قال إن زيادة انتهاكات حقوق الإنسان ناجمة عن سياسة معتمدة لدى السلطة
تقرير حقوقي: تراجع العملية الديمقراطية وتزايد انتهاكات الحقوق
المرصد طالب السلطة باحترام حق التجمع السلمي وإطلاق سراح المعتقلين
* حمدي الحسامي
شهدت العملية الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان خلال العام الماضي، تراجعاً بنسبة أعلى من 50٪_، تمثلت بانتهاك الحق في حرية التجمع السلمي والحق في حرية التنظيم وحرية الرأي والتعبير والحق في التعددية والتنوع.
وسجل المرصد اليمني لحقوق الإنسان في تقريره السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009 (حرية التجمع والتنظيم والقبول بالآخر) تزايد الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان خلال العام الماضي، والتي بلغت 3582 واقعة انتهاك بزيادة بلغت 1175 حالة انتهاك عن 2008.
الحق في الحرية والأمن الشخصي كان أكثر الحقوق انتهاكاً في 2009 ب2371 حالة انتهاك، ويأتي بعده الحق في السلامة الجسدية ب298 حالة، والحق في الحياة ب264، والحق في المحاكمة العادلة ب243، والحق في حرية التعبير والاجتماع ب112 حالة انتهاك.
وجاءت التجمعات المطالبة بحقوق مدنية وسياسية كالحق في الحرية والأمن الشخصي وحرية الرأي والتعبير والحق في محاكمة عادلة والحق في الوظيفة العامة الأولى بنسبة 49.24٪_، تلتها التجمعات المطالبة بحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية (الحق في العمل، الضمان الاجتماعي، الحصول على الخدمات الاجتماعية من تعليم وصحة وطاقة ومياه) ب25.18٪_، وجاءت التجمعات على خلفية القضية الجنوبية ثالثاً بنسبة 14٪_، والتجمعات المتعلقة بقضايا خاصة أو فئوية أقل التجمعات تنظيماً بنسبة 11.58٪_.
مقارنةً بالعام 2008 من حيث عدد التجمعات السلمية المتعلقة بالقضية الجنوبية، والتي بلغت 535 تجمعاً، فإن العام 2009 شهد تراجعاً في عدد التجمعات إلى 308. كما أن ضحايا الانتهاكات في المحافظات الجنوبية كانت الأعلى، وبنسبة 86% من إجمالي ضحايا الانتهاكات التي ارتكبت خلال العام الماضي في جميع المحافظات، ويعود ذلك إلى سبب الرفض الواسع للحكم القائم من قبل سكان المحافظات الجنوبية.
وأشار التقرير إلى أنه رغم تراجع عدد التجمعات على خلفية القضية الجنوبية، إلا أن مساحتها الجغرافية ازدادت لتشمل محافظتي شبوة والمهرة، بالإضافة إلى التجمعات التضامنية مع القضية الجنوبية التي نظمتها أحزاب المعارضة في المحافظات الشمالية.
وقال المرصد في تقريره الذي سيدشنه غداً إن تراجع عدد التجمعات السلمية قابله تدهور سريع في حماية حقوق الإنسان وزيادة في الانتهاكات الخطيرة للحقوق، وارتفاع كبير في عدد القتلى والجرحى وحالات الاعتقالات.
وبحسب التقرير فإن محافظة لحج سجلت أعلى نسبة في عدد التجمعات المنظمة خلال العام 2009، تليها أمانة العاصمة، ثم أبين والضالع وعدن. وجاءت النقابات ومنظمات المجتمع المدني في صدارة الجهات المنظمة للتجمعات السلمية، حيث وصلت نسبة التجمعات التي نظمتها إلى 21،80% من إجمالي عدد التجمعات، و19،73% من التجمعات نظمتها هيئات وقوى الحراك الجنوبي.
ففي الوقت الذي بلغ عدد القتلى والجرحى خلال العامين 2008، و2007، 14 قتيلاً و172 جريحاً، شهد العام الماضي -حسب المرصد- ارتفاعاً كبيراً في عدد القتلى والجرحى أوصلت حالات القتل 49 و271 جريحاً. كما أن عدد المعتقلين وصلوا في 2009 إلى 2273 معتقلاً، بزيادة 1279 حالة عن 2008، وبنسبة 61٪_ عن العامين السابقين.
زيادة انتهاكات حقوق الإنسان ناجمة عن سياسة معتمدة لدى السلطة باستخدام العنف والاستخدام المفرط للقوة وممارسات خارج القانون كما جاء في تقرير المرصد الذي قال إن التنفيذ صار عشوائياً وارتجالياً يمارسه كل من يرغب في الانتقام تحت شعار الإخلاص المفرط واستغلال السلطة وازدراء القانون.
وزاد المرصد أن مرد انتهاك سياسة القمع وانتهاك حقوق الإنسان مسعى الاحتفاظ باحتكار السلطة والثروة وعدم استعداء القائمين على السلطة إلى دفع كلفة الديمقراطية وإخراج البلاد من أزمة الشراكة التي نجمت بصورة جادة عن نتائج حرب 94 بإخراج الحزب الاشتراكي أحد شريكي الوحدة من السلطة والشراكة ومعه أخرج الجنوب من السلطة والثروة.
وأضاف أن اتساع مساحة الفقر والبطالة كان نتاجاً لحق حرب 94 من تصرفات المنتصر فاقد المشروع السياسي بالتسريح القسري لعشرات الآلاف من الموظفين مدنيين وعسكريين، واستيلاء المتنفذين على أراضي الدولة والمؤسسات الاقتصادية والتعاونيات الزراعية ومزارع الدولة، واحتكار الوظيفة العامة وتركيز السلطة والثروة في العاصمة وتوقف العملية التنموية.
وحسب المرصد فإن انتهاك الحق في التجمع السلمي ترتب عليه انتهاك طائفة واسعة من الحقوق كالحق في الحياة والسلامة الجسدية والحرية والأمن الشخصي، وتعرض المشاركين في التجمعات السلمية للقتل والاعتقالات التعسفية التي وصلت إلى الأطفال، وحالة الاختفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي.
وقال إنه "وبسبب قمع التجمعات السلمية في الجنوب بدأ يتحول الحراك في الجنوب شيئا فشيئا إلى حراك مسلح، واتسعت معه الحرب في صعدة، وصارت تشمل 4 محافظات بعد أن اتسع القمع ضد من يشتبه بمناصرتهم للحركة الحوثية".
وأرجع التقرير فوضى القمع إلى ما وصلت إليه الدولة من حالة رخوة وفشل في الحفاظ على أي مستوى من مصالح المجتمع وشيوع الفساد، الأمر الذي جعلها في حالة فقدان مقومات الدولة العصرية، المتمثلة بالديمقراطية والمواطنة وحكم القانون والتنمية.
المحاكمة غير العادلة أحد الانتهاكات التي تعرض لها المشاركون في التجمعات السلمية، فقد أنشئت العام الماضي 4 محاكم استثنائية إلى جانب محكمة أمن الدولة في أمانة العاصمة وعدن والحديدة وحضرموت، ومحكمة أمن الدولة الخاصة بالصحافة، القصد منها إخضاع نشطاء الحراك الجنوبي والمعارضين لحرب صعدة لمحاكمات استثنائية.
ورصد التقرير 223 محاكمة خضع لها سياسيون وأصحاب رأي بسبب مشاركتهم في تجمعات سلمية خلال 2009، بزيادة 129 محاكمة جرت في 2008.
لم تقتصر الانتهاكات على حرية التجمع وحرية التنظيم والتعبير، إذ تعرضت الصحافة والصحفيون لعملية تضييق واسع النطاق تمثلت ذلك بإغلاق الصحف الأهلية وتلفيق التهم الجنائية للصحفيين المعارضين على خلفية انتمائهم الحزبي أو بسبب التعبير عن آرائهم ونشر وقائع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان باستخدام العنف ضد نشطاء الحراك الجنوبي أو فظائع الحرب في صعدة.
وذكر التقرير أن تعطيل التعددية السياسية والحزبية أدى إلى نكران التنوع الثقافي والحق فيه ونكران الحق في التعدد المذهبي ومحاولة فرض الواحدية الثقافية والدينية والفكرية، وجعل 2009 حافلاً بالإرهاب الفكري والثقافي والعرفي، وخلق مناخاً معادياً للتنوع ضد الوحدة.
الحق في التنوع والاختلاف في رأي المرصد أوجد بالمقابل دعاوى بالتمييز والاختلاف المطلق خاصة بين الشمال والجنوب، وقابل محاولة تسييد الواحدية رفض التنوع في ظل الوحدة، وهو خطر ليس على الاندماج الاجتماعي فقط بل على وحدة التراب الوطني.
وقال التقرير في توصياته إنه وبالرغم من اتساع رقعة الحراك السلمي وزيادة فعاليته في المحافظات الجنوبية وتحقيقه نجاحات في لفت العالم إلى الانتهاكات التي يتعرض لها المواطنون، فإن أنشطة الحراك تخللها خلال 2009 مظاهر حمل السلاح أثناء التظاهر وتبادل إطلاق النار مع القوات الأمنية في أكثر من حادثة.
ودعا التقرير قادة الحراك وفصائله المختلفة إلى "المحافظة على الطابع السلمي والمدني للاحتجاجات مهما كان رد السلطة قاسيا"، وأن "تدين صراحة التعرض لممتلكات وأرواح مواطنين شماليين، وأن يتم التحقيق في هذه القضايا وكشف الفاعلين وتقديمهم للعدالة".
كما دعا إلى تعديل الدستور بإضافة النص على كفالة الحق في التجمع السلمي وعدم إخضاعه لأي قيود قانونية أو إدارية.
وطالب المرصد السلطة بـ"احترام حق التجمع السلمي واحترام الدستور اليمني في التعامل مع الاحتجاجات السلمية ووقف العنف ضد المتظاهرين واللجوء إلى الحوار في حل المشكلات السياسية وإيجاد حلول فعلية للأزمة اليمنية عبر الحوار والوفاق الوطني وإحداث تغيير يحقق الشراكة في السلطة والثروة".
ودعا إلى "إطلاق سراح المعتقلين في مختلف السجون واحترام حقوق الإنسان، وذلك بنبذ استخدام سجون غير شرعية، ووقف سجن الأطفال، ووقف الاعتداء على حرمة المستشفيات، ووقف محاكمات نشطاء الحراك السلمي في قضية تتطلب حلا سياسيا، وإلغاء المحاكم الاستثنائية".
وطالب تقرير المرصد اليمني لحقوق الإنسان بالعمل بتوصيات المنظمات الحقوقية الوطنية الواردة في تقارير المرصد للأعوام 2007 – 2009، وتقرير هيومن رايتس ووتش -ديسمبر 2009، الموجهة للحكومة والحراك والمانحين
قال إن زيادة انتهاكات حقوق الإنسان ناجمة عن سياسة معتمدة لدى السلطة
2010-06-21