معتقل يروي تفاصيل الإجهاز على حياته
أقارب القتيل درويش يتهمون الأمن بتعذيبه ومشترك عدن
يدعو السلطة لتشكيل لجنة تحقيق في أسباب الوفاة
* "النداء" - عدن
قررت أسرة القتيل أحمد درويش تشييع جثمانه بعد غد الأربعاء الذي يصادف 7/7، وهو اليوم الذي اعتادت مكونات الحراك الجنوبي على إحيائه بفعاليات احتجاجية تندد بالسلطة وتطالب بالانفصال. وكان درويش توفي في سجن البحث الجنائي بخور مكسر بعد يوم واحد من اعتقاله مع عشرات المواطنين على خلفية الهجوم الذي تعرض له مقر الأمن السياسي بالتواهي صبيحة السبت 19 يونيو الماضي، حيث قام الأمن بحملة مداهمات واعتقالات في عدد من أحياء خور مكسر. وشملت الاعتقالات العشرات من الشباب، وذلك بحجة البحث عن مطلوبين أمنيا، بينما ينفي المواطنون أية علاقة تربط المعتقلين بتنظيم القاعدة، أو أن يكونوا قد قاموا بأعمال مخالفة للقانون.
وأدت تلك الحملة لاحتجاجات واسعة من قبل المواطنين الذين تجمعوا بعد تنفيذ الأمن للاعتقالات، وقاموا بقطع الطريق العام في حي السعادة بخور مكسر، إلا أن خبر وفاة أحمد درويش في السجن بصورة مفاجئة (بعد ظهر الجمعة)، ألهب مشاعر الغضب لدى أبناء حي السعادة والأحياء المجاورة، حيث شرعوا في قطع الطريق العام، مما أدى لاحتدام الموقف وتطور لاحقا لمواجهات عنيفة بين الأمن ومسلحين استمرت عدة ساعات، قبل أن يتدخل وجهاء وشخصيات اجتماعية لاحتواء الموقف.
ومن جهتها، قامت أسرة القتيل بنصب خيمة عزاء لاستقبال المعزين والمتضامنين، كما رفضت الأسرة استلام مبالغ مالية كان المحافظ عدنان الجفري عرضها عليهم، وأصرت الأسرة على المطالبة بلجنة تحقيق في وفاة ابنها البالغ من العمر 26 عاما. وقد توافد مئات المتضامنين إلى خيمة العزاء التي أقيمت في حي السعادة بخور مكسر، معبرين عن تضامنهم مع أسرة القتيل، ومطالبين بتحقيق جدي في القضية.
وقال لـ"النداء" أحد المعتقلين إنهم بعد ساعات من اعتقالهم طلبوا من جنود السجن أن يعطوهم ماء للشرب، وهو ما رفضه الجنود وإدارة السجن، وأضاف: بعدها فوجئنا بمجموعة من الجنود يأتون لانتزاع أحمد درويش (المتوفى) واقتادوه لزنزانة انفرادية مجاورة، وهناك باشروا تكبيله وتعذيبه مستخدمين آلات حادة، بينما كنا نسمع صراخه واستغاثاته وهو يطالبهم بشربة ماء وهم لا يكفون عن تعذيبه بقسوة، وكانوا يسمعون أحد ضباط السجن يصرخ في الجنود كي يواصلوا تعذيبه.
وقال الشاب "ع.ح.م" إن أحمد درويش عاد إليهم منتصف الليل وهو يعاني من شلل نصفي جراء تعرضه للتعذيب.
أخوه أنور زاره صباح اليوم التالي (الجمعة) ففوجئ أن شقيقه لم يعد قادرا على الحركة، وحين سأله عما إذا كان تعرض للتعذيب أخبره أنه تعرض لتعذيب استمر لعدة ساعات أثناء الليل، وقال لشقيقه وبقية المعتقلين إنهم حقنوه بإبرة جعلته يتقيأ دما وتظهر على فمه رغوة صفراء، بحسب ما ذكر المعتقل الذي كان يرافقه حتى الساعات الأخيرة من حياته، ويضيف قائلا: وعندما لاحظنا تدهور حالته الصحية بشكل مفاجئ كررنا على إدارة السجن طلب نقله للعلاج، إلا أن إدارة السجن رفضت ذلك رفضا قاطعا، حتى فوجئنا بعد ذلك بما يقارب ساعتين بوفاته.
وكانت المنظمة اليمنية للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية قالت إنها تلقت شكوى من أسرة القتيل الدرويش تفيد بأنه اعتقل دون أمر قضائي أو أي استدعاء مسبق، وأنه تم التحقيق معه من قبل أجهزة الأمن باستخدام أبشع أنواع التعذيب، حسبما ذكر بلاغ المنظمة، إضافة إلى ما ذكر شقيق القتيل أنه تم حقنه بحقنة سامة حسب قوله.
إلى ذلك، أفرجت الأجهزة الأمنية بعدن عن جميع المعتقلين ممن كانت وصفتهم بالمطلوبين، وقالت مصادر مؤكدة إن أمن عدن أفرج مساء أمس الأول عن آخر دفعة من المعتقلين على ذمة الأحداث الأخيرة، فيما كان عدد من المعتقلين قد أطلق سراحهم فور وفاة درويش، وأطلق سراح آخرين في اليوم الثاني، وبخروج وائل ميسري وعبدالله حسن ميسري يكون قد تم الإفراج عن جميع المعتقلين.
وإزاء اتهام أقارب القتيل لأمن عدن بتعذيب ابنهم حتى الموت فإن الأمن اكتفى بالقول إن درويش توفي بسبب إصابته بمرض الربو.
وبخصوص التطورات الأخيرة التي شهدتها عدن، فقد عبرت لجنة الحوار الوطني وأحزاب اللقاء المشترك في عدن عن انزعاجها لتسارع وتيرة الأحداث في مدينة عدن، وبصورة قالت إنها تدعو إلى القلق على أمن ومستقبل هذه المدينة كعاصمة اقتصادية وتجارية ومنطقة حرة تنتظر احتضان خليجي 20.
واستنكرت في بيان مشترك ما وصفته بالأسلوب التعسفي الاستفزازي الذي قالت إن أجهزة الأمن سلكته في إدارتها للأزمة وقمعها للمواطنين. كما دعت رئيس وأعضاء المجلس المحلي بالمحافظة للقيام بواجبهم وتشكيل لجنة تحقيق محايدة وبمشاركة أحزاب اللقاء المشترك ومنظمات المجتمع المدني للتحقيق في الأحداث التي شهدتها مديرية خور مكسر، وكذا تشكيل لجنة طبية مختصة تحظى بموافقة وقبول أولياء دم المعتقل المتوفى "أحمد درويش".
وحمل مشترك عدن السلطة مسؤولية حرمان عدن من استضافة خليجي 20، وقال إن مؤامرات في الخفاء لهذا الحرمان بدت تتكشف حلقاتها بدءا بالحملة العسكرية التي شنتها السلطة على منزل ومقر صحيفة "الأيام"، بما فيها أطفال ونساء متضامنين مع الصحيفة، وبمختلف أنواع الأسلحة، واعتقال هشام باشراحيل ونجليه هاني ومحمد والمتضامنين، وما تلى ذلك من استخدام للقوة المفرطة لقمع كافة الفعاليات السلمية الاحتجاجية على هذه الحملة، وعلى تردي الخدمات الأساسية في المحافظة كانقطاع خدمات الكهرباء والمياه، وما نتج عنها من حالات قتل خارج القانون طالت عددا من المواطنين.
وأكد البيان تضامن المشترك ولجنة الحوار مع حق المواطنين في الاعتصامات والاحتجاجات السلمية ومساندتهما لصحيفة "الأيام"، مطالبا السلطة بصرف جواز سفر لهشام باشراحيل والسماح له بالسفر للعلاج في الخارج.
وقال البيان "إن محاصرة الأجهزة الأمنية حي السعادة في مديرية خور مكسر بالأطقم العسكرية والأسلحة الثقيلة ومداهمة المنازل واعتقال عشرات المواطنين أظهر عجز وتخبط هذه الأجهزة في صورة مفضوحة، ناشرة الرعب والهلع في صدور الأطفال والنساء وكبار السن، مسببة القلق لطلاب الثانوية العامة من البنين والبنات".
معتقل يروي تفاصيل الإجهاز على حياته
2010-07-06