السلطة تصعد ضد "المشتركـ" وتعتقل قيادياً بارزاً في الاشتراكي غداة انتقاده خطاب الرئيس صالح
حبس محمد غالب أحمد استناداً إلى مزاعم "رجل مطلوب للعدالة" بتهمة التخريب والإرهاب
يمكن اعتبار اعتقال القيادي الاشتراكي البارز محمد غالب أحمد، أمس، واقعة كاشفة لما ينتظر اليمنيين في عامهم الجديد.
اتكاءً على تصريحات لشخص مثير للجدل تقول السلطات إنه مطلوب للعدالة بسبب أعمال تخريبية وإرهابية، قررت وحدة مكافحة الإرهاب في الداخلية إلقاء القبض على سياسي معارض بارز عرف باعتداله ونبذه العنف، وصراحته في التعبير عن قناعاته السياسية، وبخاصة موقفه المتمسك بالوحدة اليمنية.
تصريحات طاهر طماح الذي أعلن قبل عامين تأسيس ما يسمى بـ"كتائب سرو حمير" لمقاومة السلطات في الجنوب، تضمنت مزاعم بأن اللقاء المشترك قدم بواسطة محمد غالب أحمد دعماً مالياً لبعض قوى الحراك لغرض إفشال بطولة خليجي 20.
هذه التصريحات التي تم نشرها في موقع إخباري موالٍ للسلطة، تحولت تلقائياً إلى أدلة تدين محمد غالب أحمد وتسوِّغ التنكيل به والتشهير به في وسائل الإعلام، وقد نسبت وسائل إعلام حكومية وموالية للسلطة إلى النيابة العامة قولها إن تصريحات طماح تضمنت معلومات خطيرة تكشف تورط اللقاء المشترك في حوادث تخريب وتشجيع أعمال خارجة عن النظام والقانون. كذلك صار "الإرهابي المطلوب إلى العدالة" مصدراً معلوماتياً موثوقاً لدى الأجهزة الأمنية والقضائية اليمنية.
هذه الأجهزة الساهرة على الأمن والسكينة والوحدة، لم تتحرك قبل أسابيع للتحقيق في أقوال مماثلة أدلت بها ناشطة حراكية للمحققين بشأن دعم تلقاه الحراك من شخصيات رفيعة في السلطة تنتمي إلى محافظات جنوبية. والشاهد هنا أن السلطة تستخدم مجدداً الأجهزة القضائية والأمنية للنيل من معارض سياسي دون اكتراث للتأويلات التي يمكن أن تثار بشأن صلة تربط هذا الإجراء الأمني غير المسبوق ضد محمد غالب أحمد، برغبة كبار المسؤولين في الدولة في عقابه بعد ساعات فقط من تعليق لهذا المعارض على جزئية وردت في خطاب الرئيس علي عبدالله صالح في افتتاح ندوة سياسية بجامعة عدن.
ومعلوم أن القيادي الاشتراكي انتقد بشدة ما ورد في خطاب الرئيس بخصوص دعم الحزب الاشتراكي لنظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين أثناء احتلال الكويت في خريف 1990. فقد اعتبر أن اتهام الاشتراكي بدعم الغزو العراقي للكويت، باطل، مذكراً قيادة المؤتمر الشعبي العام بأن شخصية
رفيعة في السلطة حضرت إلى مجلس النواب أثناء الغزو لإقناع المجلس بالرواية العراقية التي تزعم بأن الكويت جزء من العراق، وأن ما جرى ليس احتلالاً بل إعادة للكويت إلى حضن الوطن الأم.
ومن زاوية ثانية، فإن الرغبة الجامحة للنيل من محمد غالب أحمد بالاتكاء على تصريحات شخص مطلوب للعدالة، في وسيلة إعلامية مقربة من السلطة، تثير أسئلة حول أولويات السلطة في المرحلة المقبلة، خصوصاً وأن واقعة الاعتقال الكاشفة تصوِّر "المطلوب للعدالة" وكأنه جزء من أدوات السلطة لضرب معارضيها الحراكيين والمشتركيين على السواء.
مهما يكن من أمر، فإن الواقعة الكاشفة تفيد بأن "اللقاء المشتركـ" سيتصدر قائمة الأهداف الأمنية للسلطة خلال الأسابيع القادمة، خصوصاً وأن الواقعة جاءت بعد أسبوعين فقط من الاعتداء الخطير الذي استهدف الأمين العام للتنظيم الوحدوي الناصري سلطان العتواني، من قبل مجموعة مسلحة في قلب العاصمة صنعاء.
ومساء أمس، قالت اللجنة التحضيرية للحوار الوطني برئاسة محمد سالم باسندوة، إن اعتقال محمد غالب أحمد عضو اللجنة، يأتي على خلفية مواقفه الوطنية الشجاعة، داعية السلطة إلى سرعة الإفراج عنه، والكف عن تلفيق التهم السخيفة لقيادات وطنية.
ورأت اللجنة أن سياسات الترهيب والأكاذيب التي تُمارس ضد قيادات معارضة لن تمنح السلطة المشروعية، بل تكشف عن حالة الضعف والفشل التي تعيشها.
وكانت النيابة الجزائية المتخصصة قررت أمس احتجاز محمد غالب أحمد في البحث الجنائي لمدة أسبوع على ذمة التحقيق في القضية.
واعتبر مصدر مسؤول في الاشتراكي اعتقال القيادي الاشتراكي عملاً خطيراً يصعد من أجواء التوتر في البلد، وطالب بإطلاق سراحه فوراً ومحاسبة كل من شارك وساهم في هذا الفعل الشائن.
وتأتي واقعة الاعتقال في ظل حملة إعلامية رسمية ضد أحزاب اللقاء المشترك تصاعدت حدتها قبل 3 أسابيع عقب رفض المشترك الإجراءات الأحادية للسلطة بشأن التحضير للانتخابات النيابية
السلطة تصعد ضد "المشتركـ" وتعتقل قيادياً بارزاً في الاشتراكي غداة انتقاده خطاب الرئيس صالح
2010-12-28