بعد أسبوع من مقتل القادة الأمنيين في حضرموت
لقاء موسع لقبائل الوادي والصحراء اليوم لبحث الموقف من تراخي الجيش والأجهزة الأمنية
حضرموت - "النداء"
استنكر المجلس المحلي بمحافظة حضرموت جريمة اغتيال العميدين علي سالم العامري مدير عام أمن حضرموت الوادي، وأحمد أبو بكر باوزير مدير عام الأمن السياسي، وزملائهم الثلاثة بمنطقة خشم العين، في الثالث من نوفمبر الجاري. واعتبر في بيان له السبت، أن الجريمة "كشفت عن وجود بعض القصور والاختلالات في مهام وواجبات نقاط الانتشار الأمني الممتدة على طول خط السير ومستوى أداء النقاط الأمنية".
وعقد المجلس دورته الاعتيادية في مدينة سيئون يوم السبت، تعبيرا عن اهتمامه باحتواء تداعيات الحادث الإرهابي ومنع أي انشقاقات داخله.
وأسف المجلس في بيانه لوجود هذه الاختلالات الأمنية، وشدد على ضرورة أن يعاد صياغة أداء ومهام النقاط الأمنية وتفعيلها والانتقال من موقع الثبات إلى الحركة، وضرورة أن تعطي السلطة المركزية اعتباراً خاصاً لمحافظة حضرموت "لاتساع رقعتها الجغرافية وترامي أطرافها، من خلال تجنيد عدد من أبناء المناطق وبخاصة الصحراوية منها".
وطالب رئيس الجمهورية والجهات ذات العلاقة في كل من وزارة الداخلية والجهاز المركزي للأمن السياسي والأمن القومي بضرورة تقديم كل سبل الدعم والمساندة للسلطة المحلية والأجهزة الأمنية بالمحافظة لضمان استقرار الأمن وتعزيزه فيها.
البيان الذي حصلت "النداء" على نسخة منه، قال إن على الدولة تحمل مسؤوليتها في تعقب الجناة وسرعة القبض عليهم وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاءهم العادل، لكنه أهاب في الوقت نفسه "بكل أبناء المحافظة من مشائخ وأعيان ورجال قبائل وشخصيات اجتماعية بأن يلعبوا دور المساعد للأجهزة الأمنية المختصة وللسلطات المحلية في الحد من ارتكاب مثل هذه الجرائم والإبلاغ عن أية تحركات مشبوهة بهدف الكشف عن الجريمة قبل وقوعها مستقبلاً والإبلاغ عن أية معلومات تفيد القضية للوصول إلى مرتكبي هذا الحادث الإجرامي.
وفي تطور لافت، وجه مشائخ قبائل العوامر وآل كثير وآل باوزير ونهد دعوة لمشائخ قبائل حضرموت ووجهائها وشخصياتها لعقد لقاء موسع اليوم الاثنين في منطقة تاربة بوادي حضرموت، لمناقشة حيثيات الكمين المسلح الذي استهدف الشهداء العميد علي سالم العامري المدير العام للأمن بوادي حضرموت والصحراء، والعميد أحمد أبو بكر باوزير المدير العام للأمن السياسي بوادي حضرموت والصحراء، والرقيب صالح سالم بن كوير النهدي مدير البحث الجنائي بمديرية القطن، والجنديين زكي حبيش ورامي الكثيري.
ويأمل هؤلاء المشائخ والوجاهات أن يتوصل اللقاء إلى موقف موحد من تلك الجريمة وكل ما داخلها من ملابسات، وبخاصة تراخي الأجهزة الأمنية والعسكرية في القيام بما تمليه عليها مسؤولياتها لملاحقة منفذي الهجوم المسلح الغادر وإلقاء القبض عليهم لينالوا جزاءهم الرادع.
وبحسب مصادر خاصة فإن تداعيات تلك الجريمة وملابساتها وقضايا الانفلات الأمني والممارسات والتجاوزات التي تصدر من بعض القيادات العسكرية والإدارية في حضرموت، ستكون في صدارة القضايا التي سيناقشها اللقاء. مؤكدة أن هذا اللقاء الحاشد لمناصب وشيوخ قبائل حضرموت سيخرج بمواقف ومطالب موحدة تجاه ما جرى ويجري، في حين اعتبر محللون أن حالة السخط والغضب التي عمت أبناء المحافظة بمختلف مناطقهم وقبائلهم وانتماءاتهم عقب الجريمة، قد أحدثت مستوى من التوافق والإجماع على أن ما حدث ويحدث لا يحتمل مزيدا من السكوت، في تكرار رفض أولياء دم الشهداء استلام الجثامين ودفنها قبل إلقاء القبض على منفذي الهجوم، وقبل اتخاذ إجراءات حازمة تجاه النافذين في الأجهزة العسكرية والأمنية بالوادي، والذين يرون ومعهم مواطنو حضرموت، أنهم تقاعسوا وتهاونوا في أداء مسؤولياتهم وملاحقة منفذي الجريمة بعد حدوثها، خاصة أن المنطقة التي تم ارتكاب الجريمة فيها محاطة بالنقاط الأمنية والمعسكرات.
وكان مجهولون قاموا بنصب كمين مسلح غادر يوم الثلاثاء قبل الماضي، في منطقة خشم العين بمديرية العبر، بإطلاق وابل من الرصاص الذي استهدف مباشرة سيارة العميد علي سالم العامري مدير عام الأمن بمديريات الوادي والصحراء، مما أدى إلى ارتطامها بناقلة كانت تسير في الاتجاه المعاكس واشتعال النيران، وراح ضحيتها هو والعميد أحمد أبو بكر باوزير مدير فرع الجهاز المركزي للأمن السياسي بالوادي والصحراء، والرقيب صالح سالم بن كوير النهدي مدير البحث الجنائي بمديرية القطن، والجنديان رامي الكثيري وزكي حبيش، بعد أن تفحمت أجسادهم.. وذلك أثناء عودتهم من مهمة رسمية رفقة موكب رسمي يضم وكيل محافظة حضرموت لشؤون الوادي والصحراء، والجانب اليمني في مجلس رجال الأعمال اليمني السعودي، للاطلاع على المدينة الاستثمارية الجاري إنشاؤها بميناء الوديعة البري.
****
استفزاز
هشام السقاف
* يطغى السخط والازدراء على الشارع في حضرموت، لفشل السلطات في تحديد الجناة في جريمة "العبر" قبل أسبوعين، وكأن إعلان "القاعدة" عن مسؤوليتها عن تلك الجريمة الشنعاء، يشفع لأجهزة الأمن عدم تعقّب المجرمين بأقصى جدّيّة، أو الهروب من المساءلة.
* اليوم "الاثنين" يتداعى أبناء حضرموت -بكل قبائلهم وفئاتهم- إلى اجتماع عام حاشد في منطقة "تاربة" بسيئون لإعلان موقف للدولة ومنها.
* ينتظَر أن يتسيّد صوت العقل والحكمة، وعدم الانجرار نحو قاع الاستفزاز والابتزاز الذي كان من أهداف كل الجرائم البشعة التي استهدفت حضرموت بأبنائها وسمعتها في العامين الأخيرين.
* لا حلول خارج إطار ومفهوم "الدولة"، فالبديل الفوضى والفوضى، وتمّ القصد.
hishamfargazMail
*****
عن اغتيال العامري وباوزير وبقية الشهداء
عبدالله بن راضي
حادثة اغتيال العميد علي سالم العامري مدير عام أمن حضرموت الوادي، والعميد أحمد أبو بكر باوزير مدير الأمن السياسي، ومرافقيهما الثلاثة بن كوير (النهدي) وحبيش والكثيري، التي أتت غيلة وبهذه الطريقة الإرهابية، التي اهتزت لها محافظة حضرموت خاصة واليمن عامة، لم تكن استهدافاً مباشراً لهم فحسب، وإنما هو استهداف لكل الشرفاء والمخلصين الوطنيين من أبناء حضرموت. هذه المحافظة التي عرف عنها بأنها رحم ولود لأمثال هؤلاء الرجال المخلصين الذين يقدمون مصلحة الوطن والمواطنين على مصلحتهم الشخصية، وهذا ما عرف به شهداؤنا الخمسة، وخصوصاً العميدان علي العامري وأحمد باوزير اللذان كانت لهما بصمات واضحة وجليلة في كافة الأعمال الخيرية، بالإضافة إلى أنهما استطاعا من خلال عملهما خلق علاقة تسودها المحبة والاحترام المتبادل بين رجال الأمن والمجتمع بعد أن تصاعدت العداوة بين الشارع والسلطة ورجال الأمن جراء الإجراءات التعسفية والقمعية واستفزاز المجتمع، واستطاعا بحكمتهما وقربهما من الناس تهدئة غضبهم وسخطهم.
وقد أثبت شهداؤنا من خلال تعاملهم مع المجتمع وقضاياه بإخلاص، وحرص على إعادة الثقة إلى نفوس المواطنين في رجال الأمن، بأنهم وطنيون ومخلصون ورجال أمن من الدرجة الأولى، وهو ما جعل فترة وجودهم في مناصبهم الأمنية وعلى قصر الفترة الزمنية، من أفضل ما عاشته حضرموت من أمن واستقرار، وخلق علاقات تعاون وشراكات وطيدة مع المجتمع، حيث تربعوا قلبه وتملكه حبهم، بالإضافة لتصديهم لكافة الاختلالات الأمنية التي كانت موجودة، دون التمييز بين مرتكبيها سواء كانوا مواطنين أو عسكريين أو متنفذين. وهذا بطبيعة الحال ما كان يغيظ كثيرين من الذين فقدوا مصالحهم واعتادوا على استفزاز المواطن والتعمد في إهانته واحتقاره ونهبه واستعباده، في حين لم يسبق لأي شخص أن قام بالتصدي لهم ومواجهتهم بهذه الجرأة والقوة، وهو يحمل شعار الأمن في خدمة الشعب لا لإرهابه ونهبه.. في زمن استشرى فيه الفساد، وطغى قانون القوة على قوة القانون المغيب.
هذه الحادثة البشعة والمؤلمة، التي أثارت سخط وغضب الشارع في حضرموت وجعلته يصب اللعنات على منفذيها، تعتبر صفعة قوية وشديدة موجهة إلى جبين كل شيوخ ومناصب وقبائل حضرموت عامة بكافة شرائحهم المجتمعية دون استثناء، وهي تدق ناقوس الخطر القادم ليفيق هؤلاء من سباتهم ويشعروا بحجم المسؤولية والمهمة الخطيرة، والاستشعار للخطر القادم الماحق، والذي سيحمل في طياته الكثير من المجهول، مما يعد لطمس هوية حضرموت الإسلامية والثقافية والتاريخية والاجتماعية، وتحويلها إلى بؤرة للصراعات، وإجهاض الدور التاريخي الذي لعبته وما زالت تلعبه حضرموت وأبناؤها إلى الآن.
لقد كان موقف قبائل حضرموت المتحد عقب الحادثة مباشرة ووقوفهم مع بعض في هذه المحنة والمصيبة موقفاً إيجابياً وملحاً وضرورياً، ويجب أن يستمر هذا الموقف مهما حاول من حاول إثارة البلابل ووصفه بأنه ثورة غضب وفقاقيع عابرة سرعان ما ستنتهي، وهو ما لم يحدث إلى الآن، ونرجو ألا يحدث.. ولكن يجب على شيوخ ومناصب هذه القبائل تحكيم العقل والمنطق في تعاملهم مع الأحداث والقضايا، وعدم الانجرار وراء ما يعد لهم من كمائن وأفخاخ تنصب لهم لاستفزازهم لاتخاذ مواقف وقرارات مستعجلة وغير مدروسة، لتشويه وتغيير الصورة الحضارية والفكرية التي تتميز بها حضرموت وقبائلها.. ولذلك فإنه ينبغي لقبائل حضرموت عامة دون استثناء أن تأخذ الدروس والعبر من هذا الحادث، وتستفيق من غفلتها وتعيد لحمتها والوقوف مع بعض يداً واحدة في كل الظروف والأزمات، والانتصار للمظلومين وخصوصاً الطبقات المسحوقة والذين لا يجدون من ينصرهم في السراء والضراء.. ونذكرهم بأن أبناءهم الشهداء لم يكونوا يمثلون فئات أو طبقات بعينها، وإنما كانوا يمثلون حضرموت عامة، وطالتهم أيادي الغدر واستشهدوا لأنهم كذلك.
نتمنى أن تخرج هذه القبائل من اجتماعها المرتقب اليوم الاثنين بقرارات تنتصر لحضرموت وأبنائها الشهداء ورد الاعتبار للجميع، والاتجاه بالضغط بكافة السبل والوسائل على الحكومة والدولة لإخراجها من صمتها المطبق، والتي لم تصرح بأي شيء إيجابي إلى الآن، ومطالبتها بإحضار الجناة الحقيقيين المتسببين في هذه الحادث وفضح المتساهلين والمتواطئين معهم الذين سهلوا لهم المهمة، ومحاسبة المقصرين في أداء عملهم وسؤالهم عن سبب عدم تحركهم الجاد في التو واللحظة لإسعاف وإنقاذ الشهداء واللحاق بالجناة، وهو ما أعطاهم فرصة للهرب.
كما نرجو منهم تنظيم أنفسهم والخروج بتشكيل مجلس تنسيق بين تلك القبائل والسير نحو تنظيم المسيرات السلمية والغاضبة وكل ما من شأنه كشف الحقيقة. وننبهم إلى أن أبناء حضرموت جميعاً يعقدون على هذا الاجتماع الكثير من الآمال، ويجب ألا تخيبوا ظنهم، لأنه وفي حال عدم الخروج بأشياء ذات جدوى فإن القادم سيكون أسوأ وأبشع مما يمكن تخليه وتصوره، وسيعم الجميع دون استثناء، وعلى الدنيا السلام..!
وهنا نقول لكل الحاقدين الرامين إلى بث الرعب في نفوس الوطنيين والمخلصين الشرفاء لأجل عدم تقدمهم لشغل المناصب العليا والقيادية سواء الأمنية أو غيرها، نقول لهم بأن ذلك لن يزيدنا إلا إصراراً على المضي قدماً لخدمة الوطن والمواطن، وإن كان علي سالم العامري وأحمد أبو بكر باوزير وقافلة الشهداء قد قدموا أرواحهم فداءً في سبيل الارتقاء بالوطن والمواطن، فإن هناك الكثير من أمثالهم ينتظرون فرصتهم، ومستعدون لتقديم أرواحهم ثمناً رخيصاً لفداء الوطن والانتصار لقضايا المواطنين وتعرية الفساد والفاسدين. وإننا لن نسمح لأي شخص مهما كان أن يعبث بحضرموت ويفسد فيها ويسفك الدماء.. وإنا قادرون على حمايتها والحفاظ عليها، ولسنا جبناء كما يخيل للبعض، والأيام كفيلة بأن تثبت ذلك لكل الجاهلين والمغفلين.
bbinradeMail
بعد أسبوع من مقتل القادة الأمنيين في حضرموت
2009-11-16