السؤال هُنَا: من يا ترى سيفوز في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية يوم الخامس من نوفمبر القادم؟!
هل هو "دونالد ترامب" الذي جَاءَ من عَالم المال والأعمال، كونه تاجر عقارات؟! أم أنها "كامالا هاريس" الدارسة للقانون، والتي شغلت مناصب عُليا، إذ كانت "مدعية عامة"، وعضوًا بمجلس الشيوخ الأمريكي؟!
إنه على الرغم مما وصلت إليه المرأة الأمريكية في شغل المناصب العُليا في مختلف المجالات، ورغم أن اختيار "الناخِب" لرئيسه يتعلق بمدى كفاءة وقُدُرات "المرشَّح" على حل مشاكل أمريكا العامة المحلية والدولية، ورغم أن "كامالا هاريس" مؤهلة عِلميًا وعمليًا لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أنني شخصيًا أستبعد نجاحها في انتخابات الخامس من نوفمبر القادم! ليس لأنها أول امرأة أمريكية سوداء من أصول آسيوية تترشح لمنصب الرئاسة، وليس بسبب أنها مسيحية من غير طائفة "البروتستانتية"، والتي كل الرؤساء الأمريكيين الـ46، بدءًا من "جورج واشنطن"، عام 1789م، وانتهاء بـ"بايدن"، من هذه الطائفة، باستثناء "جون كيندي"، عام 1961م، فهو من طائفة "الكاثوليك"، واغتيل عام 1963م لأسباب منها لكونه من غير طائفة "البروتستانتية"! والمُرشَّحة "هاريس" هي أيضًا من هذه الطائفة نفسها حسب علمي.
ولذا فإن استبعادي لنجاحها ليس بسبب ما قد ذكرتُه آنفًا ولا لغيره، وإنما لعدم وصول قناعة لدى غالبية الشعب الأمريكي أن تصبح المرأة رئيسة للولايات المتحدة الأمريكية رغم كل ما أشرتُ إليه.
وما حدث لوزيرة الخارجية السابقة "هيلاري كلينتون" عند ترشيحها للرئاسة عام 2016م، رغم كونها تملك قُدُرات علمية وعملية وخبرات سياسية، أفضل من "هاريس"، ورغم أن معظم التكهنات ظلت تؤكد على فوزها أمام الطارئ على دنيا السياسة "دونالد ترامب" حينها، إلا أنها مع ذلك لم تَفُز، ليس لكونها ركزت ببعض حملاتها بكونها أول امرأة تترشح للرئاسة كما يقول البعض، ولا لأسباب أُخرى، عدا كون الشعب الأمريكي لم يصل في قناعته لرؤية امرأة في "البيت الأبيض"! وهو ما قد ينطبق على "كامالا هاريس"!
فلعل "ترامب" هو الرئيس القادم، رغم مشاكله القضائية، والتي ما إن تنتهي قضية حتى تظهر أُخرى!
كما أن تعرضه لمحاولة اغتيال يوم 13 يوليو الماضي، أعطى بعض التعاطف معه لدى الناخبين! ولكن، لكن رُغم ما سبق ذكره، فإن الشعب الأمريكي مِزَاجي، فقد تفوز تبعًا لذلك "هاريس"، ليس اقتناعًا بها، ولا حُبًّا لها، أو تفضيلها ببعض الجوانب على "ترامب"، وليس بسبب الشعور الكبير بالكراهية لإسرائيل ولإدارة "بايدن"، بخاصة لدى فئة الشباب بسبب أحداث "غزة" وغيرها! وإنما بسبب وجود انقسام غير مسبوق بين الأمريكيين، سواء ما يخص اختيار الرئيس القادم أو غير ذلك.
ولذا، لا أستبعد فوز "هاريس".. وقد نشاهد بعد الخامس من نوفمبر القادم كبار ضباط الجيش الأمريكي يؤدون التحية لها، وهي خارجة من محل "الكوافير"!
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الذي يصل إلى "البيت الأبيض" محكوم في توجهاته العَمَلية بـ"الكونغرس" بشقيه: النواب والشيوخ، الذين يرسمون السياسة الأمريكية العامة، ووجود ثوابت في السياسة الخارجية حددها الدستور الأمريكي، إلا أن له صلاحيات في الدستور نفسه، ومن خلالها يمكن القول بوجود القدرة على التأثير ببعض أهم الأحداث، وهي التي توجِد بعض الفوارق بين المُرشَّحين، بخاصة في بعض قضايا منطقتنا الملتهبة، حتى ولو أنها فوارق نسبية!
وهكذا، فرغم الحملات الانتخابية حاليًا، وما نُشَاهد بها من بعض العُنف والأنانية، وصولًا إلى طرح بعض البذاءة في الكلمات والجُمل، ربما بصورة غير مسبوقة، فإن كل ذلك ينتهي عند إعلان الفائز نهاية يوم الخامس من نوفمبر القادم.. وهذه هي الديمقراطية! ما لم تحدث تطورات وتجاوزات وأحداث أثناء أو بعد إعلان الفائز بسبب الانقسام في المجتمع الأمريكي كما قد ذكرتُ ذلك!
وأيًا كان الفائز القادم، فإن كل منهما بالنسبة لنا كعرب ومسلمين أسوأ من الآخر، ولا ننتظر من أي منهما أي إنصاف لبعض أهم قضايا كعرب بالذات، وفي مقدمتها حل القضية الفلسطينية.. وما ذلك إلا لأن العيب في أوضاعنا الحالية بمجملها ترجع إلينا أنظمة وشعوبًا بالدرجة الأُولى:
"نعيبُ زماننا والعيبُ فينا/ وما لِزماننا عيبٌ سوانا"
أما الانتخابات الرئاسية الأمريكية فهي أولًا وأخيرًا كما لخصها الزعيم الكوبي الراحل الدكتور "فيدال كاسترو"، ردًا على سؤال له عام 1960م، أثناء احتدام المنافسة بين المُرشَّحين نيكسون وكيندي، حينما وصف توجه الحزبين الديمقراطي والجمهوري برد بات معروفًا لدى الخاص والعام، لا داعي لذكره هنا، فمعظم القراء والمتابعين يعرفونه، وهو رد أو توصيف ظل ولايزال وسيظل هو المُهيمن على الانتخابات الرئاسية الأمريكية.
وهذا هو ما رأيتُ تسطيره على الانتخابات الرئاسية الأمريكية القادمة ولو من باب "العلم بالشيء"، كما قلتُ عند البداية، وإن لم آتِ بجديد.
ثم، هروبًا من الكتابة -ولو مؤقتًا- عن بعض الأوضاع اليمنية خاصة والعربية عامة، ربما لإصابتي أحيانًا بعدم القدرة على فهم بعض ما بات يحدث محليًا وعربيًا، والتي قد تعود بعض أسباب ذلك لتعرضي لحجم وتنوع المطابخ الدعائية التي فيها كل شيء إلا "الحقيقة"، مفضلًا الصمت عما عداه مؤقتًا، مع أنه:
"ونصمتُ ليس يعني أن رضينا/ ولكن ليس يُجدي ما نقول"!
يحيى عبدالرقيب الجُبيحي
تعز - في 6 سبتمبر 2024م