هل يمكن إعادة قراءة المشهد؟
هذا السؤال يبرز دائمًا بعد أحداث عظام لا توضع في سياقاتها، ولذلك تظل أمامنا أسئلة كبيرة بدون إجابات، لا أحد يقيم، لا أحد يدرس، لا أحد يبحث.
شعارنا الدائم "ما بدا بدينا عليه"، ضف إلى ذلك أن بيننا وبين قراءة التاريخ حالة خصام قاسية. تجدنا تائهين على الدوام، لا نجد تفسيرًا لكثير من الأمور!
ما إن أشعل بوعزيزي في تونس النار في جسمه، حتى امتدت النار إلى كل الأرجاء.
لم تتردد عبارة:
"هرمنا" في تونس وحدها، بل امتدت إلى ليبيا ومصر وسوريا واليمن...
ماذا جرى؟
هل ما حصل ثورة؟
أو عمل عنف ضد السلطات..؟
أو انقلاب قصر ضمن البنية السياسية للأنظمة؟
بدأ عام 2011 جامحًا، ومعه ارتفعت الآمال بالتغيير للسائد العقيم "الشعب يريد إسقاط النظام".
خرج الناس إلى الشارع، مطالبين بالتغيير، بدا في ما بعد أن لا سياق معينًا تسير أحداث الشارع في اتجاه يؤدي إلى شيء ما.
شباب يطالب بالتغيير من وحي حاجته المطلبية "وظائف، أفق"..
لم تستوعب الأنظمة مطالب اللحظة، فلجأت إلى الحلول الأمنية، لم تقرأ الواقع قراءة متأنية، بل قرأتها كالعادة "خروجًا على الحاكم الذي أتى إلى الحكم كالمعتاد عبر 99%"!
في تونس هرب بن علي رغم أنه "فهم"، لكن بدا أن فضيلة الفهم حلت متأخرة، بخاصة وأن الجيش لم يكن في صفه لانحيازه التام لأجهزة القمع الأمنية، كان مجرد المرور أمام وزارة الداخلية في شارع بورقيبة، حلمًا!
وفي مصر بدت الحلول الأمنية واضحة، ولم يتنبه النظام إلى مقالة طويلة لصحفي بريطاني ظل في مصر زمنًا طويلًا في عهد مبارك، رصد كل ما يجري في الواقع، حتى نغمات التليفونات التي بدت دينية صرفة!
في سوريا لايزال المسلسل مستمرًا، النظام باقٍ، ومن خرجوا إلى الشارع لم يعودوا!
هل كان الربيع مجرد مؤامرة غربية أمريكية بالذات "الفوضى الخلاقة"؟
في اليمن طال المسلسل حتى تعب الشارع، ويظهر طرف ويكسب النهاية.
المعالجة الأمنية أدت إلى ما أدت إليه.
تبين في ظل غياب الهدف للشباب، أن قوى لها مطامحها ركبت الموجة، وغيرت الاتجاه "الإخوان" في كل البلدان العربية التي حل فيها "الربيع العربي".
ما حصل حتى النهاية معروف، ولا داعي لتكراره.
هذه اللحظة بعد مرور 12 عامًا، لا بد أن نسأل:
ما الذي جرى؟
نعيد القراءة
نقيم ما حصل
نستخلص النتائج..
لا ندري أين نضع الأقدام من جديد.. مع العلم أن لا أحد أعاد القراءة منذ العام 62 و63 وحتى اللحظة، ولذلك ترانا تائهين.
هذا إذا كان ثمة عقل.