بدأوا التحقيق معه وعيّن وزير الداخلية خلفاً له بعد نحو 20 احتجاجاً بين محاولة انتحار وقطع البعض أصابعهم وآذانهم
إقالة الظلم من السجن المركزي في إب
> إب - إبراهيم البعداني:
باشر القاضي منصور علوي، رئيس التفتيش في النيابة العامة، السبت، التحقيق مع مدير عام السجن المركزي في إب، محمد السعيدي، بشأن الانتهاكات التي ارتكبها خلال توليه إدارة السجن.
وأكدت مصادر موثوقة لـ"النداء" إقالة وزير الداخلية مدير عام السجن المركزي في إب، الأسبوع المنصرم، وأصدر قراراً بتعيين علي صالح الغلي خلفاً له. وأشارت إلى أن المدير المقال نفّذ مساء الخميس الفائت، عملية تمشيط لمخازن السجن، إذ "أدخل سيارتين نوع هايلوكس بعد الساعة الحادية عشرة ليلاً وملأهما من مرتين بالدقيق والسكر والأفرشة".
بعد جهدٍ بالغ، تم إسقاط "ظالم مركزي إبـ". كان قد جعل من سجن محافظة إب محلاً لسوء السمعة، أظهر بجلاء ضعف وعدم رقابة وزارة الداخلية والنيابة العامة على دور السجن في إصلاح وتأهيل السجناء. فهاتان الجهتان لم تلتفتا إلى مناشدات واستغاثات السجناء على مدى سنتين. استمرت الأمور تجري بسرعة صوب الأسوأ حتى حاول العديد من السجناء الانتحار، وأقدم آخرون على بتر أجزاء من أعضائهم (أصابعهم، وآذانهم)، وأرسلوها إلى وسائل الإعلام.
وبالرغم من تعدد اللجان على مختلف مصادرها، فإن مدير السجن كان ينجو من سخط تلك اللجان في كل مرة. لجان شكلها النائب العام كانت تؤكد وجود انتهاكات، إلا أن أسباباً خفية كانت تعمل على تثبيت المدير المقال، وتساعد في توطيده، بل وتزيد من نفوذه ومن ضحاياه.
صباح الاثنين الماضي، زار المحافظ أحمد الحجري السجن المركزي، مع مدير عام المحافظة ناصر الطهيف، ورئيس النيابة العامة صالح أبو حاتم، ومعهم مراسلو صحف الحزب الحاكم والصحف الرسمية والموالية، واستثنوا من الدعوة مراسل "النداء" ومراسلي الصحف الحزبية، ثم التقى المحافظ مع مسؤولي السجن وبعض السجناء. وأثناء تواجد المحافظ في السجن كان السعيدي قد جهز بعض السجناء تم تلقينهم قبلاً. هؤلاء بدورهم دافعوا عن مدير السجن، متهمين المعارضة بالضغط عليهم لتشويه سمعة مدير السجن وإدارته الرشيدة.
وحسب المصادر فإن المحافظ كان طمأن السجناء بأن يتحدثوا بكل شيء دون خوف، فهم في حمايته من أي ضغوط، إلا أنهم تمسكوا بدفاعهم عن مدير السجن.
وصباح اليوم التالي، الثلاثاء، رافق مراسلو صحف الحزب الحاكم والصحف الموالية والرسمية، النائب العام د. عبدالله العلفي ومحافظ إب القاضي أحمد عبدالله الحجري إلى السجن المركزي. التقى النائب العام والمحافظ عديد سجناء بينهم السجين فيصل الحدي، وهو الذي قطع أذنه وإصبعه في وقت سابق.
وفي مشهد ساخر، يرد فيه السجناء الملقنون والمهددون من أن يكتووا بنيران المدير. سألوا فيصل الحدي عن أسباب إقدامه على بتر إصبعه وأذنه، فردّ: "أنا قطعت أذني بإرادتي بسبب أني أعاني من مرض نفسي"، ونفى كل ما نسب إلى مدير السجن من اتهامات كاذبة.
وبالرغم من أن السجين الحدي كان قد أقرّ بتنفيذه لتوجيهات مدير السجن، في رسالة استغاثة رفعها إلى عدد من المسؤولين في وقت سابق (قبل أن يقطع أذنه)، وكشف فيها عن تلقيه توجيهات من المدير بالتهجم والاعتداء على السجناء الذين يتقدمون بشكاوى ضد إدارة السجن، وأنه يعمل أي شيء لإرضاء مدير السجن مطالباً بحمايته منه. وفي إحداها قال فيصل الحدي إن إدارة السجن تتخذ ضدهم القمع، مطالباً فيها بسرعة إغاثته وزملائه قبل أن تتطور الأمور وتخرج عن السيطرة.
كما نفى السجين رضوان الحدي، الذي قطع إصبعه قبل أسبوعين، أن تكون التعاملات السيئة والانتهاكات هي السبب في جعله يقطع إصبعه. وقال إنه قطع إصبعه بإرادته وبسبب الألم الذي لحق به لأنها (إصبعه) كانت تعرضت لعضة من مجنون، وأنه ما جعله يقدم على بتر ما تبقى منها حتى يتخلص من الألم.
أما السجين غريب عودة، فقد استغل وجود النائب العام وتحدث عن كل الانتهاكات والتعذيب الذي يتعرض له وزملاؤه من قبل إدارة السجن، متهماً مدير السجن بارتكاب مخالفات وانتهاكات ضد السجناء، وقال إنه يطلب الحماية من قبل الدولة وإنصافه من مدير السجن الذي وضعه في زنزانة انفرادية، وأنه تعرض للضرب بصميل في رأسه.
وكان السجين غريب عوده تقدم بشكوى إلى النائب العام في وقت سابق (حصلت "النداء" على نسخة منها) أوضح فيها أنه تعرض للضرب برأسه، وأن عساكر السجن انهالوا عليه بالضرب بالحديد في ظهره ورأسه حتى سالت الدماء منه، وبعد ذلك قام عساكر السجن باختطافه وأودعوه زنزانة انفرادية حتى لا ينكشف أمره وتفتضح جريمتهم البشعة.
نماذج من الخروقات
وفي ما يتعلق بأوضاع السجن المأساوية حصلت "النداء" على بعض الحقائق التي كانت غائبة ولا زالت تفوح من داخل غرف السجن المظلمة، ومن ذلك بقاء عدد من السجناء في زنازين انفرادية منذ أكثر من شهرين، ومنهم صالح العمري، وعبده غفر، وعبدالله النفيش، بالإضافة إلى منع الزيارة عن عدد آخر من السجناء مثل السجين غريب عودة، وكذلك يتم السماح لبعض السجناء بحيازة تلفون سيار مقابل دفعهم مبالغ مالية تصل لأكثر من 60 ألف ريال شهرياً، ومنهم السجين مسعد شعلان، كذلك يتم السماح لسجناء بحيازة التلفون السيار مثل فاروق العدوفي، وعبداللطيف السعيدي، وجميل السعيدي، وشايف الحوت، ومصلح الفرزعي، بتواطؤ من مدير السجن، وهذا يعد من الممنوعات.
ومن الممارسات اللاإنسانية تشجيع إدارة السجن بعض السجناء على ضرب سجناء آخرين بسبب قيامهم بانتقاد إدارة السجن وتقديم شكاوى ضدها، ومن أولئك السجين فيصل الحدي الذي يقوم بالاعتداء والضرب على بعض السجناء، ومن ذلك قيام المدعو علي الخيري وشمسان السندي بضرب السجناء نبيل الشرعبي، وغريب عودة، وعبدالمجيد القملي، وكذلك تم وضع السيجن محمد عبدالعزيز مجلي الملقب بـ"بوش" في غرفة انفرادية بدون أي سبب حتى اليوم.
كذلك تقوم إدارة السجن بفرض كيس سكر وكيس رز على كل مريض يدخل المصحة. كما أن هناك سجناء متهمين بقضايا قتل يتم وضعهم خارج عنابر السجن، ويسكنون في إدارة السجن، مثل عبداللطيف السعيدي وماجد اليغرسي وعماد الجماي. وهناك سجناء يسكنون في غرف العساكر وينامون معهم، بالإضافة إلى قيام إدارة السجن بشراء فواتير فارغة يتم تعبئتها أسماء أصناف من الأدوية دون شراء حتى بمائة ريال، علماً أن مصلحة السجون تدفع اعتماد الأدوية.
وحسب مصادر خاصة فإن إدارة السجن تقوم بإدخال سجناء إلى المصحة النفسية دون علم النيابة، ويتم حقنهم بحقن ديزبام، مما أدى إلى إدمانهم، مثل السجينين عبدالمنعم بكيل وأحمد النزيلي.
وآخر أساليب الفوضى والاحتيال هي قيام عدد من المواطنين بالتبرع لنزلاء السجن بثور، لكن السعيدي قام بمصادرته وأخذه إلى قريته وذبحه في موت عبدالجبار السعيدي كنوع من "المجابرة".
وأخيراً قيام مدير السجن بأخذ مبلغ 53 ألف ريال (مصادرتها) كانت جاءت من توفيق عبدالرحيم في شهر رمضان الماضي للسجناء، ولم يسلمها لهم.
بدأوا التحقيق معه وعيّن وزير الداخلية خلفاً له بعد نحو 20 احتجاجاً بين محاولة انتحار وقطع البعض أصابعهم وآذانهم
2010-02-08