عربي قح - محمد الغباري
كان بإمكان اليمن أن تسجل انتقالاً ديمقراطياً حقيقياً يتجاوز كل تجارب البلدان العربية ويضعها في بداية طريق الديمقراطيات الحقيقية، لكن السلطة لدينا لا تريد ان تسقط عن هذه الانتخابات الصفة العربية الأصيلة وقد كان لها ذلك.
مع بداية الحملة الانتخابية لم يجزم احد بأننا قد نصبح في مصاف الدول الديمقراطية، وكان الرهان على قدرة الرئيس علي عبدالله صالح على ضبط أدوات حكمه وجعل الانتخابات تؤدي إلى نتائج يدافع عنها الجميع، وقال الكثيرون ان الانتخابات اذا جرت بدون مصادرة لارادة الناس او تزوير فسيكون لليمن الحق في ان تسجل اول طبعة عربية لرئيس منتخب من شعبه، بحرية ونزاهة.
قبل ان يتوجه الناس إلى صناديق الاقتراع كانت ادوات الحكم العربي المعروفة قد استعادت نشاطها بقوة وفاعلية، فنشرت بين الناس ان فوز مرشح المعارضة سيؤدي إلى تحويل البلاد إلى عراق أو صومال جديد، وقد توجت العملية بورقة المرافق الشخصي للمهندس فيصل بن شملان، أي أن كل شيء قد استخدم لضرب الخصوم ولم يكتف بالاموال والنفوذ والقمع بل إن ورقة الارهاب استخدمت أيضاً!
المسألة لم تقف عند ذلك، بل ان ما جرى يوم الاقتراع من اجبار الناخبين على التصويت علانية ومصادرة صناديق الاقتراع وتعطيل عملية الفرز واطلاق يد المشايخ والضباط والوزراء وتزويدهم بأطقم الجيش والامن اكدت الحقيقة المعروفة بأن اليمن هي أصل العرب.
اعرف جيداً الظروف التي اتخذت فيها قيادة اللقاء المشترك قرار دخول الانتخابات الرئاسية وكل الأسباب الموضوعية التي كانت تحول دون الإقدام على هذه الخطوة، فالحاكم يملك كل شيء: الجيش والأمن والمال العام والوزراء والنواب والمشائخ، في حين أن معارضيه لا يمتلكون إلا صلابة أنصارهم، ومع هذا فقد بينت الحملات الانتخابية ان اللقاء المشترك ومرشحه فيصل بن شملان «الرجل الفولاذي» سيكونون احد صناع التاريخ اليمني المعاصر، فإلى جانب تصديهم لمهمة منافسة حاكم مضى عليه في السلطة اكثر من ربع قرن فإنهم استطاعوا حشد هذا العدد الضخم من الناخبين وتمكنوا ايضاً من كسر حاجز الخوف الذي انتاب الكثيرين، ولقد توَّج بن شملان تاريخه السياسي الحافل بالنظافة والمبدئية بهذه التجربة التي ستتذكرها الاجيال، كما ستتذكرون تلك الوجوه التي قبلت على نفسها ان تلعب دور «الأراجوز» وأوكلت إليها مهمة تجارة القبح بكل انواعه.
عن المهنية وبورجي...
الصديق عبده بورجي كتب «لقطة» في العدد الاخير من صحيفة «الميثاق» اتهمني فيها بعدم المهنية في تغطيتي للانتخابات الرئاسية، ولو ان هذا الرأي جاء من غيره لما رددت عليه لأن لكل انسان وجهة نظر فيما يقرأ أو يتابع، لكن العجيب أن يأتي هذا النقد من الصديق «بورجي» وهو موظف رئاسي مهمته تلميع وجه الحاكم، لا صلة له بالمهنية او بالعمل الصحفي على الإطلاق إلا في جانبه الدعائي، بل انه يقف على رأس صحيفة تنطق بلسان الجيش ومن شدة التزامه بالحياد والمهنية فقد كرسها لشتم المعارضين وتسفيه آرائهم وتأليه الحاكم وإرعاب الصحافة من غضب السلطة...
المشكلة لدى الصديق اعتقاده أن الوطن هو دار الرئاسة ومن فيه، وأن نقل رأي معارض لما يريده القصر إساءة للوطن ولتجربته التنموية التي لا يعلم عنها احد سواه?!
malghobariMail
عربي قح
2006-09-27