كثرت بالآونة الأخيرة الحملات على تعز بغرض تشويه أبنائها والنيل منهم، والإساءة إليهم، والتقليل من أدوارهم النضالية وتضحياتهم الجمة من أجل الشعب والوطن، كل الوطن من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه. واحترامًا وتقديرًا للحقيقة ودفاعًا عنها، فإنني أسمح لنفسي بالكتابة عن هذه المحافظة، وبإيجاز شديد، حتى لو كان هذا الإيجاز مخلًا أو مقلًا بحقها وحق أبنائها نتيجة لما قدموه للوطن والشعب، وعلى وجه الخصوص منذ انطلاقة ثورتي الـ26 من سبتمبر 1962 والـ14 من أكتوبر 1963 وحتى الآن.
إن ما يدفعني للكتابة عن تعز هو ما تتعرض له هذه المحافظة من نكران جميل، ومن إساءات وتشويه وتلفيق واختلاق أمور وصل بعضها إلى درجة التزوير والكذب.
وأستطيع القول إن معظم أبناء تعز إذا لم أقل كل أبنائها من أصغر طفل الى أكبر مسؤول، ومن أفقر مواطن حتى أغنى إنسان، يتعرضون للابتزاز ومحاولات التشويه ونشر الإشاعات حولهم؛ بغرض النيل من المحافظة، ومحاولة إذلال البسطاء من أبنائها الذين يسعون بكل دأب وجد للحصول على لقمة عيش كريمة عبر أية فرصة عمل يحصلون عليها من البسطات إلى البناء وحتى الإدارات العليا، ولكن الحاقدين والمعقدين والمرضى يتهجمون على تعز، بل ينسبون كل خطايا الأرض إليها، ويطلقون كل عيوب الكون عليها، ويلصقون أية نقيصة بها. وقد أدت تلك الحملات للأسف إلى تجاهل الجهات المسؤولة لمعاناتها، بل إن التحالف العربي أيضًا لا يريد أن يسمع صوتها.
والذين يستهدفون تعز هم:
1. الحوثة:
فالحوثة لن ينسوا موقف تعز البطولي والشجاع، وتصديها لمشروعهم السلالي الطائفي، وطردهم من المدينة، وتحريرها منهم ومن شرورهم شبرًا شبرًا... ولهذا يتهجمون ويحاصرون تعز، ويستمرون بقصفها.
2. دعاة المناطقية:
إن دعاة المناطقية الذين يهدفون لتمزيق الوطن، يدركون ويشعرون أن تعز هي العقبة الكأداء والصعبة أمام مشاريعهم القروية والجهوية، ولهذا يوجهون ويركزون حملاتهم على تعز.
3. الشرعية:
إن مسؤولي الشرعية يفتحون آذانهم لسماع الإشاعات والإسقاطات والتقارير التي يكتبها مروجو الإشاعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو بعض الكتاب المتظاهرين بالصدق والحرص والوفاء لتعز، مما يجعل الشرعية لا تعطي الاهتمام الكافي لكسر الحصار عنها، والعمل الجاد لتحريرها.
4. التحالف:
إن للتحالف أهدافه الخفية، ويدرك صناع القرار فيه أن تعز بعقول أبنائها ودرجة وعيهم وانتشارهم في جميع أنحاء الوطن، هي التي ستتصدى لأهدافه الخفية، وفي الوقت المناسب.
وأقول بكل بساطة إن المذكورين جميعًا قد حولوا تعز الى "نصع". الكل يلقي طلقات الرصاص عليها، ويرمي بحملاته وإشاعاته إليها، وذلك وفقًا لما سبق ذكره، بالإضافة الى أسباب أخرى، من أهمها موقع تعز، وكثافتها البشرية، ودرجة الوعي العالية لدى أبنائها، وحسهم الوطني، وانتشارهم في كل قرى ومدن الوطن، وخبراتهم العديدة بممارسة مختلف أنواع الخبرات والمهن من أبسط وأسهل المهن الى أدقها وأصعبها وأكثرها تعقيدًا، وبالتالي فكل السهام توجه الى تعز من الطائفيين والمناطقيين والحاقدين والمعقدين والمرتزقة.
وكلامي هذا لا يعني أن كل أبناء تعز ملائكة، ولكن يوجد بين أبنائها العديد من التافهين والمصلحيين ممن يسهل أو يساعد أو يتيح لأولئك المرضى والحاقدين والمعقدين النيل من تعز، بالرغم من أن عدد هؤلاء التافهين يظل محدودًا مقارنة بعدد سكانها الكبير.
وختامًا، فإن تعز كانت وستظل قلعة من قلاع الحرية، ليس للوطن فحسب، ولكن للأمة العربية كلها، مثلها مثل حلب بالشام، والبصرة في العراق، وطرابلس في لبنان، وبني غازي في ليبيا، ووهران في الجزائر، وأم درمان بالسودان، والدار البيضاء بالمغرب، وغيرها من المدن العربية التي تعتبر الثانية بالتقسيم الإداري والجغرافي في إطار كل ساحة عربية على حدة، ولكن هذه المدن التي تعتبر الثانية أو الثالثة هي الأولى بالدور والفعل الوطني والقومي، وحتى الإنساني.