مرّ يوم الأغنية اليمنية مرور الكرام بالنسبة للجهات الحكومية في البلاد، دون أي فعاليات رسمية لإحياء هذا اليوم، الذي اقتصر الاحتفاء به على منصات التواصل الاجتماعي.
وباستثناء بعض التجمعات العفوية لناشطين وفنانين مستقلين، خلت البلاد من أي احتفالية حكومية بهذا اليوم، الأول من يوليو/حزيران، الذي اعتمدته الجهات المعنية بالثقافة والفنون قبل نحو أربع سنوات.
في المقابل، انتشرت منشورات ومقاطع فيديو على المنصات الاجتماعية وحسابات الناشطين اليمنيين التي حملت معها اعتزازًا كبيرًا بالتراث الغنائي اليمني، وإحياءً ليوم الأغنية والموسيقى اليمنية.
لكن الاهمال الرسمي والحكومي لهذا اليوم، كان مثار استغراب عديد مهتمين بالموسيقى والغناء اليمني، وعلى رأسهم الدكتور نزار غانم، الذي تحدث في حديثٍ مقتضبٍ خاص مع "النداء" حول ذلك.
وقال الدكتور غانم: "إن الجهات الإعلامية الرسمية تناست هذا اليوم، الذي خلا من أي احتفال أو فعالية، مشيرًا إلى أن إحياءها كان تقليدًا سنويًا خلال الأعوام الماضية، لكن هذا العام لم يشهد أي فعالية".
واستغل الدكتور نزار غانم هذه المناسبة للتذكير بمجهودات الباحث والموثق الموسيقي اليمني رفيق العكوري، معتبرًا أن هذه الجهود التي قام بها العكوري "مفخرة باقية تحفزنا لدراسة تراثنا الغنائي والموسيقي الفذ".
مسؤولية الجميع
ويعتقد كثير خبراء ونقاد فنيين أن إحياء مثل هذه المناسبات، خاصةً من الجهات الحكومية، بالإضافة إلى الناشطين والمهتمين بالفن -ولو عفويًا- سيعمل على الحفاظ على التراث الفني والغنائي اليمني، مؤكدين أن المسؤولية جماعية ولا تقتصر على الجهات الرسمية.
وفي هذا الصدد، يرى الناقد الفني اليمني، محمد سلطان اليوسفي، أن مسألة الحفاظ على الموروث الغنائي اليمني مسؤولية الجميع، وقال لـ"النداء" في تصريحٍ خاص: "أعني أن المسؤولية مناطة أولًا بوزارة الإعلام والثقافة، بالإضافة إلى الفنانين الشباب والجهات الفاعلة ثقافيًا".
دور غائب للوزارة
وانتقد الناقد الفني محمد سلطان اليوسفي دور الجهات الرسمية والحكومية الغائب في الحفاظ على التراث الغنائي والموسيقي في اليمن، كونها المعنية بالدرجة الأولى بهذه المسؤولية.

وأضاف: "لا نلمس لوزارة الثقافة أي نشاط يُعنى بالموسيقى اليمنية، في الوقت الذي بإمكانها تفعيل القطاعات الخاصة بالموسيقى، كمركز التراث الموسيقي مثلًا، وإقامة الندوات الثقافية حول الغناء اليمني، ودعم الباحثين في هذا المجال، وإنتاج برامج تُعنى بالموسيقى اليمنية، وتُعرّف بها وبمبدعيها".
جمال الغناء اليمني
ويتغنى الناقد الفني محمد سلطان اليوسفي بالموسيقى بشكل عام، وبمختلف أنواعها، مؤكدًا أنها تمثل أهميةً كبيرةً بالنسبة للمجتمعات الإنسانية، فهي إحدى الركائز المهمة في الحفاظ على الهوية، وهي اللغة الصادقة في التعبير عن المشاعر الإنسانية والقادرة على التأثير والنفوذ إلى أعماق النفس بسهولة.
وواصل: "والغناء اليمني بتنوعه وثرائه يتوافر فيه الكثير من الجمال، سواءً على مستوى النصوص المغناة أو على مستوى الألحان والأصوات التي أبدعت الكثير من الأعمال الغنائية خلال حقبٍ تاريخيةٍ ممتدة".
واعتبر اليوسفي أن الاحتفاء بيوم الأغنية اليمنية في الأول من يوليو الجاري، من قبل الناشطين والمهتمين - بعيدًا عن الجهات الرسمية - يعكس حب الجمهور اليمني لتراثه الموسيقي.
مختتمًا حديثه: "المسؤولية أيضًا تقع على عاتق الفنانين الشباب الذين لا بد أن يكون التراث الغنائي اليمني نصب أعينهم، ويتعمقون في تفاصيله وجمالياته وينهلون منه، ويكون أدائهم بطريقةٍ تُبرز روحه وخصوصيته".