صنعاء 19C امطار خفيفة

في ذكرى اكتوبر المجيد.. الاحتفال بالانقلاب على الثورة

هل يعي الشباب المتحمس الذي يخرج إلى الشارع اليوم في عدن والمدن المحررة احتفالًا بذكرى الثورة الأكتوبرية، ما الذي يجري في البلاد؟ هل تعي النخب السياسية الحاكمة وغيرها، ما هو الواقع القائم اليوم؟ هل تعي أنها لا تحتفل اليوم بالثورة، وإنما بالثورة المضادة التي انقلبت على الثورة الوطنية الحقيقية؟ هل تدرك ذلك، أم أنها تعمل وتستمر في تخدير الناس وخداعهم؟ أو أن حال الجميع قد أصبح اليوم كما قال فنان اليمن الكبير أيوب طارش عبسي "سكران لست أدري من نشوتي وسكري"؟

التحرر شيء جميل ومهم، ليس فقط تحرير الأوطان من الاستعمار وأدواته القديمة والجديدة، وإنما تحرير النفوس والعقول أيضًا من عبادة الأوثان والأصنام الجديدة التي ضلت الطريق، وأضلت الناس معها، فكان هذا الواقع المشوه والمسخ، الذي لا يشبه الثورة مطلقًا، ثم يتباهى بالانقلاب على أهدافها الوطنية، بل بإعادة إنتاج الواقع الذي قامت عليه قبل ستة عقود، في صورة بشعة ومخيفة جدًا.

 

في صنعاء الأمر مختلف، جماعة الحوثي الإمامية الانقلابية تمنع منذ سنوات الشباب اليمني من الاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، وتزج بهم في السجون في مناطق مختلفة من شمال البلاد، لذا فإن الأمر أصبح واضحًا ومعلنًا، هناك واقع جديد أوجدته جماعة الحوثي ينتمي لمشروعها الإمامي والسلالي القديم المتجدد، وبالتالي هذا المشروع أصبح انقلابه واضحًا ومعلنًا على ثورة سبتمبر وأهدافها ومشروعها الجمهوري، وأصبح هناك الآن صراع بين مشروعين في الشمال، وهو صراع قديم متجدد.

 

الوضع في الجنوب مختلف، فالواقع المعاش اليوم في الجنوب يؤكد أن أهداف ومشروع ثورة أكتوبر تم الانقلاب عليهما، وأن سياسة السلطات الحاكمة في عدن مجتمعة، تتقاطع تمامًا مع أهداف أكتوبر ومشروعها الوطني بما تحمله من مضامين إنسانية وتحررية ووطنية، لكن المفارقة أن هذه السلطات ماتزال مصرة على الاحتفال بالثورة دون أن تمتلك الشجاعة للاعتراف بأنها أساسًا قد انقلب عليها، وتعمل بكل وضوح بعلم أو بدونه منذ سنوات على إعادة إنتاج مشاريع الاستعمار في مختلف صورها ومساراتها.

 

أتفهم احتفالات الناس العاديين بالثورة والتحرر والحرية واستمرار التمسك بها، وأؤيدهم على ذلك، لكن كيف يمكن أن نفهم احتفالات النخب والسلطات المختلفة بهذا اليوم الأغر، وهي التي صادرت حرية الناس وخبزهم وقوتهم اليومي وأمنهم، كما تخلت عن سيادة الوطن واستقلاله وحريته وثرواته الوطنية؟

أمامكم خياران؛ إما أن تمتلكوا الشجاعة مثل جماعة الحوثي، وتعترفوا بأنكم انقلابيون، ويكون اللعب معكم على المكشوف، وإما أن تعودوا إلى رشدكم وتخرجوا من حالة الالتباس التي أوقعتم أنفسكم والثورة فيها، وبالتالي تعلنوا الاعتذار للشعب والتوبة عما اقترفتموه بحقه وبحق البلد، وتبدؤوا بتصحيح الأمور بصدق، والعودة إلى مسار الثورة الصحيح، وحضن الوطن العظيم، لأن الناس ليسوا أغبياء لهذه الدرجة حتى يتملككم الوهم في استمرار خداعهم كل الوقت.

 

المجد والخلود والعزة والكرامة لأبطال أكتوبر المجيد أمواتًا وأحياء... والحرية للوطن الكبير...

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً