(قالا، قلتي) كما يتردد في المجالس العدنية يكثر الحشوش والقالا قلتي، ولكن بصفاء قلب غالباً.. واحياناً من باب خبازة ما تحب خبازة كما يجري تداول هذه المقولة، ولها وجاهتها عندنا وعند غيرنا..
محمد مرشد ناجي وأبوبكر سالم (أرشيف)
مازلنا في حضرة احتفالات الاعياد الفنية الموسيقية الجماهيرية التي كانت تقام موسمياً في الاعياد والمناسبات.. كان الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه قد انتشر خارج عدن واليمن، من خلال زياراته لبيروت واختلاطه بالوسط الفني هناك وتلحينه لأكثر من فنانة هناك.. وطبعهِ لأغانيه على اسطوانات كانت رائجة وقتها.. أراد ان يقيم حفلاً استثنائياً في مناسبة عيدية في عدن.. رتب مع المايسترو اللبناني عبود عبدالعال وفرقته ذلك الأمر.. وفي مقابلة صحفية اجريتها معه في بيته بكريتر نشرت في صحيفة الايام -واشرت الى هذا في مقال سابق- وما ان نشرت المقابلة حتى اثارت حفيظة الفنان الكبير محمد مرشد ناجي، واحتج قائلاً بان تصرف بلفقيه ذاك انتهاك لموعد قيامه هو بحفلات موسيقية في نفس ذلك التاريخ!
وابلغ احتجاجه لعميد الايام الاستاذ محمد علي باشراحيل.. ووصل الاحتجاج الى أبوبكر بلفقيه الذي اسقط في يده ووقع في مأزق مع الفرقة الفنية اللبنانية التي رتب معها كل شيء ودفع العرابين وحدد المواعيد.. لكن معاكسات الظروف تحدث احياناً خاصة وان المثل يفرض احكامه بأن خبازه ما تحب خبازة!
الغى بلفقيه كل شيء وتحمل خسارة ما أنفق من مال وما رتب من اتفاق.. وحل موعد اقامة الحفل الفني.. فلا أقامه المرشدي ولا ترك لبلفقيه فرصة إقامته.. ويا فرحة ما تمت، كان جمهور الفن هو الخاسر الأكبر لأن الخبازة ما تحب خبازة!
في جلسة مرح بعد ذلك بمقر المرشدي فوق مسجد النور بالشيخ عثمان حضرتها قال المرشدي ممازحاً: بتلاحظوا يا اخواني أن هناك "شبه ظاهر" بين صوت بلفقيه وصوت التيس!! وضحك البعض دون البعض الآخر، لكن المنافسة بين خبازة وأخرى كانت محتدمة
ومر زمن هرب فيه بلفقيه من عدن نتيجة ظروف وضغوط تعرض لها.. واستقر من بيروت الى الكويت الى الإمارات ثم اخيراً السعودية.. ولكن عينه كانت على عدن باستمرار.. كان يود ان يرجع ولو في زيارات يلقى خلالها جمهوره فيها.. وكان يسأل دائماً عن إمكانية رجوعه الى عدن، ومن بين من سألهم كان الاستاذ محمد مرشد ناجي الذي قال له: انه اذا رجع، وهو الهارب من عدن، فسوف يعتقلونه لحظة وصوله لمطار عدن الدولي!!
ربما كان المرشدي فعلاً يعتقد ذلك، ولحرصه على صديقه نصحه بما نصحه به.. ربما.. وربما مرة اخرى لان الخبازة ما تحب خبازة!! ولم يكتب لبلفقيه الرجوع الى عدن إلا بمناسبة زفاف ابنتيه وبدعوة كريمة من الرئيس علي ناصر محمد حين سعينا لها في اتحاد الفنانين اليمنيين الديموقراطيين!! وفي عودته التاريخية تلك غنى على خشبة المسرح الوطني بالتواهي، كما لم يغني من قبل.. وتصافت الخبازتان بالأحضان في لقاء حميم نفض عنهما غبار تنافس الفن وانتقلا فيه الى رحاب العطاء الفني الجزيل