نادرا ما "تقلق" امريكا عندما يستشهد الفلسطينيين بسلاح المستعمرين الصهاينة أما عندما يدنس قطعانهم المسجد الأقصى المبارك وكنائس القدس ويحرقون المزارع ويستولون على أرض فلسطينية فتلزم غالبا الصمت لأن هذه الأفعال الشائنة تذكر الامريكيين بتاريخهم الأسود في الاستيلاء بالقوة على أراضي السكان الأصليين، الهنود الحمر الذين أبادوهم عن بكرة أبيهم تقريبا. طوفان الأقصى في ٧ اكتوبر يضيف فصلا جديدا للأمجاد العربية بعد نصر ٦ أكتوبر عام ١٩٧٣.
السياسة الغربية إجمالا في المنطقة تكشف عن وجه عنصري غربي لا يخجل من تأييد الاحتلال الإسرائيلي وأفعاله وسياساته و رفضه بعناد وعنجهية إنهائه ومنح الشعب الفلسطيني نفس حقوق الشعوب المستقلة الأخرى ووفق قرارات دوليه بعضها كان أساس قيام الكيان و"مشروعيته". كثيرا ما نسمع من رؤساء امريكيين عن عالمية حقوق الإنسان ولكن هذه العالمية لا تشمل الفلسطيني خشية غضب سيدة البيت الأبيض الفعلية ، إسرائيل.
ألم يقل شارون أن إسرائيل تحكم امريكا. طوفان الأقصى، طوفان فلسطيني طال انتظاره وقد رحب به عرب كثيرون وفي اليمن استعاد اليمنيون اشعار محمود درويش وعبد الله البردوني وأغاني مارسيل خليفه وجوليا بطرس وكاركاتيرات ناجي العلي ونشروا خريطة فلسطين والكوفية الفلسطينية وقبة الصخرة ونشيد الله أكبر يا بلادي. وصف زميل كبير طوفان الأقصى ب"يوم الله". اليمنيون هم الوحيدون الذين تظاهروا في صنعاء وتعز دعما للمقاومة الفلسطينة المشروعة. الفرحة العربية شاملة بأجمل طوفان في تاريخ البشرية يرسل رسالة قوية لإسرائيل وللغرب ليفهما أين تكمن مصلحتهما ولإجبار إسرائيل على الانسحاب من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام ١٩٦٧. ولكن هيهات أن يحدث ذلك طالما وأن السياسيين في الغرب يستجدون دعم إسرائيل والمال الصهيوني في انتخاباتهم الرئاسية والبرلمانية.
العرب والفلسطينيون كما قيل مرارا تغيروا وقبلوا بسلام ناقص، خُمس عادل، في خمس الوطن التاريخي ، ولكن إسرائيل غير المطمئنة إلى بقاء فلسطيني واحد حي ترفض قبول العرب بالسلام الناقص الذي لا تستحقه.
الحركة الاستعمارية الصهيونية ربيبة الغرب وثقافته وسياساته اقتنعت بقرار الأمم المتحدة عام ١٩٤٧ لتقسيم فلسطين ومنحها جزء منها وقبلته تكتيكيا كما قبلت قرار تدويل القدس ولكنها كانت تضمر عدم التنفيذ والتوسع وطرد الفلسطينيين من كل شبر وبئر تستطيع سرقتهما.
إن طوفان الأقصى فرصة تاريخية لإسرائيل لتغيير سياساتها نحو فلسطين تغييرا جذريا باتجاه إنهاء الاحتلال وقبول قيام دولة فلسطينية مستقلة بدون قيد أو شرط. إسرائيل وحلفاءها المستعمرون القدامى لا يقرأون التاريخ الذي يقول بأن كل احتلال إلى زوال وأن هذا قانون من قوانين الشعوب المناضلة والسياسات الواقعية.
إسرائيل لا تصغي ولا تقرأ حتى ما تقوله أقلية إسرائيلية بأن عليها إنهاء احتلالها لكي تنعم بالأمن وبالسلام.
إن من المقطوع به أن السلام أولا ليس مصلحة امريكية رغم أن مصالحها ومصالح الغرب الاقتصادية الكبرى مع العرب وليس مع دولة الاحتلال .
أتذكر أن الراحل سفير دولة الإمارات العربية المتحدة في بريطانيا عيسى صالح القُرْق قال لشخصيات بريطانية وأمريكية لماذا تعادوننا ومصالحكم الأهم عندنا ولكن امريكا وأتباعها الأذلاء لا يريدون للمنطقة السلام ويتشاركون في كراهيتهم التاريخية للعرب ولليهود. معا ويرغبون في استمرار نزيف دماء الطرفين.
الغرب المسيحي،تجاوزا، لايبالي عندمايبصق المستعمرون البيض القادمون من دوله المتشربين ثقافته في وجه المسيحيين وعلى كنائسهم ويعبرون متكئين على رعونة قوتهم أمام وسائل الاعلام عن احتقارهم للدين المسيحي. حتى الغيرة المسيحية الغربية تتلاشى محاباة أو خوفا من إسرائيل أو لعدم اهتمام بالدين في ظل تبني الغرب رسميا ودبلوماسيا وإعلاميا وثقافيا للمثلية التي أصبحت جزء من السياسة الخارجية.
امريكا تشارك فعليا في احتلال فلسطين بدعمها المالي السنوي الذي يربو على ثلاثة مليار دولار غير الدعم المتعدد المتنوع وهي تعلم أن متوسط دخل الفرد في الكيان الغاصب يبز دخل المواطن الفرنسي والمواطن البريطاني وتضلل الشعب الامريكي بأنها تخدم أمنها القومي الذي لا يهدده العرب بل إسرائيل على المدى البعيد. لقد تجرد الغرب بقيادة امريكا من كل القيم والمبادئ وأصبح عاريا حتى من ورقة توت صغيرة.