في هذا التاريخ البغيض ختم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح وبطانته وميليشيات حزب الإصلاح والفريقين علي محسن الأحمر وعبد ربه منصور هادي قبل ثلاثة عقود حربهم الانتقامية ضد الحزب الاشتراكي والجنوب وخاصة مدينة عدن التي رمت صالح في إحدى زياراته لها بالشباشب تعبيرا عن إحباطها وغضبها قبيل حربه الغادرة التي ولدت عدة كوارث منها جل مانعانيه اليوم.
وثيقة انهاء انتداب مندوب جامعة الدول العربية في نيودلهي ( النداء)
تكرر رمي الحذاء في وجه صالح في نيويورك في فبراير ٢٠١٢ ومعه المطالبة بتحويله إلى محكمة الجنايات الدولية لمحاكمته على جرائمه ضد الإنسانية .سجلت السيدة فيكتوريا كلارك المولودة في عدن واقعة الشباشب العدنية المعروفة التي لم تحدث في عدن الوحدوية إلا في وجه الدخيل د.عبد الرحمن البيضاني عام ١٩٦٣، في كتابها المهم " اليمن الرقص على رؤوس الثعابين " الذي لم يترجم بعد.
اتخذ صالح من شعار حماية " الشرعية الدستورية" وهزيمة " الانفصاليين" وطافاً له وضلل الناس بأنه يدافع عن الوحدة برفعه شعار " الوحدة أو الموت" وهو الانفصالي الأول بممارساته الطائفية والمناطقية ومحسوبياته وفساده . صالح شن حربين فاجرتين في جنوب اليمن وشماله.حروب صعدة الستة، ٢٠٠٤ - ٢٠١٠، التي توجها في السادسة بسياسة " الأرض المحروقة" وهي جريمة حرب مكتملة الأركان ولم يسبقه إليها سوى دولة استعمارية هي الولايات المتحدة في حربها ضد شعب فيتنام في سبعينيات القرن الماضي. التذكير بهذه الحقائق لاهدف له سوى بناء وحدة جديدة على أسس سليمة خالية من شوائب وأدران الماضي ولهذا السبب لا يجب طي فصل أسود من تاريخنا هو فصل حرب٩٤ وحروب صعدة. ولايجب من ناحية ثانية نسيان يوم ٧/٧ يوم انتصار صالح وحلفائه على جزء من الشعب اليمني وآثاره المدمرة .لقد ظل صالح يحتفل بهذا الانتصار كإنجاز كبير له حتى إسقاطه من السلطة وسمى مدارس وشوارع في الجنوب ب" ٧يوليو" لإشعار الجنوبيين بهزيمتهم وأنه يحكمهم كمنتصر.
هذا اليوم طبّل له كتابا شملتهم قائمة سميت بقائمة المطبلين والمضللين وهم معروفين فردا فردا .هذا اليوم المشؤم لم يكن انتصارا للوحدة ولكنه كان في الوقع عنوانا لهزيمتها ولتداعياتها المستمرة حتى اليوم.
وهانحن نعيش تفاعلات ونتائج انتصار صالح ضد الجنوب بداية من الحراك الجنوبي السلمي التصالحي عام ٢٠٠٧ الذي قمعه واتهمه بالانفصالية بينما لم يكن سوى حراك سلمي لتصحيح مسار الوحدة ورفع الضيم عن الجنوب وشعبه، إلى المجلس الانتقالي وماهو على شاكلته. ظل صالح يزعم قبيل وخلال الحرب التي بدأها هو في ٥ مايو بأنه يدافع عن أغلى منجز يمني وقد صدقه بعض العرب تحت تأثير فروع أحزاب قومية ومن الأمثلة ماتضمنته مجلة " القلم الصريح" التي أصدرها لفترة قصيرة عام ١٩٩٤ الوحدوي العربي الراحل د.خير الدين حسيب الذي وقع تحت تأثيرمعلومات خاطئة مصدرها الداخل اليمني .
بينما كانت الحقيقة عكس ذلك والتاريخ لايكذب. وفي مسعى لصالح في الأمم المتحدة لشرعنة حربه العدوانية كشف ممثله، عضو مجلس الرئاسة ، عن بعض أسبابها ومنها الرفض القاطع لوثيقة العهد والاتفاق وهذا الموقف كرره نفس العضو مع وفد لجامعة الدول العربية بصنعاء عندما قال له بأن الحرب قد جعلتها كأن لم تكن بينما قال صالح المراوغ لنفس الوفد أنه لايزال يقبلها .. تلك الوثيقة كانت ستنقل اليمن إلى فضاء وحدوي حقيقي ووحدة لصالح أغلبية الناس وليس أقلية شنت الحرب للحفاظ على مصالحها و استمرار فسادها ومنها من كان يقف علنا ضد قيام الوحدة كحزب الإصلاح .
كان التغيير لصالح المواطن عقدة صالح وحليفه حزب الإصلاح لأنه يفقدهما التفرد بالقيادة والسيطرة على الناس ومع الوقت سيضعفهما سياسيا.
ورغم تحالفهما العسكري والسياسي فقد كان كل منهما يتربص بالآخر. وفعلا كان منسوب الثقة بينهما متذبذبا ومتدنيا لأنهما لم يتحالفا لمصلحة وطنية وإنما للقضاء على خصم مشترك له رؤيته المغايرة لبناء دولة الوحدة وهي بالمجمل رؤية لم تكن تحيد عما تم الاتفاق عليه بين شريكي إنجازها و لم يكن الاشتراكي بالتزامه بها يريد إعادة اختراع العجلة ولكن أن يحترم ماتفق عليه ويعيش اليمنيون في ظل نظام لاعلاقة له بماضي النظامين التشطيري.
انا هنا أقصد الاشتراكي الذي كان إن مامارسه نظام صالح في الجنوب بُعيد الحرب مباشرة عار وطني لأنه حول حتى قوى جنو بية كانت حليفته في التخريب في الجنوب قبل الوحدة إلى خصوم لايرون في سياساته في الجنوب إلا أنها سياسة محتل استهدفت تهميش الجنوبيين وإذلالهم.
قابلت في ابريل ٢٠٠٥ الحضرمي جمال النهدي الذي قال بصريح العبارة نحن محتلون وليست هذه هي الوحدة التي أردناها لقد تعاونا مع الشمال ضد الجنوب في الأعمال التخريبية وفقدت إحدى يدي في محاولة فاشلة لي لاغتيال أنيس حسن يحي. إن ما لحق بالكادرين المدني والعسكري لدولة الجنوب لايحتاج إلى توضيح ولايمكن إنكاره أو التستر عليه ويجب أن يُدرّس مع كوارث الحرب في المدارس ويوثق لكي لا يتكرر إذا أردنا وحدة لايشكو فيها الجنوبي من ظلم ينكره الفاعلان الأساسيان ولئلا تكون الوحدة مستقبلا عرضة لسياسات طائشة مماثلة.
لنتذكر أنه قبل عدة أسابيع فقط أصدر الرئيس العليمي قرارا بتسوية أوضاع 52000 موظف جنوبي.تم هذا متأخرا جدا ، بعد حوالي ثلاثة عقود، والمؤمل أن يتم التنفيذ ومعه التعويض أيضا وأكرر والتعويض أيضا وهذا حق غير قابل للنقاش. لقد حقق علي صالح وبطانته نصرا رخيصا بالمقاييس الوطنية ولكنه ثمنه كان فادحا في نتائجه.
إن تراكمات هذه النتائج تترجم اليوم في الساحة الجنوبية بنزعات انفصالية كان نظام صالح والإصلاح من أوجداها. لقد مارس النظام حقده حتى على أشخاص كنت منهم إذ طلب وزير الخارجية باسندوة من الجامعة العربية إنهاء انتدابي فيها وعودتي إلى صنعاء.كان تاريخ رسالته هونفس تاريخ إعلان البيض للانفصال في ٢١ مايو الذي كان ردا على حرب ٥ مايو. الرسالة مرفقة بهذا
ضرورة المحاكمة:
الجرائم لاتسقط بالتقادم.هذه قاعدة قانونية وسياسية معرفة وطنيا ودوليا.ومعرفة الحقيقة حق من حقوق المواطن ولهذا يجب استجواب كل من اشترك في حرب ١٩٩٤ من قيادات سياسية وعسكرية وأمنية وحزبية ثم محاكمة من يستحق المحاكمة. لايعقل أن ترتكب جرائم حرب ويتسبب تجار الحرب في تفكيك عرى الوحدة ثم الوطن ويفلتوا من العقاب ويتم التغاضي عن جرائمهم .
إن محاكمتهم ستكون درسا يحول دون تكرار ارتكاب نفس الجريمة وستضع حدا لنزوة مجنونة لاتزال تعشش في رؤوس البعض المتطلعين إلى العودة السلطة بعد كل مافعلوه. لم تقض الحرب على الشراكة الثنائية بل حالت دون تو سيعها لتشمل قوى سياسية وحدوية استبعدت منها كنتيجة لسياسة التقاسم غير الصائبة. الحرب التي خيضت بإسم " الشرعية الدستورية " أضعفت النظام والقت ظلالا كثيفة من الشك حول مشروعيته التي لم يحز عليها بعد الحرب إلا بتزوير الانتخابات والإقصاء وكان إقصاء الشريك بالحرب قاتلا لها .
لقد ارتكب الرئيس هادي بسبب تعطشه للسلطة والثروة خطأ أقل فداحة عندما عزل نائبه ورئيس الوزراء خالد بحاح لأن الشرعية كانت منوطة بهما معا وليس بهادي وحده.