قرأت بإمعان ما كتبه اليوم السبت 18 مايو 2024، الصديق والأخ العزيز المصرفي القدير محمد نجيب سعد، تحت عنوان "بنوك التحالف وحتمية إنقاذ القطاع المصرفي الوطني". ولأن المقال وبما تضمنه من أفكار ومقترحات نرى ضرورة الاهتمام بما كتب ومحاولة الاقتراب نقاشًا وتفنيدًا توخيًا لما هو في مصلحة البلد واقتصاده الوطني وقطاعه المصرفي، وبهذا الصدد نود التأكيد على ما يلي:
أولًا: توجيه الشكر للأخ محمد لإثارته مثل هذا الأمر، أي محاولة البحث عن حلول تساعد القطاع المصرفي الوطني.
ثانيًا: الوقوف أمام مقترحاته التي يمتلك وحيدًا الأسباب التي استند عليها لطرح مثل هذه المقترحات، وأخطرها تصل لحيازة القطاع المصرفي للدولتين اللتين أشار إليهما، مع حذره المسبق حين طالب البنك المركزي اليمني عدن بجدية دراسة ما طرحه بهذا المضمار.
ثالثًا: إن طروحات الأخ محمد ببعديها المالي والمصرفي من المؤكد ستثيران روحًا من الجدل والنقاش المفضي تأكيدًا إلى تبني أفضل السبل المتاحة أمام النظام المصرفي الوطني ممثلًا بالبنك المصرفي من منظور مصرفي هو أدرى ويمتلك قراءته وتحليلاته التي تقدم إجابات ضافية على ما طرحه، وبالتأكيد استنادًا إلى مرئيات وتوجيهات الإطار السياسي، فالمال والاقتصاد لا يعملان في بيئة خالية من تأثير قرص الشمس السياسي توهجًا وخفوتًا... رأس المال يتحرك دومًا في واقع محكوم بالمصالح ومدى توافقهما أو تعارضهما نسبيًا أو كليًا، وذاك أمر مفروغ لا مفر منه، على ألا تكبل السياسة قضايا المال والاقتصاد، وعلى ألا تطغى مصالح الاقتصاد ورأس المال على المصالح الوطنية العليا، وهنا بيت القصيد الواجب البحث عنه في مقترح الأخ محمد. مدى سيولته وسهولته دونما تجبر وتنمر على المصالح الوطنية العليا، وأعتقد أن الأخ محمد متفق معي حول ذلك.
رابعًا: نقترب أكثر وندخل في صلب الموضوع، حيث نقول بداية لا مجال مطلقًا للمقارنة بين أوضاعنا المالية والاقتصادية وحالات المقارنات بين موازيننا الاقتصادية وحالاتهم بعيدة جدًا جدًا... نحن لا تفتقد الأسس الموضوعية للموضوع ليس لانعدام الموارد مادية كانت أم بشرية... بل الأمر مرتبط بعوامل الحرب الطاحنة المستمرة في بلادنا منذ زمن متتالٍ بفعل عوامل داخلية بالأساس يعتمد على تغذيتها واستمرارها على العوامل الإقليمية والدولية تستفيد من تفتت الداخل وتصارعه.
لدينا موارد حدث فلا حرج...
لدينا موقع يحسب له ألف حساب كان ومازال مدخلًا للحروب والمطامع وتضارب المصالح حتى بين أقرب الجيران.
لدينا كثافة بشرية تشكل عنصر سوق وتنمية، فقط تنقصه عوامل نضج العقلية السياسية وديمومة الأمن والاستقرار السياسي، تلك حالة لا يتشكل عبرها اقتصاد ينمو بوتائر متراكمة وعناصر استقرار تمكنه من تملك القدرة للمنافسة، فحالة الحرب وإذكاء مفاعيلها لا ولن تمكن بلدنا من أن يمتلك قواعد المشاركة ذات العائد المتبادل، أما الولوج لخانات التبعية الاقتصادية فترجمة مباشرة لتبعية سياسية لا نريدها مطلقًا، بل ندعو للخروج من سجونها والخروج إلى حياض شراكات حقيقية تحقق وتخلق مزيدًا من المنافع المتبادلة... ليس الأمر مجرد كلام أو ترديد شعارات، الكل يبحث ويدافع عن مصالح، والدفع بكل السبل التي تجعل من التعاون سبيلًا لإنتاج ذلك، لذا نرى أن مقترح الأخ محمد بشأن العون المالي الذي يقترحه لا بد له من حامل سياسي تفضل وطرحه عبر مدخلين:
الأول يتضمن وفق مقترحه قيام قيادة البنك المركزي بتدارس مقترحه ومدى صوابه ومتطلبات الوفاء والقيام به وضمن أي ظروف وشروط.
الأمر الثاني أحال الأمر كمسؤولية سياسية بمقتضاها تقدم أفكار وسياسات تعالج أوضاعنا السياسية، وعنوانها حل ما يتواجد على الأرض ويكبح جماح التوافق السياسي وطنيًا أثرت سلبًا على الاقتصاد الوطني برمته.
معالجة ووقفة كهذه شرط ضروري للخروج من نفق الأزمة الشاملة التي أساسها الحرب وتصعيد مداميكها بأشكال وعناوين شتى، فلا هدنة رسخت ولا حسم جرى لكثير من عناصر التناقض والخلاف، ويظل معيار التوافق الوطني شرطًا أساسيًا للخروج من نفق الأزمة، إذ إن حالة الحرب والاحتراب تخلق افتصاد حرب مجزأ، وتجزئة الاقتصاد تعوق أي عون أو تعاون إن لم يكن الأفق مشيرًا إلى وجود رؤية مشتركة متوافق عليها بين التحالف والشرعية تخلق مناخات لطلب عون كالذي أشار إليه الأخ محمد، ولو أنني أفضل أن يكون التعاون والتنسيق مبنيًا على قواعد تستثمر آفاقًا واعدة لدينا مجرد تشغيلها سيخلق آفاقًا تسهم بحل ما يعانيه القطاع الوطني المصرفي من مشاكل هيكلية نتجت عن:
استمرار الحرب...
انقسام البنك المركزي...
تجزئة السوق الوطنية...
تعطل قطاعات الإنتاج الوطني...
وضع نهاية للحرب سؤال إجابته ليست سهلة، لكن يملك جزءًا من عناصرها الأعزاء بالتحالف، بخاصة من طلبنا أن يمتلكوا حصصًا من قطاعات نظامنا المصرفي. وبهذا الصدد نختلف مع الأخ العزيز محمد نجيب سعد، والخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
قول على قول
2024-05-18