رحم الله الرئيس الشهيد إبراهيم محمد الحمدي،
رحم الله الرائد علي قناف زهره، قائد اللواء السابع مدرع،
رحم الله الشهيد سالم محمد السقاف، أمين عام جامعة صنعاء.
كلف الحمدي زهره بإدارة عملية شراء أراضٍ شاسعة لصالح توسعة الجامعة وكلياتها ومرافقها، بعيدًا عن البيروقراطية ودهاليزها، وبأموال الشعب العامة. كنت حينها موظفًا في جامعة صنعاء.
ولا زلت أذكر مشهدًا لم أرَ مثيلًا له في سرعة الأداء والإنجاز في حياتي. كان الرائد علي قناف زهره يفترش الأرض كل يوم، وعن يمينه قاضٍ وطاقمه، وعن يساره صناديق المال السائل، وبين يديه ملاك الأراضي، يتفق مع كل منهم على قيمة أرضه، ويوعز للقاضي بتحرير بصيرة البيع والشراء، ويسلم البائع المبلغ، وهكذا. ثم يسلم البصائر لفريق فني مرافق له ليتولى فورًا إتمام الإجراءات القانونية، وهكذا كل يوم، ولم يغادر الأرض إلا بعد أن أنجز المهمة التي كلف بها على أحسن وجه وأسرع وقت. وصار للجامعة مساحات واسعة من الأرض، وشرع في إنشاء كليات ومبانٍ ومختبرات وميادين وصالات وقاعات، إلخ، في أجزاء منها. ثم تغيرت الأحوال، فقضم الحزب الحاكم، فيما بعد عهد الرئيس الحمدي، من أراضي الجامعة ما قضم بدعوى تملك الحزب لها!
والآن يتكرر الموال ككابوس نسأل الله أن يجعله حلم منام وليس حقيقة. إذ لا يعقل حتى في أكثر دول العالم تخلفًا أن يتجرأ أحد على السطو على أراضٍ مسجلة وموثقة ومدفوعة الثمن من الأموال العامة للشعب، باسم أول وأعظم صرح علمي في اليمن، "جامعة صنعاء"، التي كان لدولة الكويت الشقيقة الفضل الأول في بناء صروحها، ويبيعها دون أي وجه حق لشركة استثمارية تحت يافطة مضللة بأنها مدينة طبية. فالمستشفيات الجامعية في كل الدنيا تتبع كليات الطب في الجامعات، ولا تنهب أراضيها فسادًا ونصبًا، ولهذا أظن أن الأمر برمته لا يمكن أن يكون إلا أضغاث أحلام، وإلا فإنها الطامة الكبرى!
- المقال من صفحة الكاتب