عُقدة
* نعمان قائد سيف
يوم رفع علم الوحدة في مدينة عدن، تغلبت العاطفة على العقل، لدرجة أن كثيرين -من مختلف الشرائح والمراتب والانتماءات- ذرفوا دموع الفرح، تفاعلاً مع قرار اللحظة التاريخية الحاسمة، فيما حبسها آخرون للمحاججة في يوم لا ينفع فيه الندم، فقط نفر معدود هم الذين أعلنوا تحفظهم، رغم إيمانهم بالوحدة، تاركين للزمن إظهار ما سيكون عليه الوطن لاحقاً، ولسان حالهم يقول: غد الانقلاب لناظره قريب!
أثبتت الأيام صدق من توجسوا خيفة، وأصبحوا على حق بشهادة الوقائع المثالية، فاللئام من وفي الطرف الآخر من الشركة /الشراكة أضمروا شراً للوطن، وها هم يمعنون، مع سبق الإصرار والترصد، في خدش كل المعاني والأماني الجميلة للمنجز العظيم!
ومن لحظة شطب صور الأستاذ علي سالم البيض من مشهدي التوقيع على اتفاقية الوحدة ورفع راية اليمن الكبير، وجد المغدورون أنفسهم مكرهين على مراجعة مواقفهم الوطنية، واندفعوا تدرجاً نحو التعبير عن مكنون آلامهم /آمالهم، وإذا بهم في لحظات يأس من إمكانية إصلاح الحال، يجدون في البحث عن مخرج من المأزق الذي وقعوا /أوقعوا فيه، وذاكرتهم طرية تحفظ الألوان والأسماء، فجنباً لجنب ترفرف اليوم راية الأمس، وترفع صور من كانوا زعماء، وجددوا البيعة لهم بالتصالح والتسامح، تقرباً للخلاص، قصاد تجاهل الآخر لمطالب المواطنة الكاملة، في بلد واحد حلموا به منذ زمن بعيد، وشربوا على هواه أحلى كلمات التغني بالوحدة، حتى في أقسى سنوات المواجهات والتشطير، وبعد لم الشمل بقليل أفاقوا على وقع كابوس يكبت الأنفاس، ويستنكر /يستكثر عليهم التلويح احتجاجاً بأعلام نكست يوماً، وقدموا دولتهم قرباناً لوحدة، تخيلوها حقيقة في الأحلام!
freejourn
عُقدة
2010-03-24