مجرد فكرة.. كفاية سياسة - أحمد الظامري
هل يحتاج القارئ اليمني لكل هذه الجرعات الهائلة من الكتابات السياسية في المطبوعات، خاصة من كتاب الاعمدة الثابتة في الصحف؟!! اعتقد أن القارئ اصيب بحالة تشبع قصوى من هذه النوعية من الكتابات، خاصة خلال الفترة التي سبقت الانتخابات والفترة التي تلتها. والشيئ اللافت ان تكرار الافكار واستنساخ المواضيع التي يكتب فيها بعض الزملاء قد اوجد عند القارئ نوعاً من الملل فالحياة اليومية ليست احزاب لقاء مشترك او لجنة عليا للانتخابات او مؤتمر شعبي عام، ولا تقف عند حدود السياسة وهناك امور حياتية كثيرةتهم القارئ مثل رغيف الخبز والمياه والكهرباء وراتب آخر الشهر -وإن كان العبدالله يتحسس كثيراً من ذكر موضع الراتب وتعلمون انتم، قطعاً، لماذا؟!!
مقارنة بسيطة بين اهتمامات اقلام عربية كبيرة مثل أنيس منصور وجهاد الخازن وسمير عطا الله وعبدالرحمن الراشد، واهتمامات السواد الاعظم من كتابنا سوف نجد ان هناك تنوعاً في مصلحة هذه الاقلام العربية التي تعرف ماذا يريد القارئ، في حين «حاصر» كثير من الزملاء انفسهم في هذه النوعية من الكتابات بالرغم من أن بعض هذه الاقلام تمتاز «بتكنيك» جميل في الكتابة بل ان بعضها يستحق أن يكتب في بعض المطبوعات العربية الهامة، وهذا ما سمعته من بعض الاعلاميين الذي حضروا إلى اليمن لتغطية الانتخابات الماضية.
اكثر الكتابات جاذبية هي الكتابات الطازجة والمرتبطة بالهم الحياتي اليومي، لا بأس ان يكون بروازها مُغلف بالسياسة، لكن القارئ يحتاج لجرعات خفيفة بالتعليق على حدث ادبي او فني او رياضي او قضية اجتماعية مهمة، فحريق عدن والذي ذهب ضحيته اكثر من اسرة لم يحظ باهتمام كتاب الاعمدة، رغم ما للأمر من أهمية في الدعوة لمحاسبة المقصرين والتطرق لكفاءة اجهزة الدفاع المدني والمطالبة بتعويض اسر الضحايا، فكل الزملاء «منهمكون» بتصريحات اللقاء المشترك والتشكيك في نزاهة الانتخابات والقدح للنظام الحاكم.
قضية أخرى تجاوزها كثير من الزملاء و هي التطرق للدراما اليمنية خلال شهر رمضان «كيني ميني» و «شر البلية»، والدراما اليمنية عموماً التي تعتمد بشكل اساسي على الشخصيات «المعتوهة» فشخصيات مثل دحباش وكشكوش والطفل الذي اشتهر بترديد عبارة «اعرف امور» هي النماذج التي لاقت رواجاً عند المشاهد اليمنى البسيط وهنا تكمن الخطورة في الموضوع، وتأتي اهمية التعرض لهذه المواضيع المهمة والحيوية.
لا أريد ان امنح نفسي فرصة لأتحول إلى «أبو العُريف» في التعرض فيما ينبغي للزملاء تناوله او عدم تناوله. وهذا بالطبع شأنهم، لكني اضع نفسي موضع القارئ العادي لأقلام جميلة استغرقت طويلاً في الكتابة السياسية ولم تلتفت يمنة أو يسرة لما حولها من أمور اخرى هامة.
***
المشكلة الرئيسية في هذا البلد ان اصحاب الكفاءات حالهم واقف وما حدش يقول لهم «ثلث الثلاثة كام»، فالمتسلقون والمزايدون والأفاقون، قاطعون الماء والكهرباء وحتى الهواء على هؤلاء وطايرون طيراناً في السلم الوظيفي للدولة.
aldameryMail
مجرد فكرة.. كفاية سياسة
2006-10-06