مر شهران وأسبوع على تأسيس قوات درع الوطن وما تزال القوات في مواقعها المحددة ضمن مسرح العمليات الذي حدده قرار المجلس الرئاسي القاضي بإنشائها، والصادر في 29 يناير الفارط.
كل المعلومات التي تناولتها وسائل الإعلام يوم صدور القرار وبعده بأيام، والتي تحدثت عن أن القوات الجديدة المشكلة بقرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، سوف تحل محل قوات المجلس الانتقالي داخل العاصمة عدن، وفي حماية قصر المعاشيق، وكذا بديلًا لقوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، لم تتحقق حتى الآن، فحسب مصادر مطلعة أكدت لـ"النداء" أن قوات درع الوطن المشكلة من 8 ألوية عسكرية، يتمركز اللواء الخاص بمدينة عدن في منطقة البريقا، حيث المركز الرئيس لقيادة درع الوطن، فيما يتمركز لواءان في أبين، ومثلهما في محافظة لحج أحدهما في قاعدة العند الجوية، فيما يتمركز لواء آخر في وادي حضرموت، وآخر في الضالع، فيما اللواء الثامن مايزال بدون منطقة تمركز حتى الآن.
وأفصحت مصادر مطلعة عن أن ألوية قوات درع الوطن قد تصل إلى 13 لواء وربما أكثر من ذلك في الأشهر القادمة، فيما ساد إعلان تشكيل هذه القوات لغط ومخاوف كبيرة في الجنوب، لا سيما في صفوف أنصار المجلس الانتقالي والحراك الجنوبي، إلا أن المعلومات أكدت أن درع الوطن شكلت بناء على توافق بين جميع الأطراف بما فيها قيادة المجلس الانتقالي.
قرار تأسيس درع الوطن نص على أن تكون هذه القوات "احتياطي القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن تلتزم بقانون الخدمة في القوات المسلحة والقوانين ذات الصلة".
من هو بشير المضربي؟
وفي القرار الرئاسي أوكل العليمي هذه القوات إلى العميد بشير سيف عبير المضربي الصبيحين المولود في 1988، وهو قائد محسوب على التيار السلفي، سبق أن تلقى دروسًا في دماج لدى الشيخ مقبل الوادعي، كما سبق له الانخراط في الجانب العسكري إبان معارك تحرير مدينة عدن من جماعة الحوثي وصالح العام 2015.
وينتمي المضربي إلى منطقة المضاربة في مديرية المضاربة ورأس العارة إحدى مديريات الصبيحة بمحافظة لحج، كما ينتمي أيضًا أغلب قيادات وأركان درع الوطن إلى مناطق الصبيحة، كما هو حال الأفراد الذين ينتمي عدد منهم إلى نفس المنطقة أيضًا، وتشير المعلومات إلى أن أغلب قيادات وأركان درع الوطن قدموا من ألوية العمالقة التي أسستها الإمارات وتشرف على تمويلها حاليًا.
واعتبرت قيادات في الجيش اليمني أن قوات درع الوطن تابعة للجيش الوطني بموجب تأسيسها، لكن آخرين اعتبروها تابعة وخاضعة بشكل مباشر لرئيس مجلس القيادة الدكتور رشاد العليمي، ولا تخضع لهيئة الأركان اليمنية أو وزارة الدفاع، ومن هنا فإن تأسيس هذه القوات جاء لتقوية مركز الدكتور العليمي الذي يحتاج كما يبدو لقوات حماية في عدن وغيرها مثلما هو الحال بأعضاء في مجلس القيادة الرئاسي يمتلكون قوات خاصة تأتمر بأمرهم ومدعومة من طرفي التحالف.
الأيديولوجية التي تعتنقها
تؤكد المعلومات أن جميع قيادات وأركان وضباط قوات درع الوطن، بمن فيها القائد العام بشير المضربي الصبيحي، يعتنقون المذهب السني السلفي، وأفراد القوات الذين قد يتجاوز عددهم الـ15 ألف فرد، يعتنق أغلبهم الأيديولوجية الدينية السلفية، لكن أعدادًا أخرى ليسوا بسلفيين، وإنما هم من عامة الناس والشباب الذين تقدموا من جميع المناطق للتسجيل في هذه القوات حينما أعلن عن فتح باب القبول قبل عام ونيف.
أعرف عددًا من المنتسبين لقوات درع الوطن من أبناء الصبيحة من عامة الناس ليسوا بسلفيين، ولا يتم إجبارهم على اعتناق السلفية داخل المعسكرات كما قال أحدهم، وإنما يتم الطلب منهم أداء الصلوات والالتزام للقيادة.
ومن هنا يبدو أن قوات درع الوطن أسست على نفس النسق والأيديولوجيا التي أسست عليها قوات العمالقة والحزام الأمني وغيرها من القوات التي شكلتها دولتا التحالف، إذ إن قيادات هذه القوات جميعهم من المذهب السلفي، بينما الأفراد والجنود متنوعون ومتعددو المشارب والتوجهات.
ويمكن التأكيد أن السلفية الدينية سواء الجامية أو غيرها هي المرجعية الدينية الأساسية لقوات درع الوطن التي تلتزم لها، فضلًا عن التزامها لسلطة رئيس مجلس القيادة من حيث الأوامر العسكرية وكل ما يتعلق بتحركاتها وانتشارها العملياتي.
ماذا تمثل للدولة الراعية؟
المعروف أن المملكة العربية السعودية هي من شكلت هذه القوات ودربتها وسلحتها وتقوم بتمويلها ماليًا من حيث الموازنات السنوية أو المرتبات الشهرية، حيث يتسلم كل جندي في هذه القوات مبلغ ألف ريال سعودي كمرتب شهري، بينما يتسلم القادة رواتب وموازنات ضخمة بالريال السعودي، وتمثل قوات درع الوطن أداة عسكرية للمملكة في جنوب اليمن، حيث جاء الإعلان عن تأسيس هذه القوات في ظل تباينات كانت تظهر على السطح بين المملكة والمجلس الانتقالي ودولة الإمارات، وأرادت المملكة من تأسيس هذه القوات توجيه رسالة للمجلس الانتقالي والإمارات، إلا أن التباينات أو الخلافات تمت تسويتها كما يبدو، وهو الأمر الذي جعل الأمور تبقى كما هي عسكريًا، لا سيما في عدن وقصر معاشيق التي يسيطر عليها قوات الانتقالي، أما في ما يتعلق بوادي حضرموت فإن تصاعد الخلاف بين الإصلاح والانتقالي قد يؤدي إلى تدخل المملكة باستبدال قوات المنطقة العسكرية الأولى بلواء درع الوطن المتواجد هناك لإخماد الصراع، وهكذا تكون المملكة وضعت يدها على موارد الثروات النفطية في الوادي التي تتداخل فيها عوامل ودول كثيرة منها دولتا التحالف وأمريكا وفرنسا وغيرها.
وفي الوقت الذي يقول فيه قائد قوات درع الوطن إن هذه القوات أنشئت خصيصًا لمحاربة جماعة الحوثي، إلا أن آخرين يرون أن المملكة قد تستخدمها من أجل تحقيق نفوذ لها في الجنوب، لا سيما في شرق البلاد.
* رئيس مركز مسارات للاستراتيجيا والإعلام