مفضَّل جريح صعدة يستنجد بمسؤولية: عالجوني!
طلب منه رئيس قسم العظام «بانة 19»، وعاد إليه بعد أسبوع فأنكر مسؤوليته عن العملية الفاشلة
التي أجراها وحوله على طبيب آخر، أبلغه عن ضرورة إجراء عملية ثالثة
* هلال الجمرة
ما يزال «مُفضَّل علي أحمد ياسين» 28 عاماً، بحاجة إلى عملية جراحية ثالثة لإطالة رجله اليسرى بمعدل (2سم) رغم خضوعه لعمليتين متتاليتين بائتا بالفشل ظُهرَ السبت الفائت. أخبر الطبيب الكوبي المصاب «مفضل ياسين» والذي يحمل رتبة مساعد في دائرة التأمين الفني، أن عملية زراعة العظم التي أجريت له في المستشفى العسكري بصنعاء في 21 يوليو 2008، «العملية ما تنفعش.. مازالت في رجلك فراغات؛ قلت يعني أيش؟ (ردَّ): ضروري عملية ثالثة».
لعل مفضَّل اكتشف حقيقة «تهرب الدكتور النزيلي رئيس قسم العظام في المستشفى العسكري الذي أجرى له العملية هو وأطباء آخرون»، فقبل تحويله إلى الكوبي، أتى إلى رئيس القسم وعرض عليه الأشعة التي طلب منه إجرائها، لكنه القا عليها نظرة واعتذر له قائلاً: «هذا مش عليا سير إلى عند الدكتور الكوبي وسكت»، (النزيلي) وفقاً لمفضَّل وأضاف: «بعدما قال لي الكوبي هكذا.. عرفت أن رئيس القسم بيتهرب أو أحرج من إبلاغي أن عمله فاشل وأنه زد فعل لي مصيبة أكبر».
موضحاً أن العملية الجراحية الأولى التي أجُريت له في صعدة فشلت أيضاً إذ قُرِّرت له هذه كتصحيح، الا أن رجله مازالت تعاني من فراغات بعد أن قطعوا له عظمه من الحوض.
وكان المساعد مفضَّل ياسين يعمل لدى دائرة التأمين الفني بصنعاء وقد نقل قبل مُدَّة إلى معركة القتال في صعدة وأصيب هناك وما تزال إصابته تؤرقه وبحسب أسرته فإنه يعيش حالة صحية ونفسية سيئة، منذ إصابته في ضحيان محافظة صعدة قبل 9 أشهر تضاعفت هذه المعاناة قبل أسبوعين لحظة لمسَ مدى «استهتار» رئيس القسم بألمه وتقديره كإنسان يقول: «انتظرته في المستشفى إلى الساعة 12 الظهر وعندما خرج من غرفة العمليات لحقته إلى البوابة الخارجية للمستشفى وقلت له يشوف رجلي.. مسك الحديد الذي في رجلي وقال لي: معك بانة 19.. قلت له: لا مافيش معك أنت، رد: أنا مستعجل الآن روِّح البيت وزدَّ الحديد هناك وارجع بعد اسبوع ومعك الأشعة».
لقد بدأ قلقه من تلك اللحظة يتضاعف ويتساءل: «أيش من عناية؟! أيش من استحقار للمريض». واستحضر العناية التي كان المستشفى العسكري يوليها لهم أثناء الحرب: «كانوا يأكلونا لحم صغار وكبده.. اليوم يالله بيدو عدس». وتذكر رد رئيس قسم العظام على عتابه له في فشل العملية التي استمرت 3 ساعات: «قال الدكتور النزيلي إحنا كنا نراعيكم نفسياً في فترة الحرب أما الآن خلاص كملت الحرب»، وقد اعتبر حديث النزيلي ورده القاسي عليهم تحريضاً لهم ضد الدولة التي قاتلوا في صفها حتى أُصيبو، وقال: إن رئيس القسم يحاول أن يظهر لهم بأن «الدولة تتخلا عن جنودها وقت السلام وتتنكر لجميلهم».
فضلاً عن تصوير الدولة في صورة سيئة التزم النزيلي والأطباء في قسم العظام في المستشفى العسكري التزاماً «مبالغ فيه» لمدير دائرة التأمين الفني، عندما زار مفضل في المستشفى «سألهم: هل أنتم قادرين على علاجه هانا والا عنسفره الخارج» فأجابوا بثقة شديدة: «إحنا قادرين نعالج عمليات أكبر من هذه». وقد أثرت هذه الكلمات عليه حتى فقد أمله، تماماً، من «خبرة وكفاءة هؤلاء الأطباء والآن ما عاد فيش ثقة ولا 1٪_».
وكان مفضل قد تخرج من المعهد المهني بصنعاء عام 2000، وقُبل للعمل في وزارة الدفاع ضمن 400 خريج فني تم تجنيدهم لدى دائرة التأمين الفني بصنعاء حيث عمل فيها فنياً برتبة مساعد. وفي مايو 2007 نُقل إلى جبهات القتال في محافظة صعدة، واستمر عمله كفني ميكانيك وسائقاً لإحدى الناقلات العسكرية».
في 29 ابريل 2008، كانت جبهة القتال هادئة، أصدر قائد المعسكر -الذي توزع فيه- أمراً «بانتقال الجنود إلى زيارة موقع آخر بدون سلاح». لولا مخاطرة قائد المعسكر في اتخاذ قرار مواصلة المجموعات في الزيارة والمرور من منطقة ضحيان- التي يسيطر ويتمركز عليها الحوثيون لمشت الأمور بسلام. لكن هذا القرار كلَّف ثمة جنود حياتهم وأفْقَد الباقين بعضاً من أعضائهم. وبحسب مفضل فقد قسم الضباط خروج الجنود على مجموعات تحركت المجموعة الأولى ثم أبلغت القائد أنها عانت كثيراً من المرور من ضحيان ولم يسمح لها إلا بعد أن أذن لهم الحوثي بذلك. نفَّذ العسكر أمر قائدهم وتبعوا المجموعة الأولى لكنهم دفعوا الثمن في أثناء اجتازوا الحدود الجغرافية لمنطقة ضحيان: «الحوثيون خرجوا لنا من كل مكان وضربوا علينا ضرب عنيف». وأوضح مفضل: «كنا في مواتر (ناقلات جنود من نوع استار) وكنت أسوق الموتر الخامس».
وقياساً إلى مصير سائقي الناقلات الأربع الأولى فإن مفضل يعد محظوظاً، إذ قتل سائقا الناقلتين الأولى والثانية، وأسر الحوثيون سائق الناقلة الثالثة، وأصيب سائق الناقلة الرابعة بالشلل، ونجا مفضل بإعجوبة. فالناقلة التي كان يسوقها تعَّرضت لقصف شديد أدى إلى مقتل 2 إلى جواره، ولم يتمكن من معرفة مصير الجنود الذين في الخلف، إذ تمكن من الفرار إلى قرية بيت الراعي وهي: «النقطة التي تتمركز فيها الدولة، حاملاً إصابة شديدة في رجله اليسرى وإصابات وإذ تولى الجنود المتواجدون في النقطة إسعافه إلى مستشفى السلام بصعدة وأخضع إلى عملية جراحية طفيفة في الصدر لتثبيت عظام رجله ومعاينة الإصابات في صدره. قام الحوثيون بإسعاف بقية العسكر الجرحى «بعد أن تأكدوا (انحنا) كنا بدون سلاح» وسلمو القتلى إلى إدارة الأمن واعتذروا لهم من اختراقهم للصلح».
لم تنجح العملية الجراحية التي أجُريت لمفضل في مستشفى السلام بصعدة إذ قُررت له عملية أخرى بعد 4 أشهر في المستشفى العسكري بصنعاء لكنها فشلت أيضاً، والآن ينوي الأطباء في قسم العظام إجراء عملية جراحية ثالثة يؤمن مفضل أنه لو وافق عليها فستفشل بالتأكيد، لاسيما وأنهم ذات الأطباء الذي أجروا العملية الثانية وقد فقد ثقته بهم.
لا يهم مفضل أمور السياسة قدر ما يهمه استعادة رجله مثلما كانت قبل 28 يوليو الفائت. وكما يرجو أن تصل قصته إلى رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة ووزير الدفاع و مدير دائرته املاً فيهم أن يعينوه على معالجة رجله ومعرفة الأساليب التي يتعامل بها هؤلاء الأطباء ويسيؤون بها إلى سمعة الدولة.
ويناشدهم أن يضعوا حلاً عاجلاً لقضيته وأن يوجهوا «قبل أن تخيس رجله» بترحيله إلى خارج اليمن للعلاج، مشيداً بالجهود التي بذلها ويبذلها مدير دائرته في متابعة صحته والإطمئنان عليه.
مفضَّل جريح صعدة يستنجد بمسؤولية: عالجوني!
2009-01-23