صنعاء 19C امطار خفيفة

الإبادة الإسرائيلية مستمرة على قطاع غزة دون رادع

هل من فكاك من قبضة المشاريع الاستعمارية الصهيونية الهادفة إلى تقسيم المنطقة العربية التي يعاني معظم دولها من صراعات داخلية -داخلية، وخارجية -داخلية؟


من الجدير بالذكر، أن المخططات الصهيونية المصاغة رسميًا في السبعينيات من القرن الماضي، وتحديدًا بعد حرب أكتوبر 1973م، الحرب التي فرضت واقعًا عربيًا موحدًا، تمثل بحظر النفط العربي على الدول الغربية الداعمة لإسرائيل، تضامنًا مع مصر في حربها ضد العدو الإسرائيلي المحتل، وكان للحظر أثره البالغ على الغرب، كما كان له تداعياته الانتقامية على المنطقة في ما بعد، فقد عمدت الولايات المتحدة الأميركية إلى نشر الفوضى الخلاقة منذ العقد الثامن للقرن الـ20، بغية إحكام قبضتها على المنطقة من المحيط إلى الخليج، ومن بحر العرب إلى البحر المتوسط، وبخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق 1991م، ناهيك عن المحاولات الجادة في الحد من تنافس الصين الاقتصادي والتجاري، والشروع في بدء تنفيذ مشروع الشرق الأوسط الاستعماري الصهيوني الجديد وصفقة القرن.
وفي نفس السياق، تقديم التسهيلات الأميركية اللازمة لإسرائيل في اعتداءاتها المستمرة على قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، والتوسع الاستيطاني في الأراضي العربية الفلسطينية بالقوة الغاشمة، ناهيك عن اعتراف الإدارة الأميركية مؤخرًا بالقدس الموحدة عاصمة لدولة الاحتلال، يضاف إلى ذلك ما يرتكب اليوم من اعتداءات إسرائيلية سافرة وإبادة جماعية للسكان في قطاع غزة و الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتجريف وتدمير البنى الأساسية للقطاع، تحديًا للعالم الذي يعارض تلك التصرفات الوحشية.. إن كل تلك الاعتداءات ما كانت لتحدث لولا المساندة والدعم العسكري والسياسي الأميركي، مما يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والقوانين الدولية ذات الصلة، وتشجيعًا لدولة مارقة تجاوزت بجرائمها تاريخ الإنسانية.
وثبت بما لا يدع مجالًا للشك، أن العدو الإسرائيلي منذ أن حل في الأراضي الفلسطينية عام 1948م، بقرار من مجلس الأمن وفي أرض ليست أرضه، أصبح يمثل أخطبوطًا مزعجًا على استقرار المنطقة برمتها، فلم يتقيد بالقوانين والمواثيق الدولية، ولا بالاتفاقيات والمعاهدات والمبادرات الإقليمية والدولية، ومايزال رافضًا قرارات حل الدولتين: فلسطينية على حدود 4 يونيو 1967م، وأخرى إسرائيلية، تعيشان جنبًا إلى جنب.
إن ما يحدث اليوم من قبل الولايات المتحدة الأميركية بالذات هو تكريس الضغوط على دول المنطقة للتطبيع الشامل مع العدو الإسرائيلي المحتل، تأسيسًا على ما تسمى الوثيقة الإبراهيمية، أو اتفاقات إبراهام بالعبرية، انتسابًا للنبي إبراهيم -عليه السلام- كمرجع للديانات السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام، وتسمى الديانات الإبراهيمية، استخدمت هذه التسمية لأول مرة في بيان مشترك لإسرائيل والإمارات العربية المتحدة، في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، صدر في 3 أغسطس 2020م، ثم بين إسرائيل والبحرين. وتمت تسمية الاتفاقيتين بمعاهدتي إبراهيم للسلام، رعتهما الولايات المتحدة الأميركية، وأعلنت عنهما رسميًا بحضور المطبعين، في 11 سبتمبر 2020م.. والهدف هو التطبيع السياسي، والاقتصادي، والعسكري، والأمني بين المطبعين، وهو مشروع توسعي يضاف إلى المشروع المزعوم "إسرائيل من النيل إلى الفرات". ولا ننسى أيضًا خطورة "مشروع بن غوريون" المنافس لقناة السويس، والمزمع إقامته عبر "الإمارات" إلى "إيلات" ثم "النقب" حتى ميناء "تل أبيب" على البحر الأبيض المتوسط.
ويرى مراقبون أن "ميناء غزة" الذي تجهزه الولايات المتحدة الأميركية حاليًا لاستقبال المساعدات الإغاثية لقطاع غزة، تحت إشراف قواتها، ربما يكون الميناء البديل لمشروع بن غوريون على البحر الأبيض المتوسط.
ويحضرني في هذا الصدد، أن أقدم كعبرة بعض أبيات من قصيدة "الفردوس المفقود" لرئيس الوزراء السوداني المهندس والكاتب والمحامي والأديب محمد أحمد المحجوب، الذي حضر مؤتمرًا في إسبانيا عام 1965م، وأثناء زيارته لبعض المناطق، جعلته يتذكر الحضارة العربية -الإسلامية في الأندلس (إسبانيا والبرتغال)، وأمجاد الأمة ومآثرها خلال ثمانية قرون (30 أبريل 711 - 2 يناير 1492م)، قائلًا:
نزلت شطك بعد البين ولهانا
فذقت فيك من التبريح ألوانا
أبا الوليد أعني ضاع تالدنا
وقد تناوح أحجارًا وجدرانا
هذي فلسطين كادت والوغى دول
تكون أندلسًا أخرى وأحزانا
كنا سراة تخيف الكون وحدتنا
واليوم صرنا لأهل الشرك عبدانا
نغدو على الذل أحزابًا مفرقة
ونحن كنا لحزب الله فرسانا
لهفي على القدس في البأساء دامية
نفديك يا قدس أرواحًا وأبدانا
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ستصل الأمة العربية إلى وضع يفقدها مكانتها بين الأمم، وعندها من الإمكانيات والمقدرات وعوامل الوحدة ما تفوق بها دول الغرب والشرق؟

تصنيفات

إقرأ أيضاً