الجريمة الأولى والأكبر في التاريخ البشري منذ هابيل وقابيل وحتى يرث الله الأرض، قتل الإنسان أخاه. قتل الإنسان لأخيه جريمة لا يغفرها الله، وتجرمها الديانات والقوانين، أما قتل الدولة لمواطن، فهي إلى جانب بشاعتها، شاهد غياب العدالة والنظام والقانون، وعدم احترام حقوق الإنسان أو الكرامة الآدمية.
قتل الإنسان -أي إنسان- وفي أي زمان أو مكان، جريمة، ولكن أن يقتل مغترب يمني أفنى أزهى سنوات عمره مستثمرًا في وطنه الثاني -العربية السعودية- يكون ثروة متواضعة من كد عمره، وجهده البسيط؛ فيكون مصيره التعذيب والقتل، فمأساة.
في 12 سبتمبر 2102، أبلغ الأمن السعودي أسمهان ثابت -زوجة القتيل- أن زوجها المغترب عبدالصمد المحمدي، توفي، وأدخل الثلاجة في مستشفى أبو عريش. الواقعة كانت قبل ثلاثة أيام، حيث داهمت فرقة أمنية مكونة من 25 أمنيًا بقيادة الملازم حسين جعفري، من مكافحة المخدرات، مطعمه ومنزله في صبيا، واعتدوا عليه بالضرب، وأخذوه للاشتباه بامتلاكه مبلغ 25 مليونًا من تجارة المخدرات.
يؤكد تقرير التحريات والبحث الجنائي السعودي براءته منها، ويؤكد عدم وجود أية شبهة أو شكوى في سجله الأمني. المغترب اليمني عبدالصمد المحمدي يعرفه كل أبناء صبيا، ومشهود له بالاستقامة وحسن السيرة.
تقرير الطب الشرعي يؤكد تعرضه للتعذيب القاسي المفضي إلى الموت. الإمام جعفر الصادق إمام الشيعة الاثنا عشرية، والإمام أحمد بن تيمية الحراني، يقولان، وهما من هما: بدوام الدولة الكافرة مع العدل، وعدم دوام الدولة المسلمة مع الظلم.
ما يشهده التاريخ البشري كله، ونشاهده كلنا في هذا العصر، أن الدولة العادلة التي تحترم حياة الناس وحقوقهم، هي الأقوى والأبقى، وأن الدولة المتاجرة بالدين الظالمة لشعبها وللناس، مآلها البوار والموت، ورحم الله أمير الشعراء شوقي:
واذكر رعمسيس أن الحكم مظهره
في قوة العدل لا في قوة الهرمِ
قضية المغترب اليمني عبدالصمد المحمدي، لم تلقَ الاهتمام من قبل مجلس الرئاسة، ولا من قبل السفارة، كمواطن يمني، ولم تنظر الدولة السعودية التي تجرم الأنظمة والقوانين فيها التعذيب، وتتبوأ موقعًا قياديًا في المجلس الأعلى لحقوق الإنسان، لم تهتم حتى الآن بتقرير التحريات والبحث الجنائي السعودي، ولا بتقرير الطب الشرعي، ولم تحل حتى الآن وزارة الداخلية القضية إلى النيابة -الجهة المختصة.
وبالقدر الذي نعيب على مسؤولينا، فإننا نطرح القضية أمام الحكم في السعودية، وأمام الضمير الإنساني، ومنظمة الإنسان، والعفو الدولية، وأصحاب الرأي والضمير، وصدق الله العظيم القائل: "من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسًا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا" (المائدة: 32).
فكأنما قتل الناس جميعًا
2023-01-28