دحرجة كرة القدم بوصفها تكسير عظام!
أصبحت مفاهيم البيع والشراء وتعيين حكام كرة القدم وفق أهواء مزاجية عنواناً رئيساً للمرحلة الراهنة التي تعيشها كرة القدم اليمنية؛ ولقد أصبح تعيين المدربين لمعظم الفرق اليمنية من مهام رئيس الاتحاد أحمد العيسي، بالإضافة إلى مهامه في تحديد انتقالات اللاعبين من وإلى عدد من الأندية
سامي الكاف
يؤكد عدد من المتابعين لشؤون الرياضة في بلادنا أن الاتحاد العام لكرة القدم برئاسة أحمد العيسي لا يتمتع بأية مصداقية في إدارته لشؤون كرة القدم؛ في الواقع لطالما كان هذا الاتحاد مثار جدل غير منتهٍ، بخلاف أن قياداته لا تفي بوعودها التي عادة ما تطلقها في عدد من وسائل الإعلام، خصوصاً تلك المقربة منه أو تلك التي يمتلكها.
قبل سنة من الآن صغتُ مبتدأ العبارة السالفة بـ"يعتقد" بدلاً من "يؤكد"، دون أن أضيف شيئاً إليها؛ ولقد بقي الحال على ما هو عليه.
ثمة حقيقة يدركها كثيرون، وهي أن تطور كرة القدم لا بد أن يرتبط أولاً بإقامة مسابقات في الفئات العمرية قبل أي شيء آخر؛ فهي الرافد الأساسي لكل مسابقات الكبار.
ومنذ أن جاء هذا الاتحاد ليتولى شؤونه راح يطلق وعوده بإقامة مثل هذه المسابقات دون أن يفعل شيئاً من أجل أن تتحول وعوده تلك إلى أفعال.
انظروا: إلقاء نظرة على واقع كرة القدم اليمنية في الفئات العمرية يكتشف أنها تفتقد مسابقات على مستوى الجمهورية؛ كل ما هنالك ليس سوى مسابقات تقام بين الحين والآخر في عدد بسيط من المحافظات، وفوق ذلك تعج بأعمال تزوير فاضحة بشكل لافت للأنظار.
في الواقع لطالما نشرت وسائل الإعلام تصريحات سابقة لرئيس الاتحاد العام لكرة القدم أحمد العيسي عن عزمه إقامة مسابقات في فئتي الناشئين والشباب؛ بيد أن واقع الحال ظل على ما هو عليه: مجرد تصريحات اتضح لكثيرين أنها ليست سوى بالونات تم فرقعتها في الهواء..!
والآن لنتابع ما يؤكد أن هذا الاتحاد فعلاً لا يتمتع بأية مصداقية من أي نوع في ما يخص المسابقة الأهم، وهي دوري الدرجة الأولى لكرة القدم.
قبل نحو أكثر من عام كان الأمين العام لاتحاد كرة القدم حميد شيباني يؤكد على إقامة دوري المحترفين الذي يسعى الاتحاد اليمني لكرة القدم إلى إقامته بصورة رسمية خلال العام 2011.
تحديداً: ظهر الشيباني في عدد من وسائل الإعلام، كما هو كذلك على الموقع الالكتروني لاتحاد كرة القدم، بتاريخ 22/7/2009، بثوب ثقة لطالما اعتاد ارتداءه بزهو طاووسي، قائلاً: "إن الموسم الكروي الجديد سيشهد تطبيق العديد من المعايير الاحترافية التي باتت مطلباً مُلحاً وفق التعليمات الصادرة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم".
الشيباني -وهو الذي يمسك معظم أمور اتحاد كرة القدم بكلتا يديه بدعم رئيسه أحمد العيسي، مُهمشاً الآخرين بمن فيهم نائبا العيسي فتحي عبدالواسع وجمال حمدي- كان يقصد الموسم الفائت، وليس الدوري الذي انطلق يوم الخميس الفائت الموافق 28/10/2010..!
ومن يتابع أوضاع الأندية اليمنية سيكتشف بسهولة أنه ليس هناك أي نادٍ يمني مؤهل للإيفاء بمتطلبات الاحتراف التي يتم تطبيقها على مستوى القارة الصفراء، ولو في حدها الأدنى كامتلاك ملاعب عشبية خاصة بها تحتوي على 5 آلاف من المقاعد المرقمة كحد أدنى بخلاف غرف للاعبين والحكام والطب والإعلام.
ومع ذلك؛ كان الشيباني يؤكد: "أن الشروط الاحترافية أصبحت إلزاماً ولا يمكن التهاون فيها بأي شكل من الأشكال، لأنه لا يمكن للكرة اليمنية أن تتطور بمفردها ولكن من خلال مواكبة متطلبات الاحتراف التي يتم تطبيقها على مستوى القارة الصفراء كسبيل وحيد للتطور"، ومع ذلك يُمكن للمتابع أن يكتشف أن حال الأندية عموماً "لم يشهد أي تغيير حتى الآن باستثناء تلك الملاعب التي تم تعشيبها استعداداً لخليجي 20، والتي من المفترض بعدد من أندية عدن الاستفادة منها تالياً".
لكن في الواقع لم يتغير شيء بالنسبة إلى معظم أندية الدرجة الأولى لكرة القدم؛ ومن سيتوجب عليه تمثيل أندية عدن في هذا الدوري هو نادي التلال فقط.
ولقد انقضى الموسم الكروي الفائت دون أن يلمس أحد أي تطور ليكون قاعدة لانطلاق دوري المحترفين الذي عناه الشيباني العام الفائت في أطروحاته؛ على الرغم من أن الشيباني قال وقتها بالنص: "إن تطبيق دوري المحترفين أمر لا بد منه كونه أصبح واقعاً لا يمكن تغييره، وهو ما يتطلب المبادرة لتفادي الاستبعاد الآسيوي للأندية اليمنية من البطولات الآسيوية المختلفة".
الوقائع القائمة على الأرض تؤكد أن الاتحاد العام لكرة القدم برئاسة أحمد العيسي ما زال يعاني إدارياً بشكل لا يمكن تجاهله؛ يعتقد عدد من المتابعين ممن تحدثوا لـ"النداء" أخيراً أن سلبيات الدوري الفائت، على سبيل المثال لا الحصر، تأجيل عدد من المباريات دون أسباب وجيهة، ما زالت عالقة في الأذهان، مثلما هو الأمر كذلك مع ما سبق من مسابقات.
في الواقع، لقد أصبحت مفاهيم البيع والشراء وتعيين حكام كرة القدم وفق أهواء مزاجية عنواناً رئيساً للمرحلة الراهنة التي تعيشها كرة القدم اليمنية، بخلاف العشوائية التي تسيطر على كثير من مفاصل العمل في الاتحاد العام لكرة القدم؛ ولقد أصبح تعيين المدربين لمعظم الفرق اليمنية من مهام رئيس الاتحاد أحمد العيسي، بالإضافة إلى مهامه في تحديد انتقالات اللاعبين من وإلى عدد من الأندية..!
ومع هذا؛ يعتقد الأمين العام لاتحاد كرة القدم الدكتور حميد شيباني، أن "الدوري في الموسم قبل الفائت حقق نجاحاً كبيراً في الآونة الأخيرة من حيث مدته الزمنية بالنظر إلى مواسم سابقة كانت تقام خلال فترة زمنية طويلة" كما جاء نصاً في تصريحه سالف الذكر؛ لم يتحدث الرجل عن النجاح المزعوم في الموسم الفائت.
العام الفائت وعد الشيباني بأن "الموسم -الذي مضى- سيشهد تطبيق العديد من المعايير الاحترافية التي باتت مطلباً مُلحاً وفق التعليمات الصادرة من الاتحاد الآسيوي لكرة القدم".
لكن على أرض الواقع تبدى الأمر على نحو مغاير تماماً؛ لا شيء البتة دل على قدرة الاتحاد العام لكرة القدم على تطبيق مثل هذه المعايير الاحترافية التي تحدث عنها الشيباني وطالب بها.
انظروا -مثلاً- إلى الحقيقة التالية: لا أحد في الأندية اليمنية مهتم بمثل هذه المعايير الاحترافية التي يطالب بها الاتحاد الآسيوي، أو حتى يود معرفتها، فأي تحرك عملي في هذا الاتجاه مفقود تماماً.
ومع ذلك؛ يقول الشيباني، في تصريح صحفي نشرته وسائل إعلام حكومية في وقت سابق: "إن الشروط الاحترافية أصبحت إلزاماً ولا يمكن التهاون فيها بأي شكل من الأشكال، لأنه لا يمكن للكرة اليمنية أن تتطور بمفردها ولكن من خلال مواكبة متطلبات الاحتراف التي يتم تطبيقها على مستوى القارة الصفراء كسبيل وحيد للتطور".
ويضيف: "أن تطبيق دوري المحترفين أمر لا بد منه كونه أصبح واقعاً لا يمكن تغييره، وهو ما يتطلب المبادرة لتفادي الاستبعاد الآسيوي للأندية اليمنية من البطولات الآسيوية المختلفة".
ولكن كيف هو حال الأندية اليمنية..؟!
حسناً.. ثمة حقيقة لا يمكن القفز فوق حروفها: إن العبء المالي لهذه الأندية لطالما كان وما زال يثقل كاهلها تماماً نظراً لحقارة المخصصات المالية المرصودة قياساً بما هو مطلوب من هذه الأندية، بخلاف أن وضعها عموماً لم يشهد أي تغيير، أياً كان؛ ليس هناك أي نادٍ يمني مؤهل للإيفاء بمتطلبات الاحتراف التي يتم تطبيقها على مستوى القارة الصفراء، ولو في حدها الأدنى، كامتلاك ملاعب عشبية خاصة بها تحتوي على 5 آلاف من المقاعد المرقمة كحد أدنى، بخلاف غرف للاعبين والحكام والطب والإعلام، باستثناء ناديين أو ربما 3.
ومع هذا؛ دعا حميد أندية الدرجة الأولى إلى "مواكبة المعايير الاحترافية الجديدة والعمل بصورة احترافية في الجوانب الإدارية والفنية مما يسهل عملية الانتقال التدريجي إلى دوري المحترفين الذي يسعى الاتحاد اليمني لكرة القدم إلى إقامته بصورة رسمية خلال العام 2011 من خلال استحداث رابطة المحترفين بمشاركة الأندية التي تمتلك الإمكانات والشروط التي تتطابق مع مواصفات الأندية المحترفة المصنفة من الاتحاد الآسيوي، والتي تمتلك إدارات نموذجية وملاعب معشبة وكل المقومات الاحترافية المطلوبة".
انظروا: لم يتبق من العام الحالي 2010م غير شهرين وحسب..!
هل يتذكر أحدكم الآن تهديد حميد شيباني الذي أطلقه العام الفائت قبيل انطلاقة موسم دوري الدرجة الأولى لكرة القدم، وقد توج بلقبه الصقر..؟!
"لن تقام أي مباراة في دوري الدرجة الأولى إلاّ على ملاعب معشبة صناعياً أو طبيعياً، حيث سيتم نقل مباريات الفريق الذي لا يمتلك ملاعب معشبة إلى أقرب محافظة يوجد فيها ملعب معشبـ".
بيد أن ما جرى على أرض الواقع وتوقعناه كان على النحو التالي: جرت كل المباريات كما جرت سابقاتها في الأعوام الفائتة؛ على ملاعب ترابية كما في محافظة البيضاء، وسيئون.
والناظر إلى حال الأندية اليوم، في وقتنا الراهن؛ ستبدو المشكلة بالنسبة إليه أعقد مما يتصورها قياساً بأي متابع عادي لكرة القدم اليمنية؛ فكل أندية دوري الدرجة الأولى لكرة القدم لم تستعد للدوري الذي انطلق الخميس الفائت. لم تستعد إطلاقاً.
ولقد تبدت مثل هذه المشكلة -اللعب على ملاعب ترابية- على نحو جلي حين قرر اتحاد كرة القدم فجأة نقل مباريات فريق شباب البيضاء إلى ذمار، في حين رد الأخير بقرار انسحابه من الدوري بحجة أنه غير مسؤول عن عدم امتلاكه لملعب معشب حتى الآن، قبل أن يتدخل آخرون لتهدئة الأمور؛ وهذا يعني: استمرار إجراء مباريات على ملاعب ترابية، حيث لعب شباب البيضاء على ملعبه الترابي، وفاز على ضيفه الرشيد بهدف دون رد.
يقول نائب رئيس نادي الصقر وهو بطل الدوري في نسخته الفائتة، في تصريح صحفي، إن الدوري هذا الموسم "سيكون كارثة على الأندية والرياضة اليمنية".
يرى رياض الحروي أن الأندية لم تستعد لهذا الدوري، بل ولم تبدأ مرحلة إعداد كما هو مفترض. وهذا أمر صحيح تماماً.
ينطلق الحروي في رؤيته للموضوع في أنه يرى إعداد فريقه الصقر، وهو من وجهة نظره من أغنى الأندية، لم يتم بالشكل المطلوب؛ فالفريق لم يخض غير مباراة ودية واحدة، وأصلاً لم يبدأ الصقر مرحلة استعداده للدوري إلاّ بعد عيد الفطر، ف"كيف ببقية الأندية الفقيرة" حسب ما جاء في تساؤله لـ"سبورت".
والسبت قبل الفائت، كان اتحاد كرة القدم يقر انطلاق دوري الدرجة الأولى بحيث تكون أولى مبارياته يوم الخميس الفائت 28/10/2010، على أن تنتهي مرحلة الذهاب يوم 10 فبراير 2011، ويتم منح الفرق راحة لمدة 20 يوماً، وتتم خلال تلك الفترة عملية الانتقالات الشتوية للاعبين، بالإضافة إلى إقامة تصفيات الدور التمهيدي من بطولتي كأس فخامة رئيس الجمهورية، وكأس الوحدة خلال الفترة 17 - 25 فبراير 2011.
لاحظوا: لم يتم الإشارة إلى التأجيل المفترض بسبب قيام بطولة خليجي 20..!
عوضاً عن ذلك؛ أكد الشيباني أنه "سيتم تدشين دوري المحترفين ابتداءً من الموسم المقبل 2011/2012، بإقامة النسخة الأولى من الدوري اليمني للمحترفين بمشاركة 8 أندية مؤهلة للدوري، حيث سيتم إنشاء رابطة تتولى مهام تنظيم دوري المحترفين والإشراف عليه، وسيقام دوري المحترفين بجانب دوري الدرجة الأولى وكذلك دوري الدرجة الثانية".
عملياً مثل هكذا قرار يعني إضافة أعباء مالية سيتوجب على الأندية اليمنية تحملها فوق ما هو ما موجود. إن ذلك يعني بعبارة أخرى أكثر دقة: بدء مرحلة تكسير عظام الأندية.
انظروا: حسب اتحاد كرة القدم س"يحق لأي فريق مشارك في دوري المحترفين المشاركة أيضاً بفريق رديف في دوري الدرجة الأولى.. كما أنه سيتم إتاحة المجال لانضمام فرق أخرى لدوري المحترفين بشرط أن تتوافر لديها المعايير الاحترافية المطلوبة من الاتحادين الدولي والآسيوي لكرة القدم"؛ وهذا هو الآخر أمر من شأنه أن يعمل على إحداث هوة كبيرة بين الفرق اليمنية من شأنها أن تزيد تعقيداً فوق ما هو حاصل في ما بينها..!
دحرجة كرة القدم بوصفها تكسير عظام!
2010-11-02