لعمري لم أسمع أو أرَ شعبًا يتلذذ بعذاباته كهذا الشعب الذي أنا واحد منه.
المصيبة أن هذه العذابات مجتمعة، ليست وليدة اللحظة، بل إنها من فترات زمنية طويلة.
مراحل من التدرج السريع، وهي مراحل ضنكة مرت علينا، ومازالت تتوالى، محدثة وجعًا في رؤوسنا وألمًا في قلوبنا وشيخوخة قبل أوانها، ومصائب لا عد لها ولا حصر.
هل لهذا التلذذ والاستكانة بهذه العذابات من نهاية، أم أننا ننتظر موتنا المتنوع بين البطيء الذي لا يأتي إلا بعدما يفسد كل أعضاء جسد من ابتلي به، وحتى إن حاول صاحبه مقاومة فهو غير قادر أصلًا على المقاومة، والموت الآخر السريع الذي هو لا يقل عن سابقه في إيذاء صاحبه حتى يخفيه عن الأنظار.
لسنا كما ندعي ونتهجم صباحًا ومساء بأننا أحرار، وأننا سننهض في يوم ما، ومرت الأيام، وأتت الشهور، وتوالت السنون، ونحن على حالنا متفرجين على أنفسنا، ونرى آخر تقليعات واختراعات من اتفقوا في تعذيبنا في قوتنا وفي كل شؤون حياتنا. اتركونا من التشدق بالحديث الكاذب الممل الذي لم نرَ أي فعل مرافق له يذكر من مثل أننا سنعمل وكذا وكذا، وسنقلب الطاولة على رؤوس أعدائنا. لم يعد أمامنا إلا رفع الرايه البيضاء إن لم يكن قد رفعها الكثير منا خلسة في الخفاء.
لهذا نقول للحكومة الفاجرة (الباجرة) لا تتعبونا أكثر مما بنا من تعب، ابحثوا عن طريقة جديدة بها شيء من (الرحمة)، وحتى لا يذهب أحد بعيدًا، فكلمة الرحمة أقصد بها رغبتنا الكبيرة في الموت الجماعي، بدلًا من تساقطنا اليومي المخزي، والعار لنا كبشر.
ألم يكفِ هذا الشعب كل هذا العذاب
2024-02-12