حين أسمع مهاترات بعض الإخوة الجنوبيين الغارقين في لعبة عقيمة غير ذات حلم ومعنى، لعبة من عقم التراشق بالمناطق والمناطقيات ضيقة الأفق.
فمن قائل بأن الضالع شمالية أخذتها بريطانيا من الإمام وضمتها للجنوب، وآخر يتوغل معه في دائرة المتاهة نفسها فيضيف وأن البيضاء جنوبية سلمتها بريطانيا للمملكة المتوكلية من الجنوب تعويضًا عن الضالع...
وهاتان السخافتان امتداد سخيف للقول الأسخف بأنه لم تكن ثمة بلاد اسمها اليمن قبل قيام المملكة المتوكلية اليمنية بعد دحر العثمانيين..
هذه بعض جوانب سخافات فلسفة الانعزالية الجنوبية لأولئك الذين وقعوا في الشرك الميكيافيللي "الغاية تبرر الهوية"، فأضاعوا الغاية وأضاعوا معها الهوية، وأضاعوا من قبلهما التاريخ الذي لا يعرفون شيئًا منه، ولا يعنيهم أمره طالما قد باتوا من البدون... ترى كيف يمكن إذن لهذا البؤس أن يعرف شيئًا عن الحاضر أو المستقبل؟! كيف؟!
كأن التاريخ في نظرهم لا يبدأ إلا عند دخول المستعمر البريطاني، وعبث قراصنته بالجغرافيا اليمنية، أو بدحر العثمانيين الثاني، وقيام المملكة المتوكلية. حذفوا من عقولهم البليدة كل فصول التاريخ الإسلامي والعربي، وكل تاريخ الحضارة اليمنية ما قبل الإسلام، وتاريخ اليمن بعد الإسلام، ودورها البارز في فتوحاته.
كيف لا تبكي إذن حزنًا وقرفًا وغيظًا ورثاءً وسخريةً من العقول التي ارتضت لنفسها التصاغر والتصاغر فالتصاغر حتى اللاشيء؟!
يمكنك أن تعلم عقولًا منفتحة، لكن لا يمكنك أن تصب المعرفة في عقول مختومة بكل ألوان شمع الحماقة، وبكل ما ترسب من خيوط عناكب القرون فوق تلافيفها!
****
وادي يهر يافع (mohamed Rlzher)
الصورة: من وادي يهر الجميل
من بلاد يافع اليمنية -سرو حمير الشهير