الخوف والهلع والارتباك في الكيان الصهيوني، وعلى كافة المستويات، هو الذي دفع أمريكا عن إعلان تقديم دعم عسكري عاجل لإسرائيل، وكذا تحريك حاملة الطائرات إلى منطقة قريبة، في محاولة لتبديد المخاوف والقلق الإسرائيلي المتنامي من اتساع رقعة الحرب، وعدم قدرتها على استعادة زمام المبادرة والإمساك بخيوط المعركة.
المعركة تتخذ أشكالًا وصورًا متعددة، هناك تغيير للخطط باستمرار من قبل كتائب القسام والفصائل الأخرى، وذلك لاستمرار إرباك الجيش الإسرائيلي، وشل قدرته القتالية، علمًا أن الجيش الإسرائيلي، وكما هو واضح، يبدو غير قادر على التعامل مع عملية القتال المباشر، وكذا مع عملية القتال عبر المجاميع العنقودية والصغيرة التي تتخذها الفصائل الفلسطينية في غلاف غزة، حيث يمنح هذا النوع من القتال المجاهدين حرية التحرك والدخول والخروج إلى المستوطنات، واصطياد الجنود الإسرائيليين، إما بالقتل أو الأسر، بينما يعجز الجيش الإسرائيلي عن المواجهة، وعن القدرة على استعادة السيطرة على هذه المستوطنات، وتقليل حجم الخسائر الفادحة والكبيرة.
أكثر من سبعمائة قتيل إسرائيلي، وأكثر من ألفين ومائتي جريح في نحو أربعين ساعة، يعد عددًا كبيرًا وضخمًا، لم تشهده إسرائيل منذ تأسست قبل خمسة وسبعين عامًا، والأعداد مرشحة للزيادة، لأن طوفان الأقصى مايزال في حالة مد مستمر دون توقف.
الجبهة الداخلية الإسرائيلية أصبحت مفككة وهشة وضعيفة، خصوصًا بعد وصول زخات كبيرة من الصواريخ القسامية إلى قلب العاصمة تل أبيب وعسقلان، وهذا في الحقيقة يزيد من حالة الإرباك لدى القيادة والجيش الإسرائيليين، ويضعهم باستمرار في دائرة الفشل والإخفاق الكبيرين اللذين يهددان إسرائيل بالزوال والتلاشي أو الانكماش على المدى القريب أو المنظور.
ما يحدث هو معركة مختلفة بكل المقاييس، تتفوق فيها غزة المحاصرة منذ عشرين عامًا، على جيش عرمرم، كان يقال إنه أقوى جيش في المنطقة، ليبدو كما لو أنه جيش من ورق، كل ما فعله في الساعات الماضية هو قصف البيوت وقتل المدنيين من النساء والأطفال والشيوخ.
إسرائيل في مأزق عسكري ووجودي في آن، والناس في إسرائيل يبدو أنهم فقدوا الثقة في الحكومة والجيش، وهذه بحد ذاتها معضلة كبيرة، لأن الشعب والكيان الإسرائيلي قائم على فكرة الأمن من أجل البقاء، وحينما يفقد الثقة بالأمن يصبح البقاء مهددًا وغير ممكن.