صنعاء 19C امطار خفيفة

الحكومة تحتفل بعيدهم بدلاً عنهم.. عمال النظافة.. حزانى داخل قالب برتقالي

2006-05-03
الحكومة تحتفل بعيدهم بدلاً عنهم.. عمال النظافة.. حزانى داخل قالب برتقالي
الحكومة تحتفل بعيدهم بدلاً عنهم..عمال النظافة.. حزانى داخل قالب برتقالي
 

 
> تحقيق: بشير السيد
يظل يوم الأول من مايو، يوماً حزيناً «مليئاً بالقهر والظلم» كسائر أيام العام، بالنسبة لعمال النظافة في اليمن، فيما عمال العالم يحتفلون بهذا اليوم.
(31) ألفاً تقريباً هم عمال النظافة، يخضعون لظروف قهرية تحت تهديد الفصل والطرد والاستقطاع من أجورهم، يدفعون ضريبة فقرهم مرتين: مرة من أموالهم المنهوبة من قبل إداراتهم، ومرة من حقوقهم المهدورة من قبل القائمين على تنفيذ القوانين العمالية.
عيد العمال في اليمن تستغله الحكومة لتمنح نفسها إجازة رسمية، دون أن تمنح عمال النظافة إجازة هم الأحق بها فالعيد عيدهم.
(15عاماً) من الإستغلال الفج لعمال لم يقوموا سوى بتنظيف اوساخ الحكومة، وجعل البلد نظيفاً على الأقل في شوارعها.
 
* كان لافتاً حضور مرتديي الزي البرتقالي (عمال النظافة) في شوارع البلاد، الاثنين الماضي، يوم عيدهم، إنه يوم مثل أيام الجمعة والأعياد الدينية والوطنية، لا إجازة لهم، هؤلاء لا يعرفون ساعات الراحة، لا يحق لهم أن يطالبوا بذلك في نظر الحكومة. إنهم يعملون بالاجر اليومي، خلافاً للقانون.
مضى عليهم (15عاماً) على هذا الوضع: عمالة غير مثبتة أو رسمية، وإن تخلف احدهم بسبب اعياء مرضي، يفصل، يطرد، أو يخصم أجر الأيام التي تغيب فيها. يقبعون تحت لهيب أشعة الشمس طوال ساعات النهار، يعملون تحت تهديد اولئك المتعجرفين سائقي السيارات التي سحقت إطاراتها حتى الآن (30) منهم في أمانة العاصمة، بل إنهم يستقطعون اجورهم رشوة شهرية، للمرشرفين عليهم من أجل البقاء في عمل بائس خوفاً من الفصل.
< عبدالحكيم محمد الدعوس (30عاماً)، يعمل من (8) سنوات في مشروع النظافة بأمانة العاصمة، قال: «المشرفون يأخذون من اجورنا ألف ريال في الشهر، هي رشوة، حق الشاهي» ويواصل: «إنهم يهددوننا بالفصل إذا لم نعطيهم الألف الريال».
ويوافقه العامل «علي محمد الحوصلي» (25 عاما) ويعمل في النظافة منذ 9 سنوات، يقول: «لو غاب احد منا بسبب المرض، يخصم اجر اليوم الذي تغيب فيه».
يشكو الحوصلي من قيام الإدارة والمشرف بخصم مبالغ من راتبه في كل شهر دون سبب. ويعتبر عيد العمال كابوساً؛ لأن «عمال العالم يحتفلون ويكافأون ويستلمون حقوقهم، واحنا نعمل فيه، لا اجازة ولا حقوق. ولو تغيبنا في ايام الاجازات يخصم عليك في اليوم (1000) ريال».
أحد المشرفين في الوحدة السادسة مديرية التحرير قال: «اغلب العمال اجورهم ناقصة يستلمون من (9) إلى (12) ألف من ال(15) الآلف.. نهب عيني عينك».
ويضيف: «مدير المنطقة يرفض التحدث معنا ما «يتنازلش» واحياناً يقول للعامل الذي يشتكي: «شحبس أبوك»، ومسؤول الحركة يطالب برشوة، وعندما رفضت، فصلني من العمل».
«لول عمر مرزوق» عاملة، نظافة منذ 3 اعوام تقول إنها لا تستطيع ان ترتاح خمس دقائق اثناء العمل؛ «لأن المشرف يخصم من اجرنا ويعاملنا بزنط ونخيط».
أما عيد العمال -حسب قولها- «لا يمثل سوى عيد للظلم ولا نشعر براحة لاننا نعمل في هذا اليوم».
هكذا يعيش عمال النظافة في اليمن: حقوق منهوبة وحكومة لا تجيد سوى صياغة القوانين التي لا تنفذها.
لم يفكر عمال النظافة يوماً بالاضراب لينتزعوا حقوقهم من أيادٍ غير أمينة.
لو أن عمال النظافة اضربوا عن العمل لتعفنت البلاد، وتصبح شبيهة بمسؤوليها. لكن العمال يخافون، محتاجين للريال الواحد، حد قولهم، وآخرون يخافون أن يكونوا ضحية لحقوقهم.
إن مطلبهم الوحيد أن يعاملوا كآدميين، مواطنين، يطالبون بتطبيق قانون العمل، أو إلغائه.
هكذا تضيع حقوق وتنهب دون أن ترتفع الاصوات، أحزاب عديدة وأكثر من 4700 منظمة مسجلة رسمية في البلاد واتحاد عمالي ونقابة لعمال النظافة كل هذا يختفي ويتوارى أمام قضايا هي الأهم.
المحامي عبدالوهاب قائد، اعتبر عدم تثبيت عمال النظافة بدرجة وظيفية رسمية «امتهان لهذه الشريحة، وتحايل على حقوقهم المنصوصة في القانون». وأوضح أن القانون صريح بهذا الشأن، وينص في مواده على أن للعامل كافة حقوقه كالإجازات الاسبوعية والسنوية في المناسبات المنصوص عليها في القانون وحقهم في التأمين الاجتماعي الصحي والتأمين ضد المخاطر الناجمة عن العمل.
محمد المرزوقي، رئيس نقابة عمال النظافة، في أمانة العاصمة، قال إن النقابة تطالب منذ 1992 بتثبيت العمال ولكن دون جدوى، وأوضح أن توجيهات سابقة لفترة أمين العاصمة الجديد الدكتور يحيى الشعيبي ظلت حبيسة الأدراج.
وأضاف: «إن أمين العاصمة الدكتور يحيى الشعيبي اعطى توجيهات صريحة الاسبوع الماضي تقضي بتثبيت العمال وتحرير العقود لهم واعتماد الاعياد إجازات لهم وغيرها»، ويأمل المرزوقي بتنفيذها.
كما أكد المرزوقي ان النقابة ستمنح مدة اقصاها شهر لتوصيات امين العاصمة، مالم ستصدر بياناً تدعو فيه للإضراب.
واشار إلى ضعف إمكانيات النقابة وغياب الوعي القانوني والنقابي لدى عمال النظافة وإن من بين 3600 تقريباً هم عمال أمانة العاصمة 450 عضواً فقط منتسبون للنقابة.
وأفاد المرزوقي أن العمال يعملون وسط ظروف قاسية: يتعرضون لاشعة الشمس والامراض بسبب طبيعة العمل.
محمد عبدالله الهادي، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد العام لنقابات العمال قال إن قانون الخدمة المدنية ينطبق على عمال النظافة باعتبار العمال يعملون لدى صندوق النظافة الذي يندرج ضمن الموازنة العامة للدولة.
وبرغم كل القوانين التي تكفل حق العامل وتلك الاتفاقيات الدولية والعربية الموقعة عليها بلادنا بشأن الحقوق العمالية، إلا أن الواقع شيء آخر!!
الاثنين الماضي احتفل العالم بالعيد العمالي السادس عشر بعد المائة تكريماً وإجلالاً لهم. بينما عمال اليمن يدفعون ضريبة فقرهم مرتين: مرة من أموالهم المنهوبة من قبل إداراتهم ومرة من حقوقهم المهدورة من قبل القائمين على تنفيذ القوانين العمالية.

إقرأ أيضاً