قالت أسرته إنها بسبب سوء التشخيص والأخطاء الطبية
الطفل ربيع أُدخل إلى المستشفى مصاباً بحادث صدام وخرج منه مشلولاً وفقداً النطق
إب - إبراهيم البعداني
كان طفلاً بشوشاً، ذكياً ومثابراً، يحب اللعب والجد، دخل المدرسة كبداية للالتحاق بعالم آخر لتنمية مواهبه وفكره، ولتزيد معارفه وقدراته وتعرفه أكثر بكل ما يحيط به.
ربيع صادق الحداد من منطقة دار القدسي -مديرية المشنة م/إب، لم يكمل عامه الثامن. لكن ورغم صغر سنه كان تواقاً للمعرفة، ووجد في المدرسة مبتغاه، وكان يختلف عن كثير من الأطفال في مثل سنه، من خلال تلهفه وحرصه على الذهاب إلى المدرسة حين يستيقظ باكراً.
صباح ال18 من أكتوبر الماضي، وككل مرة، خرج ربيع من منزله مودعاً والدته التي كانت تقف خلف باب المنزل تترقب طفلها بعد إفطاره وهو يهرول بخطى سريعة نحو المدرسة والفرحة تغمرها.. لتعود إلى الداخل كعادتها تباشر عملها المنزلي، تنتظر عودة طفلها من المدرسة، حيث اعتادت استقباله كل يوم عند مدرج باب المنزل، تحمل منه حقيبته المحشورة بكتبه وألوانه، ولتبدأ معه فصلاً آخر يبدأ من تناوله طعام الغداء وحتى ساعات النهار، تتدارس معه وتعينه على المذاكرة. ذلك اليوم كان قد حمل فصلاً مختلفاً حين تأخر طرق الباب ككل مرة حين تعودت أم ربيع سماعها عند الظهيرة، ولأنها أرجعت تأخر طفلها ربما لانشغاله بأصدقائه.
لكن، وأثناء ما كانت منهمكة في إعداد الطعام، فاجأها صوت أتى من صوب باب المنزل يصيح: "ربيع صدم.. ربيع صدمته سيارة". ولا زال المنادي يصيح حتى وصل إلى مسامع أم ربيع المسكينة التي لم تتحمل هول الفاجعة ليغمى عليها.
في هذه الأثناء كان مواطنون متواجدين ساعة الحادث، قاموا بإسعاف ربيع إلى مستشفى النصر الأهلي بمدينة إب، ليدخل في العناية المركزة فاقداً الوعي لأكثر من 40 يوماً.
بعد ساعة من دخول ربيع إلى المستشفى وصلت والدته برفقة خاله جمال، وبالسؤال عن حالته أفادهم الطبيب الروسي المشرف على علاجه بأن ربيع مصاب بضربة بالرأس وكسر في اليد اليمنى.
مر أسبوع على وجود ربيع في العناية المركزة دون أن تتمكن أسرته من رؤيته، وكلما سألوا عن حالته تجيبهم إدارة المستشفى بأن حالته خطيرة ولا يمكن لأحد زيارته أو الاقتراب منه، مع تشديد وحرص إدارة المستشفى على مطالبة والد ربيع بسرعة دفع مبلغ 10 آلاف ريال يومياً إيجار الغرفة، ومبلغ 15 ألفاً بشكل يومي ثمن الأدوية التي يتم شراؤها من صيدلية المستشفى. مر الأسبوع الثاني والثالث والرابع دون أن تعلم أسرة ربيع شيئاً عن حالته، مكتفية بالاطمئنان عليه شفهياً من إدارة المستشفى التي تحرص على التزام أسرة ربيع بدفع المبالغ المالية اليومية.
وبعد مرور حوالي 45 يوماً من وجود ربيع في العناية المركزة، سمح لوالديه بالدخول وزيارته، لكن الدهشة كانت كبيرة عليهما حين وجدا طفلهما مستلقياً على سرير المرض دون تغيير شيء، وقد ازدادت حالته سوءاً، فأصبح جثة شبه هامدة لم تتمكن أسرته من معرفته، فقد هزل جسمه وتغير شكله وملامحه في حين يده المكسورة لم يتم معالجتها، وأصبحت شبه مفصولة عن جسده. ساعتها تساءل والداه عما كان يعمله الأطباء طيلة 45 يوماً، ليتوجه خاله جمال إلى الطبيب الروسي الذي أشرف على حالته، والذي بدوره أحاله إلى إدارة المستشفى للتفاهم مع المدير.
بعد لقاء جمال مع مدير المستشفى عبدالغني غابشة، نصحه بإخراجه من المستشفى واستكمال علاجه في البيت لأن حالته أصبحت ميئوساً منها.
لم يكن أمام أسرة ربيع سوى البحث عن حل سريع لإنقاذ حالة طفلهم الذي دخل إلى المستشفى مصاباً بكسور كان يمكن علاجها، ليخرج منه مشلولاً وفاقداً البصر وإصابته بتخلف عقلي.
توجه به والده وخاله إلى صنعاء وعرضه على مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا الذين طلبوا منهم دفع مبالغ طائلة لم يستطيعوا دفعها إلى المستشفى، لكن وحسب إفادة جمال أن أطباء مستشفى العلوم، وبعد اطلاعهم على حالته، أكدوا أن المستشفى الخاص الذي عالج ربيع سبب له عاهات جسيمة بسبب سوء التشخيص والأخطاء الطبية، مما نتج عنها فقده الكلام وتخلف عقلي وشلل، فيما كان يعاني من نزيف داخلي لم يتم التخلص منه.
بعدها عاد خاله به إلى إب وأدخله مستشفى الثورة لاستكمال العلاج ومحاولة لإنقاذ حياته.
حالياً تمكن الأطباء في مستشفى الثورة الحكومي بإب من معالجة النزيف الداخلي والكسور، لكن حالة ربيع أصبحت صعبة بسبب الإهمال الذي سببه له المستشفى الذي أسعف إليه بدايةً.
يحيى المجاهد أخصائي أمراض المخ والأعصاب بمستشفى الثورة، المشرف على علاج ربيع، أكد أن المستشفى الخاص سبب للطفل هذه العاهات. وحين حاولنا أخذ تصريح منه عن حالة ربيع تراجع ورفض الإدلاء أو الحديث عن الحالة بحجة أنه لا يستطيع أن يزعل صديقه مدير مستشفى النصر، الذي يعمل كذلك رئيساً لنقابة الأطباء بإب.
والدة ربيع التي كانت بجوار طفلها بمستشفى الثورة، وهي تذرف الدموع، تحدثت بمرارة عن حالة ولدها، موضحة أن ربيع كان طفلاً مرحاً بشوشاً يحب اللعب مع أصدقائه، وكان سعيداً جداً بذهابه إلى المدرسة التي دخلها لأول مرة.
وقالت إن حالة طفلها لم تتحسن، وأن إدارة المستشفى أعادته لها جثة هامدة، محملة المستشفى والطبيب الروسي مسؤولية ما تعرض له طفلها الوحيد.
أما خاله جمال الذي كانت تربطه بربيع علاقة حميمة، فقال إن ابن شقيقته أصبح ضحية من ضحايا الأخطاء الطبية التي تمارسها بعض المستشفيات الخاصة، متهماً مستشفى النصر بتعرض ربيع إلى ما يشبه التعذيب في هذا المستشفى، متسائلاً عن صمت وزارة الصحة التي لم تحرك ساكناً، ومتهماً إياها بأنها تتواطأ مع هذه المستشفيات التي حولت أطفالهم إلى فئران تجارب.
حالة ربيع ليست الوحيدة، فهناك عشرات الضحايا الذين فقدوا أجسامهم وأزهقت أرواحهم بسبب الأخطاء الطبية والتشخيص السيئ من قبل بعض المستشفيات الخاصة.
قالت أسرته إنها بسبب سوء التشخيص والأخطاء الطبية
2010-12-13