"أمّي.. أستفز اللحظات؛ فتهرب اللحظة، أستدعي الكلمات؛ فتختنق العبرة، يعتصرني الألم، وتندثر شجاعتي، ويدمرني اليأس، يطول الانتظار وأقطعه بالاستغفار، ما أشدّ وطأةَ الفُراق، وما أتعس من يعيشُهُ، يا أجمل شيء في ذاتي وفي حياتي، يا هوائي الطلق الذي كنت أتنفس منه في داخلي، أناديك وأهيم إليكِ، إحساسي يبحث عنك، وأحلامي تتخيّل صورتك.
أنتِ معنى حياتي، خطوط من قلمي أرسم حروفك، وقدرك في صدري جاوز كتاباتي، صورتك كل يوم أحتضنها، ومشاعر قلبي أسطرها، ظلام البعد يظلّلني، أصبحت كالغريق الذي يغرق في بحر دموعه. رحيلك يا أمّي عناء ترك في النفس حسرة، وفي القلب لوعة، ما أقسى الحياة بدونك يا أُمّي، أقدام بلون الليل تسحقني، ودموعي أحرقت جفن عيني، دقات قلبي تقول أمّي. لو كان مكاني جبلٌ لتداعى واندثر.
أمّي لن أنساك أبد الدهر، لن أنساك يا عطر الياسمين، لن أنساك يا عبق الرياحين، لن أنسى قلبك الكبير، يا حبًّا فقدته أعاهدك وأنتِ بين يدي الله، أن أكون بارًّا بكِ، وفيًا لك، يا من زرعتِ في قلوبنا وقلوب كل المحيطين بكِ، الحب بدون تكلفٍ أو تملقٍ، يا من أعطيت بالودِّ التراحم بين الناس، رحلتِ عنا. كأنّ القدر يريدني أن أتجرّع مرارةَ الفُراق ووحشةَ البعاد. رحماك يا رب، ينتهي الكلام، وتنتهي الحروف، ويبقى اسمك في دمي، وفي عروقي، وفي لساني، كيف أفيك حقّك بكلماتي؟ كيف لي أن أرثيك وأنا المحتاج لمن يرثيني فيك، أحبك يا أُمّاه وأفتقدك".
حليم أمان يرثي والدته
2024-05-26