ها هي صباحاتنا وأماسينا تخيل لنا كأنها من صباحات وأماسي رمضان، فكل شي بدأ في الاختلاف والتغير المتسارع..
منازلنا على غير عادتها السابقة.
الأسواق على ما هو حاصل من وضع اقتصادي متدهور، هي الأخرى مكتظة بالناس، ومن الجنسين، مع طغيان واضح للنساء. وكل هذا من دلائل الشهر الفضيل؛ شهر رمضان المبارك.
ما يعاب على البعض منا المغالاة في المشتريات، بل إنهم سامحهم ربي "يسوون زحمة والشارع فاضي"، كما يقال في مثل هذا الشيء، وهو أنهم يكثرون في المشتريات، وكثير مما يشترونه هم في غنى عنه، وليست لهم حاجة به، أي بعبارة أخرى يمجدون ويعظمون رمضان في غير محله.
رمضان ليس الاستعراض بكثرة المشتريات، بل بالطاعات والتقرب إلى الله، وهذا لن يأتي بما تفعلون من أشياء بعيدة كل البعد عما يفترض أن نكون عليه في رمضان وباقي شهور العام.
فلماذا يا هؤلاء لا تنظرون لمن حولكم من المحتاجين، فقد يكون البعض في حاجة المأكل البسيط، لا نمانع في ما تشترون، لكن ما نراه ونلحظه منكم هو أنكم في وادٍ، وإخوانكم وجيرانكم في وادٍ آخر، أي بعبارة أخرى أن من الضرورة التفقد والسؤال الجار لجاره والصاحب لصاحبه، فهذا الشيء أصبح شبه مفقود لدى البعض، ولا يفكر إلا في نفسه، أي نفسي نفسي.
فإن ظللنا على هذا الحال، فليس لنا من رمضان إلا جوع الصيام.
علينا أن نعرف أن رمضان غير، بل غير كل شهور العام، ففيه نزل القرآن، ألم يقل ربنا في محكم تنزيله: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان"، وفتحت فيه أماكن كثيرة، وفيه حصلت أشياء كثيرة، فرمضان ليس كباقي الشهور، فأوله رحمة، وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار، مثل هذه المحفزات الكبيرة لماذا لا نتفاعل معها التفاعل المطلوب، ونغتنمها قبل دخول رمضان في الطاعات وإغاثة المحتاج، وكل حسب استطاعته ومقدوره.
علينا بالتراحم والتآخي، فإن أضعنا رمضان هذا العام، ومر علينا مرور الكرام، ولم نستفد منه، فمن يدري في رمضان القادم أننا بنفس الصحة إن لم يكن الكثير منا قد رحل إلى جوار ربه!
اللهم بلغنا رمضان، واهدِ قلوبنا إلى طاعتك. اللهم أبعد من قلوبنا البغض والحسد، واجعل قلوبنا صافية رقيقة، وتخاف عذابك إن أخطأت.
ربي ليس لنا إلا أنت يا قوام يا عظيم.
أكثر المحبة بيننا، واجعلها لك دون غيرك. اللهم ارفع عنا كل البلايا وما يحاك ضدنا من أعدائنا أعداء الإسلام والمسلمين.
بوادر رمضانية
2024-03-03