عام 2014، بما هو عام تشليح اليمنيين من سلطتهم ودولتهم: لا انتخابات رئاسية في الفاتحة، ولا تعداد سكاني في الخاتمة
في 2011 قامت ثورة شعبية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح. وفي نهايته جرى التوقيع على اتفاق لنقل السلطة بين الرئيس ومعارضيه السابقين، ومن انضم إليهم من أهم مساعديه، وبخاصة علي محسن الأحمر. قضى الاتفاق بأن يتولى نائبه الرئاسة عبر انتخابات صورية فيها خيار واحد لا غير.
قضى الاتفاق بأن تنجز الرئاسة والحكومة الانتقالية مهام انتقالية محددة تؤدي إلى انتخابات في فبراير 2014.
في فبراير 2014 انقلب أطراف الاتفاق جميعًا على الاتفاق الذي وقعوه، ووقعوا على صفقة مافيوية قضت بالتمديد للرئيس والحكومة والبرلمان... مع وعد باستيعاب المباركين من غير هذه الأطراف في هيئات انتقالية جديدة، من شاكلة هيئة مراقبة تنفيذ الحوار، ولجنة صياغة الدستور، ومجلس الشورى الذي تقرر توسيع عضويته لاستيعاب الشباب والمرأة والحوثيين.
كانت تلك أحقر صفقة في التاريخ اليمني، وأعظم رشوة للنخبة اليمنية منذ اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي في 11 أكتوبر 1977.
*
ترتب على ثورة الشعب السلمية في 2011، صدوع في جبهة الحكم، أدت إلى انشقاق تم ترسيمه ثوريًا من اللقاء المشترك باسم "أنصار الثورة".
في الفترة نفسها ظهرت فئة أنصار رابعة، إلى جانب أنصار الثورة وأنصار الشريعة (القاعدة) وأنصار الشرعية (الرئيس السابق ومؤيديه)، هي "أنصار الله".
أراد الناس العاديون العدل والكرامة والمواطنة وسيادة القانون.
لكن أنصار الثورة أرادوا الإطاحة بالتاج، والإبقاء على الأعمدة.
وأراد المشترك تفكيك الدولة، لأن هناك فرصة تاريخية للإفلات من الأشقاء اليمنيين في معزل "آزال".
أراد النائب الذي صار رئيسًا انتقاليًا، مدة رئاسية أخرى مضمونة.
أراد أنصار الشريعة إقامة دولة الخلافة في اليمن.
أراد أنصار الله استحياء النموذج اللبناني، وإن أمكن استحياء مملكة الإمام يحيى.
أراد أنصار الشرعية استيعاب الصعقة، والعودة إلى السلطة من بوابة "الفشل" المحتم لرجال الرئيس صالح ومعارضيه البائسين الذين صاروا في الرئاسة والحكومة.
*
في فبراير 2014 عطل الرئيس المؤقت وأنصار الثورة وأنصار الله وأنصار الشرعية، الانتخابات الرئاسية، بذريعة أن شكل الدولة سيتغير، ما يعني دستورًا جديدًا ومرحلة انتقالية أخرى.
في ديسمبر 2014 عطل أنصار الله، بسلطة الأمر الواقع في العاصمة، أية فرصة لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن، بما هو أس الدولة وقاعدة التخطيط والتنمية والعدالة الاجتماعية والانتخابية والمكانية في أية دولة من الدول. بالموازاة سيطر أنصار الله على "السجل المدني" في واحدة من العمليات التوسعية شديدة الدلالة على موقفهم من الكيان المشترك لليمنيين.
*
صفوة القول إن الرئيس هادي وحلفاءه في المشترك (أنصار الثورة) اختلسوا مطلع هذا العام الكارثي، الشعب اليمني عبر عملية احتيالية أدت إلى استيلائهم على السلطة عبر تعطيل الانتخابات العامة للرئاسة والبرلمان والحكومة التي ينبغي أن تنبثق من البرلمان.
وفي الخاتمة يظهِر أنصار الله عزمهم على الاستيلاء على دولة اليمنيين بدءا من تعطيل التعداد السكاني والسيطرة على السجل المدني.
في الأثناء تطفح الغرائز الطائفية والمناطقية في اليمن، كما لم يحدث من قبل. ويستعد أنصار الشريعة وأنصار الشرعية للتعويض في العام الجديد.
ليلطف الله باليمنيين.
****
استطراد غير ضروري:
آخر تعداد سكاني شهده لبنان كان في عام 1934.
* كتب المقال في 29 ديسمبر 2014