هل توجد توسعة للمقابر في عدن؟
خبير جيولوجي: ما يحدث للمعالم في عدن ضرب تحت الحزام وجرائم
بيئية لا يجوز السكوت عليها ويجب إيقاف هذا العبث المتواصل
* عدن - فؤاد مسعد:
قال الخبير الجيولوجي معروف إبراهيم إن معالم عدن الطبيعية والتاريخية تتعرض لطمس وتشويه واعتداءات متواصلة من شأنها إلحاق الأضرار الفادحة في البيئة والتأثير السلبي على حاضر المحافظة ومستقبلها.
ووصف إبراهيم الذي يرأس فرع الجمعية اليمنية الجيولوجية بعدن، ما تتعرض له تلك المعالم بالضرب تحت الحزام، مشيرا إلى أن غالبية الاعتداءات تأتي من نافذين وبأوامر وتوجيهات عليا، مستعرضا جملة من الاعتداءات التي توصف بجرائم بيئية لا يجب السكوت عليها.
وأضاف في محاضرة نظمها أمس الأول ائتلاف الشباب للدفاع عن حقوق الإنسان، أن معالم عدن التي تتعرض للطمس والتشويه تتميز عن غيرها من المعالم في كونها تقوم بدور وظيفي مستمر حتى الوقت الحاضر، واستدل على ذلك بالصهاريج والسدود ومجاري السيول وغيرها من الآثار التي يبلغ عمر بعضها مئات السنين.
وأوضح أن ما يحدث بين الحين والآخر في مدينة عدن من كوارث (كوارث السيول فبراير 1993 وفبراير 2010) ما هي إلا نتائج للتهاون في منح تراخيص في أماكن يحرم القانون منح تراخيص فيها، واستدرك قائلا: إن بعض المسؤولين لأجل الحصول على الفتات من أصحاب البسطات يمنحونهم تراخيص للبناء في مناطق تعرف للجميع بأنها واقعة ضمن مجاري السيول. مشيراً إلى حادثة حريق السيلة الذي شمل عشرات المحلات الواقعة على ضفتي السيلة في كريتر باعتبارها دليلا آخر على مدى الإهمال والاستهتار في التعامل مع قضايا لها خطورتها البالغة.
وفي سياق استعراضه لأهم المعالم التاريخية التي تعرضت للطمس بالكامل، أشار إلى مسجد أبان بكريتر الذي تعود تسميته لأبان بن الحكم بن عثمان بن عفان قبل أكثر من 1200 سنة، حيث تم هدمه وأعيد بناؤه بشكل آخر لا صلة له بالطابع المعماري الذي عرف به لفترة طويلة.
كما أشار إلى المسجد الكبير (ميدان الحبيشي حاليا) والمدرسة الياقوتية التي تشير بعض المراجع التاريخية إلى أنها بنيت قبل 500 سنة.
وبخصوص المخطط العام للمدينة يقول معروف إبراهيم إن المخطط الرئيس المقر في 2005 كان قد وضعه الإنجليز في ستينيات القرن الماضي، كما أقره الروس أواخر الثمانينيات، إلا أنه لم يسلم من التجاوزات التي لا تلتزم بمضامينه، وهو ما يؤدي إلى تشويه المنظر العام لعدن، مشيرا إلى أن الخلل والقصور يكمن في التعامل السلبي مع المخطط من قبل الجهات الرسمية المختصة التي كان ينبغي عليها المحافظة على المخطط الذي صار وثيقة مقرة رسميا بعد إقراره في 2005، ناهيك عن وجود حزمة من القوانين تحرم المساس بتلك المخططات.
وأشار إلى كثير من المعالم الطبيعية والتاريخية التي حصل نافذون على توجيهات عليا تقضي بصرفها لهم على الرغم مما تمثله تلك المعالم وما سوف يلحق المدينة ومناظرها الجمالية من تشوهات جراء تلك الممارسات، مؤكدا أن المنطقة المعروفة بـ"ظهر الفيلـ" في خليج الفيل تم صرفها، ولولا أن تلك الخطوة قوبلت باعتراض ورفض الجميع لتم العبث بذلك الموقع المتميز كما فعل الآخرون بغيره من المواقع.
وقال: صيرة تتهدم، والمجلس التشريعي (أول برلمان في الجزيرة العربية) لا أحد يسأل عن مصيره، وبعض السدود القديمة أعيد تأهيلها بطريقة أساءت لها وشوهتها وأفقدتها دورها الوظيفي الذي ظلت تمارسه منذ القدم.
وأبدى الخبير الجيولوجي تخوفه مما يتهدد هضبة عدن من مخاطر نتيجة أن البعض ينظر إليها في الوقت الحاضر كمكان مناسب للاستثمار ما يعني أنها ستكون عرضة للاعتداء إذا لم يتم تدارك الأمور، سيما وأن أي اعتداء فيها سيؤدي للإخلال بالمجاري الطبيعية التي تكونت خلال 5 ملايين سنة.
واستعرض ابراهيم في محاضرته جملة من المخاطر الناتجة عن الاعتداءات المتواصلة على المعالم في عدن، وذكر منها: الفيضانات التي عزاها لإغلاق مجاري السيول، إضافة للانهيارات والانزلاقات الصخرية التي قال إنها بسبب حت الحواف الصخرية والبناء في المنحدرات، كما أشار إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع منسوب المياه وطغيانها الناتج عن ردم الشواطئ، كما تحدث عن النشاط الزلزالي الذي قال إنه نشاط مستمر في خليج عدن.
وفي ختام محاضرته دعا معروف إبراهيم الذي يعد من أبرز الناشطين في مجال البيئة، الجميع للمحافظة على تلك المعالم وإنقاذ ما يمكن إنقاذه إن لم يكن من باب رد الاعتبار للأجداد المؤسسين، فليكن بدافع الحرص على حاضر ومستقبل الأجيال التي تتهددها أخطار متعددة.
وقال إن مسؤولا في محافظة عدن قال في لقاء رسمي إن جميع أراضي عدن تم صرفها دفتريا، ما جعل البعض يتساءل: ترى هل وضعوا بعين الاعتبار إمكانية توسعة المقابر؟
وفي تصريحه لـ"النداء" قال إن على الكل أن يتنبهوا لتلك الأضرار التي نجمت وتنجم عن الاعتداءات المتكررة على البيئة والمعالم التي أضفت على المدينة بعدا جماليا لمئات السنين، معبرا عن استعداده من خلال موقعه ومعه جمعيات مهتمة بالبيئة وناشطون، لإطلاع الرأي العام على ما تتعرض له محافظة عدن بشكل عام من ممارسات تضر البيئة وتشوه المنظر العام، كما تحرم عدن من أهم خصائصها وسماتها التي احتفظت بها على امتداد فترة طويلة من الزمن.
وتأتي هذه الفعالية في سياق سلسلة فعاليات يقيمها ائتلاف الشباب للدفاع عن حقوق الإنسان، ويهدف من خلالها لتوعية المجتمع بقضايا الحفاظ على البيئة وحماية الآثار والمعالم الطبيعية التي تتعرض للاعتداء والتشويه كما حدث في ما عرف بقضية ردم البحر التي نجح الائتلاف مع جمعية حماية البيئة في استصدار حكم ألزم المنطقة الحرة بعدم ردم البحر في المناطق التي كانت محل نزاع بين المنطقة الحرة ونافذين من جهة، والائتلاف وجمعية حماية البيئة من جهة ثانية.
وترأس الائتلاف الذي ينشط في عدن ومحافظات أخرى، المحامية والناشطة الحقوقية عفراء الحريري، ويضم عددا من المحامين والإعلاميين والناشطين الحقوقيين في محافظات عدن وأبين ولحج والضالع.
هل توجد توسعة للمقابر في عدن؟
2010-08-23