تفتقر معظم الترندات في اليمن إلى عمق المضمون والقيمة الحقيقية، وغالبًا ما تعتمد على معلومات مغلوطة أو إشاعات، أو مجرد فضائح تثير الجدل. هذا النوع من المحتوى يجذب الانتباه بسرعة، ويؤدي إلى تداوله على نطاق واسع، بغض النظر عن مصداقيته.
ما أسباب سطحية الترندات في اليمن؟ في ظل الأزمات المستمرة مثل الحرب والفقر وعدم الاستقرار، قد يميل الناس إلى الابتعاد عن القضايا الجادّة، والتركيز على مواضيع سطحية كوسيلة للهروب من الواقع. يظهر ذلك في الاتجاهات التي تبرز على وسائل التواصل الاجتماعي، والتي غالبًا ما تكون بعيدة عن الأولويات الوطنية أو التحديات الحقيقية.
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرًا في تشكيل الترندات، إذ يمكن لبعض المؤثرين أو الحسابات ذات الأعداد الكبيرة من المتابعين، أن تدفع بمواضيع غير مهمة إلى الواجهة. تعود هذه القدرة إلى قلة الرقابة، وضعف معايير التحقق من المحتوى، التي تقتصر على قضايا الإرهاب.
بالإضافة إلى ذلك، يسعى بعض الأفراد أو المؤسسات إلى الاستفادة من الترندات للسعي وراء الشهرة أو تحقيق أهداف شخصية، من خلال اختلاق القصص أو تضخيم الأحداث، مما يجعلها جزءًا من لعبة رقمية لجذب أكبر عدد من المتابعين، والحصول على عدد كبير من الإعجابات والتعليقات.
تؤثر الأزمات السياسية والاقتصادية المستمرة في اليمن، بشكل كبير، على طبيعة المحتوى المتداول. قد يجد الناس صعوبة في مناقشة القضايا الجادة بعمق، مما يدفعهم للتركيز على مواضيع خفيفة أو جدلية كوسيلة للتسلية أو التخفيف من الضغوط اليومية. قد يستخدم البعض الترندات كأداة للتلاعب بالرأي العام، مما يثير تساؤلات حول دور الترندات في تزييف الوعي وتوجيه الانتباه عن القضايا الأكثر أهمية.
يُعزى جزء من سطحية الترندات إلى ضعف الإنتاج الثقافي والمعرفي الرقمي. تكون الجهود الفردية أو الجماعية التي تسعى لتقديم محتوى هادف، أقل مقارنة بالجهود التي تركز على الترفيه.
في ما يتعلق بتأثير الترندات على الوعي، تعتمد العديد منها على معلومات سطحية أو مشوهة تنتشر بسرعة دون تحقق، مما يسهم في نشر السطحية وعدم التفكير النقدي. تركز بعض الترندات على مواضيع تافهة، مما يسهم في تحويل الانتباه عن القضايا الهامة، وخلق انفصال بين الجمهور وواقعه. مع انتشار الترندات، يشعر الكثيرون بالضغط للمشاركة فيها حتى لو لم تكن تعنيهم، مما يحد من حرية التفكير والتعبير. أحيانًا تُستغل الترندات للترويج لمنتجات أو أفكار سياسية، مما قد يؤدي إلى تضليل الناس أو دفعهم لدعم أجندات معينة دون وعي كامل.
إيجابيات الترندات
على الرغم من السلبيات المشار إليها، أسهمت بعض الترندات في إبراز العديد من القضايا المهمة، إذ أدى سعي الناس للشهرة والرغبة في الانخراط في الترندات إلى التحدث عن موضوعات كانت تُعتبر في السابق من المحظورات. على سبيل المثال، شهدت قضايا الصحة النفسية والأمراض المرتبطة بها تحولًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة. في الماضي، كانت هذه القضايا محاطة بالسرية والخوف والصمت، وكان الحديث عنها يُعد أمرًا معيبًا أو غير مقبول في العديد من المجتمعات.
اليوم، بفضل التأثير الكبير للترندات ومنصات التواصل الاجتماعي، تُناقش هذه المواضيع بشكل علني ومفتوح، مما ساعد في رفع الوعي حول أهمية الصحة النفسية وضرورة معالجتها. الأشخاص يشاركون تجاربهم الشخصية مع الاضطرابات النفسية مثل الاكتئاب والقلق، مما أسهم في كسر حاجز الصمت ومواجهة التحديات النفسية بشفافية أكبر.
هذا التطور يساعد في تغيير المفاهيم المجتمعية المرتبطة بالأمراض النفسية والعقلية، إذ بدأ الناس في التعامل مع الصحة النفسية على أنها جزء لا يتجزأ من الصحة العامة. كما أتاح للعديد من الأفراد الفرصة لطلب المساعدة دون الشعور بالخجل أو الخوف من الأحكام المسبقة. رغم بعض الجوانب السلبية للترندات، فإنها أسهمت في تسليط الضوء على قضايا ملحة تحتاج إلى نقاش مجتمعي أعمق وتفاعل إيجابي.
وملاحظتي هي أن الترند اليمني لم يتطرق للأسف إلى مثل هذه المواضيع، على الرغم من أن المجتمع اليمني، بفعل الحرب والفقر، يتعرض لضغوط نفسية عميقة وجارحة. ومع ذلك، نرى نقاشات سطحية، مثل الحديث عن حقيقة لوحة فنية أو جودة أغنية، مما يستدعي الحاجة إلى التركيز على القضايا النفسية والاجتماعية والاقتصادية الأكثر أهمية.