صنعاء 19C امطار خفيفة

إنصاف لم يأت!

2023-05-30

تذكرت قبل 3 ساعات، جابرييل جارسيا ماركيز! تذكرته وهو يجهش باكيًا. ينتحب بطلة روايته "100 عام من العزلة" الجدة أرسولا!


في مكتبه بالدور الأرضي، كتب فصلًا من روايته، ثم أسرع إلى غرفة النوم، ليجهش بالبكاء. كان يبكي بطلته التي شكلها بيديه!

حمدت الله أن صديقي فهمي السقاف مات قبل أن يصله نبأ بطلته صالحة البان. وهي بطلة في عالم الواقع، عاشت ثلثي عمرها تنتظر أن ينتصف لها أحد؛ رئيس أو وزير أو حقوقي أو نسوية أو سلطة أمر واقع… ولم تجد أحدًا يستمع إليها، ويقترب من وجعها، إلا فهمي السقاف!
تذكرت صالحة البان وفهمي السقاف، مرارًا، في الشهور الأخيرة. مات فهمي، لكنني لم أعرف مصير بطلة قصته: صالحة!

قبل 3 ساعات، نقلت لي الصديقة العزيزة أثير علي محمد النبأ الأليم. كتبت مشفقة: "للأسف يا سامي توفاها الله"! قبل أن تعزيني كأنني ابنها.

الحق أنني بكيت!

بكيت "بطلة" صديقي فهمي.

بكيت بطلتنا.

لم نستطع أن ننتصر لها.

لم نتمكن من إبلاغها أية معلومة عن مصير شريك عمرها حسين صالح تيسير البان، ومصير ابنها هاشم حسين البار (13 عاماً)، وستة آخرين من أسرتها تم اعتقالهم في 22 مايو 1971!

هل لأحد أن يتجرأ ويتخيل رحلة حياة هذه الزوجة والأم الصابرة؟

ملف المختفين قسرياً في النداء - أسرة البان ملف المختفين قسرياً في النداء - أسرة البان

في 22 مايو 1971، بدأت سلسلة انتظاراتها.

قُتل سالمين!

قُتل عبدالفتاح إسماعيل (وبقي مصيره مجهولًا).

نُفي علي ناصر محمد.

قامت دولة الوحدة في 22 مايو 1990. استمرت "وحدة" صالحة البان.

في يونيو 2007، وُجد "اليمني الأول" الذي يفتح قلبه وضميره لها. كان فهمي يروي قصة صالحة وابنها سلطان، لقراء "النداء".


في 2013 كان فهمي الوحيد الذي استمر في متابعة القضية. وهو رتب موعدًا لها، في عدن، مع حقوقي يعمل في منظمة دولية. صباح الموعد المضروب صُدمت صالحة وسلطان وفهمي، بأن الحقوقي غادر إلى صنعاء متسللًا كأنه أحد الجناة.

لكم أن تتخيلوا ما حدث!

بعد 40 سنة، ظنت صالحة وابنها أن منظمة حقوقية محترمة، أخيرًا، ستتبنى قضيتهما، وعندما وصلا المكان كان مندوب هذه المنظمة قد اختفى!

ماتت صالحة البان!

متى بالضبط؟

هل في 22 مايو 1971 عندما اختطفت لحظة "جنون ثوري" فلذة كبدها وزوجها من أمام عينيها؟

أم في أي من تواريخ اليمنيين المرصعة بـ"جماجم" أبطال الجماعات الأيديولوجية والعصبيات المزدهرة في هذا العصر؟

أم عصر اليوم، إذ أنتحب بصمت على رحيلها؟

أبحث عن سلطان البان لمواساته.

مواساته!

ماذا في وسع اللغة أن تقول في مقام امرأة "صالحة" غدر بها الجميع؟

اقرأ على النداء:

https://www.alndaa.net/42301

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً