخزن بأعمال لايقوم بها عادة وهو في حالته الطبيعية؟ هل يثير شهوات وهل يمنع من الصلاة؟ هل يسبب التهاب اللثة وسقوط الأسنان؟ هل يسبب التهاب البروستات مما يمنع سيلان البول؟ هل يسبب أمراض تناسلية؟ هل هو خال من المبيدات الحشرية؟ هل هو خالي من المواد الكيميائية التي تعطيه القوام واللون والرائحة الزكية؟ هل هذه الكيماويات لا تؤدي الى طفرات جينية مما يؤدي الى تشوهات للأجنة؟ هل يمكن للإنسان التوقف عنه شهرين كاملين؟ هل يفضل البعض شراءه على إطعام أطفاله؟
كأني أراه مسكرا بذاته فإن لم يكن مسكرا فبما يحتويه من كيماويات (سموم حسب أقوال المخزنين أنفسهم) وهذه السموم هي مسكرة فكان سكرا بهذا أو بذاك. وعندما سألت الكثير من الناس لم أجد من يجيب بلا على أغلب هذه الأسئلة. لا تأخذ برأيي فرأيي لايلزم أحدا غيري ولكن كإنسان عاقل اسأل نفسك إن كان هذا سكرا أم لا؟ فإذا كنت لا تشرب الخمر فالسؤال الجديد هو، هل زوال العقل بالقات هو سكر لتشابه الأثر بدرجة مختلفة؟ وهل امتناعك عن شرب الخمر المسكرة مرضاة لله وامتثالا لأمره؟ وهل في القات مادة مفترة أو مخدرة تلغي أثر التعب وتعطي نشوة السعادة؟ وهل هذا هو نفس التأثير للمواد المخدرة الخفيفة والقوية بدرجات مختلفة؟ ومالذي يجعل مدمني المخدرات يبحثون عن جرعتهم منها غير الراحة والصفاء والمزاج العال؟ وهل تبحث عن شيخ جليل ليحلل لك ويزين لك ما حرمه الله ويدعوا له الشيطان؟
جاء الإسلام ليحفظ النفس و العقل والمال والعرض ولم أجد في هذه الشجرة ما يحفظ شيئا من هذا فأدعوا السادة القراء للبدء بوزن الأمور بأنفسهم ومساءلة أنفسهم.
Hide Mail
القات في ميزان المنطق
2006-07-12