دعوة مغازلة.. وترحيب نص كُم - فضل علي مبارك
< ما بال حوار القوى السياسية في بلادنا لا يفضي إلى نقطة التقاء؟
< ولماذا الطريق -عادة- ما يكون مسدوداً، موحلاً، مزروعاً بالاشواك، في كل جولة حوار؟
< وبأي ذنب تقتل النية للتحاور وتوأد الرغبة في (حلوق) أصحابها؟
< وكيف للبعض ان يسمح لنفسه بوضع العربة قبل الحصان؟
< وتكثر التساؤلات، وتشعب الطرق، ولا تؤدي في محصلتها إلى غاية!!
مفترق طرق، هو نتيجة كل جولة حوار توأد قبل ان تبدأ، وإن بدأت فهي مجرد (جبر للخواطر) يأتلف المتحاورون حول طاولة الحوار، ويتفقون على الاختلاف كبند رئيس وأساس في قائمة جدول الاعمال، وبالتالي يسعون إلى تنفيذ ذلك، قبل الشروع في النقاط الاخرى بعد شرب العصير، و«القات» ان كانت الجلسة مسائية.
لا يختلف اثنان من (مجموعة) القوى السياسية، وبالتحديد الفاعلة في الساحة السياسية على مضامين الحوار، لكنهم يتناحرون على أهدافه، وآلياته.
يلتقي الجميع على قاسم مشترك في جميع أطروحاتهم ورؤاهم.
المصلحة الوطنية، وتحت هذا المانشيت العريض الذي تفرده كل جهة وكل جناح وكل تيار وكل حزب تتشعب التفاصيل وأبجديات الأجندة في محتوياتها، وتسحب المصالح نفسها بالتالي للتأثير على ما يمكن اعتباره مصلحة وطنية من عدمه، بحسب التوظيف السياسي لهذا المفرد أو ذاك زماناً ومكاناً.
لكن هذا الالتقاء تحت مظلة هم الوطن وقضايا ناسه يغدو سلاحاً بصوبه كل طرف إلى صدر الآخر. بما يدل دلالة واضحة على أن الأمر ليس اختلافاً لكنه اختلالاً من منطلق ان (الثانويات) يمكن للمرء تذويبها في قالب الاساسيات. مع ضرورة ان يتحلى الكل بقاعدة. ان الاختلاف لا يفسد للود قضية.
لكننا نرى ان اختلاف هذه القوى لا يفسد الود بينهم فقط بقدر ما يقود إلى صراعات و(معارك) اعلامية يخجل القارئ في كثير من الأحيان من قراءة تفاصيلها المنشورة على (حبال الغسيل) في كل حارة.
ويصبح الكل فيها خسراناً، والخاسر الأكبر الوطن وناسه الغلابى.
وفي آخر جولة للحوار منتصف العام الماضي قلبت طاولة الحوار على رأسها بعد اربعة اشهر من جلوس فرقاء الحياة السياسية حولها. وكان الناس يظنون خلال تلك الفترة أن (نافذة) للانفراجة قد شرعت بما يحقق قدراً من التعاطي مع هموم الناس التي يدعي الكل تبنيها.
وتبعثرت نقاط الالتقاء التي تجمعت خلال تلك الاشهر قبل ان يجف جدها، لنعاود الكرَّة من الصفر كعادتنا.
في كل جولة حوار، وما أكثرها، يصحو الناس على (إيقاعات) بيانات نارية فيما كانوا ينتظرون ان تحمل لهم الاخبار نتائج اتفاق ترمي خلفها المصالح الحزبية الضيقة والأحكام المسبقة الجاهزة لسوء النية. وتتمثل مصلحة الوطن والثوابت الوطنية، وتلتقط أوجاع ومعاناة الناس الذين يطحنهم شبح الغلاء وتدهور مستوى المعيشة. وذلك من خلال تبني نظرة أبعد من أرنبة الأنف، نظرة ذات مدى أبعد تتجاوز تعقيدات الحاضر، بالاستفادة منها بتفصيل أفق لقادم يطرد عنا ويلات الحاضر وينسينا (كوابيس) الماضي. ومع أن تلك الجولة كانت اطول دورة حوار لكنها لم تفظ إلى شيء على الرغم من الظرف الذي كانت فيه.
اليوم جاء التداني مجدداً بدعوة، أو«مغازلة»، من الحاكم وترحيب «نصف كم» من المعارضة. الحاكم وجه الدعوة عبر صحفه ومنابره. والمعارضة تزرعت بانها لم تتلق الدعوة رسمياً. واخذ النواح في الصحف مداداً، ودارت الرحى لكنها لم تفرز طحيناً فالحاكم يستقوي بنتائج الانتخابات والمعارضة تتكئ على ما لحق بالناس من تدهور معيشي. الطرفان كل في برجه العاجي، لا يحسنون صنعاً سوى العزف على أوتار تلك القضايا دون استغلالها بموضوعية بما يعود بالنفع على الناس وبعيداً عن المناكفات الحزبية التي تحرق الاخضر واليابس بما فيها حتى استغلال اعراض الناس وجثث الموتى الامر الذي غدا معه أمر الطرفين كحال «الطباين» (الزوجة وضرتها). فإذا تبنت المعارضة موضوعاً، عده الحاكم استهدافاً والعكس كذلك.
دعوة مغازلة.. وترحيب نص كُم
2007-02-21