ليس فضولًا وليس خجلًا ما نقوله وما نتناوله.. نحن نتكلم نبحث عن وطن يضيع تحت مداميك الخلافات على ما تبقى من فتات.
لا ظلال لأشجار مثمرات تبقى، ولا نور وأنوار وتفاهمات تنير الطريق لسياسة عمياء أصيبت بالرمد أولًا، وبعدها أصيبت بالعمى.
يا وطنًا بين براثن الخلافات والتدخلات وتوزيع المغانم بين فرقاء الداخل وسادة الخارج، ماذا نقول؟
إن قلنا تعالوا إلى كلمة سواء، الكل أقفل فمه وأصم آذانه واستمع لمذيعه وسادة إعلامه من مروجي الدعاية والتحريض.
وإن قلنا لا بد من إعادة لم الشمل شمالًا وجنوبًا وفق مخرجات مؤتمر الحوار، تقافزات أصوات شتى لها مآرب شتى، وبدلًا من شد الحبال لواحة المصالحات والحوار المؤدي للم الشمال المعزز لوحدة وطنية حقيقية، كل يرفع عقيرة مشروعه الخالي من دم الجسد الوطني الكامل، بل يذهب البعض لترويج قراءات ذات أبعاد خارج خريطة الوطن التي مزقتها الحرب وأمراء الحرب وضعف الإرادة والإضعاف المتعمد لما تبقى من قوى حقيقية مسؤولة عن مصير وطن وشعب خارج الوصيات والتمويل الآتي من هنا وهناك.
نقول لم يكن بالإمكان الصمت، وكذا لم يعد مستساغًا أن نرى تهالك ما رتبه الصراع والمصالح الداخلية والخارجية من أساليب معالجات وصلت لطريق مسدود لأن أساسها كان ينقصه الصواب! فما جرى استنباته من قوى من هنا وهناك، خارج مشروع وطني حقيقي يواجه الانقلاب، أدى لأمرين أحلاهما مر:
الأول: التباين، وهذا وصف مخفف لما هو أبعد من التباين، بل لحد الخلاف، بل أكثر الوصول لحافة المواجهات بين فرقاء يلزم الظرف وحدة الأداء لديهم، ذلك أدى وقاد لتغول طرف الانقلاب، ولا ننسى ميوعة التعامل من قبل الخارج معه.
ثانيًا: كان الخارج والمحيط الإقليمي يحسبها بالمسطرة والقلم، ويعيد قراءة الخارطة السياسية وآفاقها وفق هواه ووفق مصالحه، واعتمادًا على تزكية قوى هو أدرى أنها جزء من المشكل العام، لكن خلط الأوراق لديه له أساس مفهومه بقاء الحال على ما هو عليه، وإن تغير المظهر فالجوهر ليس مطلوبًا الذهاب إليه... ولكن للأسف يجري تهميشه بمعنى الإبقاء على تفعيل عناصر التضاد التي تحول دون الدخول في متطلبات مشروع إنقاذ وطني حقيقي له أسسه وله برامجه وله قواه الحية بعيدًا عن تكرار استنساخ ما ثبت فشله.
إذن وما الحل..؟ لا أحد يدعي الكمال، ولا أحد بيديه مفاتيح ساحرة تقول للأمر كن فيكون.
الأمر كما هو معروف في السياسة استيعاب عوائق ومشاكل ومنغصات ومسببات كانت سببًا موضوعيًا لما جرى ويجري، وعدم القفز والخلط بين الأمور سيكون المطلوب متراوحًا بين:
ما يسمى الرضوخ لسياسة الأمر الواقع، وهو أمر مهلك ذقنا مرارة موته البطيء، وهو أمر يدفع للبحث عن البديل، ولكن ليس أي بديل!
هو بديل سياسي وطني لا يلغي أحدًا، ولكن لا يضم الصالح والطالح، وهناك ينبغي أن تتحرك بصدق نوايا السياسة، ولو أن السياسة مصالح فلتكن المصالح العليا للوطن هي العنوان، بمعنى توافق الحد الأدنى على عناوين التعاطي المسوؤل مع أبرز القضايا التي تعتمل بساحة البلد.
أزمة سياسية عنوانها التفرد والاستقواء، بينما المطلوب عنوان الوطن للجميع دون وصاية وفرض واحتكار، ودونما خلط بين الدين والسياسة، فالدين لله والوطن للجميع.
ثالثًا: الخارج مساعد، وليس مقررًا، ذلك ما ينبغي الحرص عليه وفق مبدأ المصالح المشتركة
رابعًا: مرحلة انتقالية يعاد فيها تحديد شروط الانتقال إلى مرحلة الاستقرار عبر مراجعة وتطوير مخرجات الحوار والتعامل بمسؤولية مع المرجعيات المتوافق عليها وقرارات الأمم المتحدة، والتوافق على تشكيل لجان وطنية يعهد لها إعداد تصورات عملية وبرامج قابلة للنفاذ للقضايا الجوهرية التالية التي تشكل لب أزمة البلاد:
أولًا: وحدة مؤسسات الدولة وكيفية تفعيلها بعيدًا عن المهاترات خاصة مؤسسات الجيش والأمن والبنك المركزي والمؤسسات الدستورية، مع مراعاة أن أجلها الدستوري انتهى.
ثانيًا: فريق وطني من ذوي الاختصاص لوضع تصور وسياسات قابلة للنفاذ لمعالجة الأزمة الاقتصادية وآليات تلك المعالجات المزمنة.
ثالثًا: فريق فني متخصص بشؤون المالية العامة والموارد والنفقات.
رابعًا: التوافق على تسيير الأمور خلال مرحلة انتقالية تتضمن تهيئة كافة الأمور التي تساعد اللجان المقترحة على تأدية المهام المنوطة بها.
خامسًا: لا يمكن الاستغناء عن مشورة ودعم العاملين الإقليمي والدولي، بخاصة والبلد رهن الاعتقال بذيول الفصل السابع.
هل نطمع أن نرى بلادنا تغادر ساحة الاضطراب والحرب إلى واحة التلاقي الوطني؟ ذلك أملنا، وهو ما نرجوه ويرجوه الجميع.