عفوًا علي ولد زايد: قلت: "عز القبيلي بلاده، ولو تجرع وباها"! لكن، ماذا عنا نحن العزل والخالين من أي فخذ وبطن وسبلة القبيلة؟
وماذا سأفعل بالقبيلة وقرونها الوعولية الحادة، وهي تصطف مع المليشيات المذرورة داخل البلاد وخارجها، مع المستقوي ومن سيدفع، تخبط الكل بالكل، توقد النار هنا وتخمدها هناك، وتخفي الوقيد بين الرماد لحين معركة تصنعها وتديرها، رأيناها تتقفز وتتفقس بين مراقد الهويات الربانية، وما يطلق عليها الوطنية، أكانت حوثية، أو مقاومات إلهية في تعز، أو انتقالية في الجنوب العربي، تكرر نفسها تاريخيًا، وبتخلف أشد، فقد وقفت القبيلة مع الملكية وضدها، ومع الجمهورية وضدها، ومع الماركسية فبدوَنتها وقبيَلتها.
ونتذكر 2011، كيف انقسمت بين قبائل "ارحل" في الستين، وقبائل "صالح للأبد" في السبعين، بل لم يجدِ دسم علي عبدالله صالح الذي طَلع بهم، وأُنزل بهم، وقُتل بهم، وتفرق دمه بين قبائل الطوق.
جداريات تحث على النقاب في اليمن (شبكات تواصل)
إن العصائب القبلية وتشجراتها هي الأكثر افتراسًا للدولة والمجتمع والمرأة، ولأية بارقة أمل بأن يحيا الإنسان فردًا حرًا غير مربوط بتابو القرون القبائلية المشيخية (السلطة والعرف، والمدرسة، والمنظمة، والسجن، والديوان و...).
فلماذا أعز بلادي -قبيلتي وأتجرع وباها، يا بن زايد؟ وكل صفوف الرجال والقبيلة تنتهكنا، وأضعف الإيمان ننقاد إلى السجون بمحاكمات عبثية، وبلا محاكمات، بجرائم يطبخها الحوثي وهويته الإيمانية من كرارات وحيادرة الرب وفيالقه القبائلية التي تعد لحمته، وكانت ضده من قبل، أو تلك التي صمتت، أو قبائل ما قبل الحوثية، من المشيخة الحاشدية، و"حماة الثورة"، و... وجميعهم في "جمنة واحدة"!
سيدة يمنية تدمع وتطالب بالإفراج عن المختطفين (صورة متداولة)
ماذا عنا نحن النساء -بلا قبيلة- أو حتى نساء القبائل، أو كما يقول زياد رحباني "بلا ولا شي"، وظللنا طول أعمارنا ننشد الدولة، حتى بنسختها الأردأ، ولم نجد سوى القبيلة ومليشياتها، تتناوبنا تقطيعًا بحجج سخف المحرم والحجاب، الذي أقرته الأعراف، فطمست وجوهنا منذ ألف وألف عام قبيلة ومشيخة، مازلنا نتجرع وباها من الأجنة، وحتى القبر!
ماذا سأفعل بهذه القراميد الحضارية للرأسمال الرمزي وغير الرمزي، للقبيلة والبداوة والعشيرة ومخلفاتهم: "يمني وأفتخر"، "يمن الصمود"، "اليمن مهلكة الغزاة"، والانتصارات، والفتوحات، وأحفاد الأوس والخزرج و... الخ من قاموس الفرغة الكاذبة للانتفاخ الهوياتي الماحق للأرض والإنسان، وأنا أتلظى القهر والوجع ابتداءً من لذعة "النُّمسي" المتوحش، إلى طعفرة دمي بتجريمي وقهري وقهر أمي وأولادي، بسجني في سجون مهالك الجلاد الدموي "علم الهدى" عبدالملك الحوثي، ونازيته البدائية المفترسة للبشر والشجر والحجر، ثم يطالبوننا و"صوت المرأة عورة" في عرفهم، بأن نتزمل بـ"اليمن بلادنا وعزها عز لنا"، و"الحوثي هو الله"!
**
قرأنا وعشنا الوطن البيت، وبكينا بحرقة مغادرتهما، وصفقنا وزغردنا رقصًا، "ما في النجوم إلا سهيل"، و"بلادي لا تساويها كنوز الذهب"، تعشقنا مأرب السبئية، ومجّدنا معد كرب وعثتر وأسعد الكامل، و...، وغرسنا قرون الوعل والمسند في زوايا البيت كحرز يقينا من نسور قبائل جن الإنس وإنس الجن، لكننا كنا نجلد بها، وليس بآخر السجن الكبير المصفد علينا كشعب، وخصوصًا نساءه "الجدار القصير"، وما انتصار الحمادي، وفاطمة العرولي، وفواطم اليمن، إلا غيض من فيض.
أريد مسندًا بلا تاريخ، أسند ظهري عليه من هوائل وغوائل القرآنات الناطقة شمالًا وجنوبًا، أريدني بلا هوية: إنسان الآن واليوم والغد، لا أن أتجرع في سجون اليمن السبئي والحميري والقتباني، يعدمونني ألف مرة في اليوم والشهر، لأنني لست من فصيلة هويات الطاهرات والماجدات، من مواريث القبيلة وكتائب الجهاد المقدس لتحرير غزة، وإسقاط أمريكا وإسرائيل والحجاز.
**
فاطمة العرولي (شبكات تواصل)
ها هو 8 مارس 2024، عيد المرأة العالمي، يطل، ووعول اليمن الأصل، المحاربة، "العرب العاربة"، بقرونها تتقاتل بنا، ومازالت نساء اليمن، في "درع الوطن" بلا دروع، والخرقة التي تسترنا، جعلوها ساحة للحرب والدمار والمجاعات، يكتبها قوت وإرث السباع الدينية والتاريخية جميعهم ضد النساء، فلا "ويل" ولا "مقرمة"، ولا "زنة"، و"ترجول"، يقينا ليوث التاريخ والواقع، نعم، نحن نساء اليمن العاريات في كل آن، تتناوبنا "الوحوش حشرت" افتراسًا، نساء اليمن ساحة الفتوحات القديمة والجديدة، الحواشد والبكايل والمذاحج، والحماير، ومتعلقات أنساب الخفة الخرافية، وشمر يرعش، وشمر يهرش، وزواملكم وسلاحكم وموروثاتكم القرآنية والتاريخية، فهي لا تساوي آهة وجع سجينة مغلولة قهرًا، وملوك سبأ ومعين، وقتبان، جعلوهن فرجة في ميدان الوغى وتكيات مفارج القات والبردقان، بختم وعول الهوية اليمانية، من مأرب إلى صنعاء وعدن، وحضرموت ولحج ويافع..
**
انتصار الحمادي (شبكات تواصل)
في 8 مارس 2024، أي قبيلة قالت: سأقف مع انتصار الحمادي التي تفنى زهرة عمرها في سجون الرب، أو فاطمة العرولي، ومثلهما المئات، تفتك بهن سيوف شرائع الرحمن مقتصة من أمة الرحمن، والغفور، وأمة الكريم، ونساء اليمن أجمعين.
فكيف تشوف يا علي ولد زايد؟ يا حكيم اليمن الذي كله عورات بالقبيلة التي لم تكتفِ بمناصرة الستين، ضد السبعين، والعكس، وبالمثل القرآنات الناطقة وتضاداتها.
**
لقد أشرفت مقارم نساء اليمن على التلاشي، وهي تحرق عند المحاكم وقصور المشايخ، تستجدي القبيلة لنجدتها ونجدة أولادها، وقضاياها، ولنا في أمهات المسجونين والمختفين قسريًا عبرة، فلسنوات وهن يناشدن الجميع إخراج فلذات أكبادهن من سجون القرآن، والعرب العاربة، والضربات الحيدرية، ولا من مجيب سوى داعي الأمومة الذي لم يخفت.
عفوًا علي ولد زايد: عز القبيلي، خصوصًا المشايخ، بلاده، لأنها غنائم ممتدة، وسيتجرع وباها، فهو المنتصر كوعل ومسند، وطوق، يحاور ويناور وينتصر في ظل اللادولة. ونحن ممنوع الدخول، ممنوع الخروج، يطلقون الرصاص ويضربونك بالبنادق، ويهددونك، ويأتون إلى بيتك، ويفجعونك بأولادك، فمن أين تُصرف عز اليمني بلاده، وآلائه والأجداد؟
أيتها القبائل، قبل أن تحرروا الأقصى، وتدكوا البيت الأبيض، والحجر الأسود، وتفنوا وإسرائيل وأمريكا، قفوا مع انتصار وفاطمة، أخرجوا فواطم اليمن من براثن أقدامكم القاتلة، وفوهات بنادقكم، وزعيق زواملكم وشيلاتكم، وليس بآخر بطون قرآناتكم الناطقة. و"لبسنا العز ثوبًا حيدريًا، ولكني علمتُ بأن طه، أقامكَ بعده في المعجزات"، بحسب شاعرة "الهوية الإيمانية" أحلام شرف الدين!
**
أتمنى، في 8 مارس 2024، أن تختفي مسميات الهوية اليمنية، واليمن الأصل والتاريخ، ومقبرة الغزاة -الذين هم نحن ولا سوانا- وأكون مواطنة خالية من خطب الدفاع عن حياض الهوية اليمنية.
حياض الوطن، بيت ودولة وتعليم ومعرفة وفلسفة وفن، وحرية لانتصار الحمادي وفاطمة العرولي وكل المضطهدات والمضطهدين في بلادي.
صورة متداولة تمجد الحوثي (شبكات تواصل)
لا أريد الهويات الإلهية التي تختزلني بعائشة وفاطمة، وسيدة نساء العالمين، والطاهرات والزينبيات، ولا حتى بلقيس وأروى، وذات النطاقين، لقد كثر آل النواطق، وكل يفتك من جهته، وليس بآخرهم "القرآن الناطق".
نحلم:
بيمن خالٍ من المعصومين، طواهش النساء والرجال، يمن بلا جنابي، ولا زامل ولا برع، وسيد وعبد، وأقيال وأفيال، والقيل فلان، والقيلة علانة.
دستور لا ينتقص من آدميتي بحجة الفضيلة والشرف، ومواثيق السقيفة، لا لدستور للذكر مثل حظ الانثيين، والشريعة الإسلامية مصدر جميع التشريعات، واليمن بلد إسلامي إيماني، وكل النصوص الطاردة لليهود والمسلمين والبهائيين، والنساء، وكل الأجانب باسم "دستور اليمن الإسلام".
نعم، نريد دولة تضمن حق الحياة، وكرامتنا الإنسانية بموجب الدستور والقانون لمعنى إنسااان له الحق في الحياة الكريمة، دستور يكفل الحقوق والحريات، بلا تمييز في الجنس واللون، والدين والعقيدة، واللادين، أيضًا.
أخيرًا:
كل 8 مارس ونساء اليمن والعالم، بخير، وكما قال الشاعر التونسي الكبير، أولاد أحمد:
كتبتُ، كتبتُ.. فلم يبقَ حرفُ
وصفتُ، وصفتُ.. فلم يبق وصفُ
أقولُ، إذن،
باختصارٍ وأمضي:
نساءُ بلادي
نساءٌ.. ونصفُ.
وإلا كيف تشوفوووا؟!