منطق انفصالي في العاصمة..شهادة الميلاد العدنية ليست وحدوية!-أثمار هاشم
فاجأني اتصال هاتفي ورد من صديقتي التي مضى عليها نحو شهر في صنعاء لاستكمال بعض الإجراءات للحاق بزوجها في الخارج.
كنت على وشك القول لها إن البقاء في صنعاء تلك المدة قد يكون أمراً اعتيادياً في بلد يحب تطويل وتعقيد الإجراءات على مواطنيه، إلا أنها استمرت في الحديث عن معاناتها من المعاملات التي تفرض عليها من قبل بعض الجهات المختصة كالداخلية والخارجية والعدل وغيرها. ليس هذا فحسب بل. تستطرد محدثتي: "كنت أسمع عن الرشوة والفساد ولكني صادفتهما وجهاً لوجه لأن المرء قد يدفع في بعض الأحيان بضعة آلاف من الريالات لاستخراج ورقة واحدة فقط، بل إن القائمة طويلة؛ فهل تتخيلون مثلاً إن شخصاً منظماً أراد أن يسهل الأمور على نفسه في صنعاء فقام بإجراء بعض المعاملات وترجمة بعض الأوراق من مكاتب الوزارات في عدن ليفاجأ هناك بأنه لا يتم الاعتراف مطلقاً بكل تلك الإجراءات". فهي وإن أكدت أن حاملها من مدينة عدن إلا أنها لاتشفع له (من) الدوران حول نفسه ليبدأ الركض مرة أخرى بين تلك الوزارات. حينها تساءلت ما جدوى وجود مكاتب لبعض الوزارات في عدن وتعيين مدراء فيها إنْ كان لا يتم الاعتراف بأي معاملة صادرة عنها. والأهم من ذلك كله لماذا يقبل مدراء المكاتب في عدن على أنفسهم ذلك؟ ولماذا هذه المركزية في أن تكون كل المعاملات من صنعاء؟! فهل هذا يعني أن معاملات صنعاء هي الوحيدة المعترف بها كونها تدل على اليمن ومعاملات باقي المحافظات لاتنتمي لليمن؟ أو بعبارة أخرى كأنها أتت من كوكب آخر؟
إلا أن أكثر الأمور سوءاً تلك التي روتها لي صديقتي واستفزتني، كما استفزتها هي، عندما تم سؤالها عن شهادة ميلادها، ولأنها اعتادت الصدق أخبرتهم عن صدورها وأرتهم صورة منها؛ فكان ردهم أن شهادة ميلادها غير معترف بها كونها صادرة قبل الوحدة وأنها انفصالية وبالتالي عليها أن تغير شهادة ميلادها بواحدة جديدة لتلك الصادرة بعد الوحدة.
بالله عليكم أي عقل وأي منطق يتحدث به أولئك الأشخاص؟ فهل شهادة ميلاد المرء تحدد ما إذا كان انفصالياً أو وحدوياً! من يعزز إذن الانفصال ويدعو إليه؟ أليس أصحاب تلك الأفكار التي لا يمكن وصفها إلا بالخبيثة؟!! وهل معنى ذلك أن كل من ولد قبل الوحدة واستخرج شهادة ميلاد هو انفصالي وأن على الجميع استبدالها ليثبت وطنيتهم؟ أيعقل هذا يا ناس؟! أيعني هذا أن على أبناء محافظة عدن كافة المسارعة إلى استبدال شهادات ميلادهم لإثبات حسن نواياهم تجاه الوحدة؟ وأن نبدأ بتسجيل حياتنا اعتباراً من يوم الوحدة، وننسى بإرادتنا أو نتناسى رغماً عنا كل حياتنا الماضية وذكرياتنا قبل الوحدة.
أعتقد أن من يرفض الاعتراف بشهادات الميلاد التي صدرت من حكومة قبل الوحدة هو الانفصالي الذي يرفض تجاوز الماضي والاعتراف بأن عدن هي جزء من اليمن، ويسعى إلى طمس تاريخ هذه المدينة وما يدل عليها قبل الوحدة.
بالنسبة لي لن أتخلى عن شهادة ميلادي التي صدرت قبل الوحدة، لأني أؤمن أن الوطنية ليست بورقة أو بشهادة ميلاد وإنما هي إحساس بالانتماء وبحب الوطن.
منطق انفصالي في العاصمة.. شهادة الميلاد العدنية ليست وحدوية!-أثمار هاشم
2009-04-27