المشترك يلتزم الحياد حيال الجنوب والرئيس يلغي دعوته للمكتب السياسي للاشتراكي إلى عقد لقاء.. إشارات مزعجة للسلطة في الخليج بشأن الحراك الجنوبي
التزم اللقاء المشترك الحياد في التطورات الخطيرة التي شهدتها محافظات جنوبية وشرقية مؤخرا خلاف العادة منذ بدأت الاحتجاجات في الجنوب قبل نحو عامين. وذلك شاهد على التنائي المطرد بين مكونات الحراك وأحزاب المشترك وبخاصة الحزب الاشتراكي الذي كان أبرز ضحايا حرب 94، وصار الآن عرضة للتشكيك بمواقفه وتاريخه من قياديين في الحراك، بعضهم طارئ عليه أو كان في ضفة الطرف المنتصر في الحرب على الجنوب.
خلال الأيام الماضية بدت أحزاب المشترك مثقلة بتفاهمات وحسابات بلا ضفاف. وبينما كانت الحرائق تندلع في المحافظات الجنوبية والشرقية انتظرت تمرير اتفاقها مع الرئيس على تأجيل الانتخابات في مجلس النواب. وليس معلوما بعد وجهة المشترك بعد انجاز الخطوة الآولى من الاتفاق الذي يتضمن بنودا أخرى تتعلق بتطوير النظام الانتخابي والحوار على اصلاحات سياسية ودستورية. والحال أن استعار الحرب بين السلطة ومكونات الحراك أربك أجندة الرئيس ومعارضيه التقليديين. وصباح السبت الماضي قرر الرئيس الالتقاء بكبار مساعديه وكوادر السلطة في المحافظات الجنوبية ملغيا لقاء مع أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي كان دعا إليه الخميس الماضي.
وكان لافتا في كلمة الرئيس في اللقاء التشاوري إشادته بوحدوية الحزب الاشتراكي في سياق نقده الحاد لمكونات الحراك الجنوبي وتلويحه بعقاب أصحاب المشاريع التجزيئية. وهذه إشادة لا تخدم الاشتراكي في هذه اللحظة التي يتعرض فيها لتهديد وجودي من أطراف عدة في الجنوب تتوسع على حساب قاعدته الشعبية هناك.
وكان الرئيس صالح عرض على الإصلاح والاشتراكي المشاركة في حكومة وحدة وطنية لمواجهة الأخطار التي تتهدد البلد. وفي كلمته في اللقاء التشاوري كرر في غير موضع دعوته إلى اصطفاف وطني.
ومعلوم أن الاتفاق على تأجيل الانتخابات بدد أية فرص للقاء بين المشترك ومكونات الحراك الجنوبي التي سارعت في فبراير الماضي إلى اتهام المشترك بالتواطؤ مع السلطة لوأد الحراك. وأكثر من ذلك فإن الاتفاق قلل من مصداقية دعوة المشترك إلى حوار وطني مع مختلف القوى والشرائح الاجتماعية وفي المقدمة مكونات الحراك. وعلى الرغم من الجهود المستميتة للشيخ حميد الأحمر رئيس اللجنة التحضيرية للحوار لإبقاء فكرة الحوار متوهجة فإن التطورات في الجنوب والحياد الذي التزمه المشترك حيالها أصابت تلك الجهود في مقتل. والراهن أن خطوط المشترك تقطعت على جبهتي الشمال( صعدة) والجنوب، وبات المشترك محكوما بالسير في مسار واحد، هو بحث قضايا الحوار التي كان مفترضا أن تتتصدر أجندة اللقاء الوطني مع طرف وحيد فقط هو الرئيس علي عبدالله صالح. لكن الرئيس على عجلة من أمره، ويطلب ماهو أكثر من الجلوس مع معارضيه العقلاء لحوار لا تلوح له نهاية بالنظر إلى تعقد وتنوع القضايا المطروحة من المشترك. ولذلك فقد بادر إلى عرض خيار حكومة وحدة وطنية تعزز الجبهة الداخلية التي يظهر للبعض في الخارج، وخصوصا في الجوار، أنها من الوهن بما يسمح لأي كان بفرض قواعد جديدة في علاقته باليمن.
وخلال الأيام الماضية تحركت السلطة باتجاه الجوار الاقليمي لاستباق أية تداعيات سلبية على الأمن القومي الذي يتراءى للجوار انكشافه. وفي هذا السياق يمكن فهم إعلان الحكومة اليمنية مساء الإثنين بأنها طلبت تسليم عناصر يمنية مقيمة في السعودية وعمان بسبب نشاطها المعادي للاستقرار في اليمن، في إشارة إلى حيدر العطاس وعلي سالم البيض. فضلا على موقف أمين عام الجامعة العربية بشأن حرص الجامعة على وحدة اليمن واستقراره.
على أن الجامعة العربية ليست الطرف الاقليمي الذي من شأنه تبديد هواجس القيادة اليمنية. فالشأن الوحدوي اليمني هو خليجي بامتياز. وخلال الأيام الماضية بلغ التوتر مداه، حتى أن أي تعليق أو تصريح أو حركة ما ترصد في الجوار صار مجلبة للقلق والصداع في صنعاء. وصباح اليوم تصدرت افتتاحية صحيفة الرياض السعودية أجندة اهتمام السياسيين اليمنيين بمختلف مواقعهم. وسبق لصحيفة الرياض أن خصصت مقالات افتتاحية للشأن اليمني تحمل مضامين إيجابية تجاه اليمن، لكن افتتاحيتها الأخيرة جاءت مطبوعة بالتشاؤم حيال ما يجري في اليمن من تطورات، محذرة من خطورة انفلات الأوضاع فيها بما يهدد جيرانها. وخلصت الافتتاحية إلى توصية مفادها أن يجتمع قادة دول الخليج بالرئيس علي عبدالله صالح وأطراف النزاع في اليمن إلى لقاء يمنع انزلاق الوضع في اليمن نحو الكارثة.
لم يصدر بعد رد فعل يمني رسمي على افتتاحية الرياض، لكن المؤكد أن الرئاسة اليمنية لن تقرأها إلا في سياق الحركة المتنامية لزعامات جنوبية تقيم في السعودية وبلدان خليجية أخرى. ومعلوم أن تناول الشؤون الداخلية لبلدان الخليج والجزيرة في الصحف الحكومية والأهلية لا يتم النظر إليه في الدوائر الرسمية لهذه البلدان على أنه سلوك يقع في صميم نشاط الصحافة، بل هو تعبير عن توجهات رسمية.
أيا ما كان، فإن الظاهر مما يجري في الجنوب والجوار أن الوضع في اليمن بلغ نقطة حرجة يصعب بعدها السيطرة عليه، ما يفرض على الحكم المسارعة إلى طرح أدواته وأساليبه العتيقة في مقاربة الأزمات الداخلية جانبا، والمسارعة إلى معالجات فورية لأزمتي صعدة والجنوب قبل أن تتحولان إلى شأن داخلي للجيران. وهذه المعالجات لا تستدعي بالضرور ة تشكيل حكومة وحدة وطنية أو إرسال كبار المسؤؤلين الى المحافظات الجنوبية للتذكير بمحاسن الوحدة وفظائع ما قبلها، أو إطلاق الوعود بقرب إرسال لجان رفيعة من صنعاء إلى هذه المحافظات لرصد التجاوزات واقتراح المعالجات على القيادة السياسية الحكيمة.
المشترك يلتزم الحياد حيال الجنوب والرئيس يلغي دعوته للمكتب السياسي للاشتراكي إلى عقد لقاء.. إشارات مزعجة للسلطة في الخليج بشأن الحراك الجنوبي
2009-04-30