إذا ما تجاوز أعضاء اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام، اليوم، ضرورات "النخيط" على قاعدة الأغلبية البرلمانية وصدقوا مع أنفسهم فإن لقاءهم سيؤدي إلى تجاوز اليمن محنة قد تكون الأخطر منذ حرب 94م التي لا نزال نتجرع مصائبها حتى اليوم، مهما كابر البعض أو حاول القفز على الحقائق.
اليمن بحاجة لإصلاحات سياسية حقيقية تؤدي في المقام الأول إلى إزالة آثار حرب صيف 94م، ومعالجات الآثار التي خلفتها أربع سنوات من المواجهات في محافظة صعدة ومن ثم إعادة الثقة لصندوق الانتخابات لدى الناس باعتباره أداة للتغيير وللتبادل السلمي للسلطة، وهذه القضايا لا يمكن تحقيقها بالعنتريات الفارغة التي تدفع باتجاه تأزيم الواقع المأزوم أصلا والمضي في التحضير للانتخابات بصورة منفردة، بل بالإقرار بالحاجة إلى أن نتفق في الأول على المعالجات اللازمة لتهيئة الأجواء أمام انتخابات يرضى عنها الجميع ويدافعون عن نتائجها بالطريقة نفسها.
الرئيس علي عبدالله صالح بحاجة للصراحة والوضوح، لا التطبيل والتمجيد، الذي قاد ويقود إلى جحيم الكوارث في كل بقاع العالم عندما لا يجد الحاكم من يقول له الحقيقة ويجد المحيطين به على تصوير الأوضاع وفقا للرغبة القائمة لديه. وفي هذه الدورة التي يتوقع الكثيرون أن تكون مناسبة لكيل المديح والقدح بحق المعارضين والقول بأن كل الأوضاع على ما يرام. أتمنى أن يكسر الإخوة أعضاء اللجنة القاعدة المعروفة عن اجتماعات أحزاب الحاكم في البلدان العربية.
المؤتمر الشعبي والبلاد بحاجة للعقل وتفهم الأسباب التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه الآن، عليهم التحلي بالشجاعة والاعتراف بأن تيار الانفصال ينشط بقوة على حساب القوى الوطنية التي تحاصر من الحكم بمصادرة ممتلكاتها والتضييق على منتسبيها في الوظائف وفي سبل العيش الكريم. عليهم الابتعاد عن تخوين كل من لا يقر بصوابية النهج الذي يسير عليه الحكم، والاعتراف بأن رفضه تصحيح الأوضاع التي خلفتها الحرب أوجدت بيئة مناسبة لكي تنشط الجماعات الداعية إلى الكراهية المناطقية.
هناك خياران سمعت أنهما سيناقشان في الاجتماع، من بينهما خيار تأجيل الانتخابات النيابية المقررة في أبريل القادم، إلا أن المعلومات تشير إلى ضعف أصحاب وجهة النظر هذه لصالح تيار "النخيط" المتمدد على الأغلبية البرلمانية، لكن ما نسيه أصحاب هذا الخطاب هو أن الأغلبية قد اختفت عندما نزل الناس إلى الشارع يشكون من الإقصاء والتمييز، وأن جزءا من هذه الأغلبية متهم بالتحريض على رفض إجراء أية إصلاحات حتى لا يفقد وظيفته داخل تركيبة الحكم.
ولأن الآمال تتضاءل بإمكانية نجاح الداعين للتعقل داخل الحزب الحاكم فإننا بحاجة لعقلاء هذه البلاد ليغادروا موقع الصمت، ويخرجوا بمبادرة لتجاوز الأزمة ومعالجة الأوضاع المتفاقمة، لأن التهوين من شأن الحوادث التي سبقت ورافقت عملية قيد وتسجيل الناخبين مؤشر خطير إلى أن الأوضاع قد تنفجر في أية لحظة.
malghobariMail
يتساءل: هل يفعلها المؤتمر؟!
2008-11-13