إن أي حزب سياسي ديمقراطي (اشتراكي يساري)، لا يمكن أن يكون مؤهلًا لحمل راية السلام، والدفاع عن السلام السياسي، والسلام الوطني، والسلام الاجتماعي، إذا لم يكن قادرًا على تحديد ما هي القوى التي بدأت بتفجير الحرب، وانقلبت على العملية السياسية السلمية الحوارية، وذهبت للحرب، والأهم أن تتضمن مبادراته حول السلام، كل هذه المعاني والقضايا التفصيلية، من خلال رؤية سياسية واقعية نقدية تقربنا للحل، بعيدًا عن الخطاب السلاموي المراوغ والمداهن، الذي يقول كل شيء، ولا يقول شيئًا محددًا له صلة بمعنى وبقضية السلام الواقعي على الأرض..
لا نريد من حزب سياسي ديمقراطي اشتراكي/ يساري، أن يتحول إلى "قوة ثالثة" تذكرنا بجماعة "الكتلة الثالثة" في منتصف ستينيات القرن الماضي. نريد من الحزب التقدمي حامل هم الحرية، والعدالة الاجتماعية، أن يكون عونًا للناس وللمجتمع، وعبر الكفاح السياسي والمدني الديمقراطي، ليسهم عبر الشارع في تشكيل "كتلة اجتماعية تاريخية" ضد الأطراف المفجِّرة للحرب، والمستفيدة منها. هذا هو عنوان الحزب التقدمي المعادي للحرب، وللقوى السياسية الاجتماعية المنتجة للحرب؛ سلالية، وقبلية ومناطقية وقروية.
إن من لم يستوعب قضية الحرب والسلام في بلادنا حتى اللحظة، هو من ما يزال يراوح عند خطاب 2015م، حول السلام الفارغ من المعنى، بعد أن اتضحت الصورة أكثر، وغدا خطابه ذاك واحدة من علامات أزمة الفكر السياسي والوطني في خطابنا حول الحرب والسلام، وحول قضايا سياسية وسيادية ووطنية عديدة، يتم القفز عليها للهروب للحديث عن سلام، لا يقول كلمة لها معنى حول السلام المرتجى!
كنت وما أزال أقول إن السلام رؤية، وموقف، ونحن حتى اللحظة لم نقرأ الرؤية، ولم نرَ الموقف حول كل ما يجري في البلاد، من ملشنة للدولة، ومن خطاب عنصري، ومن مليشيات طائفية وقبلية ومناطقية وقروية، تصطرع على وحول تغييب الدولة باسم استعادتها، أو باسم تقرير المصير، الممسوك بيد القوى الخارجية. خطاب فارغ حول استعادة الدولة، وحول تقرير المصير، وكل شيء في البلاد شمالًا وجنوبًا، ذاهب إلى استكمال صورته الاحتلالية من قبل القوى الأجنبية الداعمة للحرب، وللمليشيات في الشمال والجنوب.
ومن هنا قولنا وتأكيدنا أن السلام رؤية وموقف، سياسي ووطني، من كل الوكلاء في الداخل، ومن الكفلاء في الخارج، إلا إذا كان في فم البعض من ماء.
وإلى لقاء آخر حول رؤيتنا للحرب والسلام.
ونقطة على السطر.