بتحانكيني حن معش زنة طاس
وانا معي زنة تجنن الناس
والله القسم ما سمني وسمسم
غير الجرز والزنة المُسيم
ونحن نرى بلدنا تفترسه عبثية سيف البداوة الذهنية لفكر العورة السائل، والذي تجيده باحترافية إيمانية وهوس مسعور، "اللحوم المسمومة"، التي ينحصر ويقتصر عملها الجهادي على ملاحقة النساء وشماطيرهن، من قبل أن يلدن حتى القبر، ملاحقة مجهدة باستلذاذ كهنوتي متمرس، في التفتيش بخيوط الشراب والملابس الداخلية، وهل شعرها مجعد، أو ناعم، والمسامات هل هي مفتوحة للشيطان، أم مصفدة، وقشرة الشعر هل هي بهوية إيمانية استغفارية، أم كفرية استكبارية، وما أتعس بلد "الغفلة الإيماني"، وهو يطوس ويهوس بمرضه المزمن بالشماطير والتفتيش بخيوطها، في قلب الحرب والجوع المستدام، والإرهاب، والتطرف، والتعصب، واليتم الكبير ليمن عارية من كل شيء إلا من لحومها المسمومة المتجولة في الداخل والخارج.
2
تعميمات بشأن العبايات - البالطوهات النسائية (متداولة في شبكات التواصل)
لم تأتِ فاشية "الكلمحة - الحوثية" من فراغ، بل هي بنية فكرية متأصلة عند العرب والمسلمين، وخصوصًا في "اليمن السعيد جداااا"! نعم، اليمن المُلغم في تاريخه بالديني -المذهبي العصابي، الذي يستحل البشر والشجر والحجر باسم الله والمقدسات، وهي التي صنعت البُنية الوعرة للشخصية القاعدية اليمنية، بحسب علم الاجتماع.
لنرَ:
أول دستور الكلمحة وتناسل العورات، منذ الجمهورية 1962، تمثلت في البندين الأولين للدستور: "دين الدولة الإسلام، والشريعة مصدر جميع التشريعات"، وارتكز عليهما النظام بإسناد من الجماعات الأصولية المتطرفة والقبيلة والعشيرة، ليجري تثبيتهما بالترهيب والتخويف والتكفير في الألفية الثالثة بـ"مؤتمر الحوار الوطني"، 2013.
لا نبالغ إن قلنا إن جذر الدعشنة واحد، عند الجماعات الإسلاموية "حوثي، وإخوان، وسلفيين و…"، فمن شدة "الفرغة" الدسمة، الكل يتحرك بفيالق مليشياته ومليونياته "قرآناتهم الناطقة -اللحوم المسمومة"، فهم حراس العقيدة، والنطفة، والفضيلة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والإيمان الحق، ليطعفروه على البلاد والعباد، إرهابًا، وتقتيلًا، وكان الجدار الأضعف للقصف: النساء.
خلال مظاهرة للاعتراض على مناقشة البرلمان لتحديد سن الزواج في العام 2010 (أروى عثمان)
يكفي أن المنظومة التعليمية البيئة المخصبة للإرهاب، والتي لم تنفك حتى اللحظة تفتش في ضمائرنا من هو المؤمن والكافر، وكذلك الخطاب الهووي الاستقتالي على الجدران ووسائل المواصلات وزوامل القيامة والنصوص والخطابات -وليس بآخر- الوثيقة الفكرية 2012، ومدونة السلوك 2022، كل ذلك ما هو إلا مخرجات الترسانة الثقافية، التي بدورها أنتجت أجيال الغياب، أجيال الكتمة عقلًا وجسدًا، يكفي أن تشاهد كل يوم افتتاح مقبرة جديدة يؤمها، أو بالأحرى يتخرج منها أطفال المدارس ما دون الرابعة عشرة، حاملين على قبورهم ألقاب الجنة: أبو حرب، والعترة، وأم المجاهدين المزغردة، لأن أولادها الخمسة، وزوجها، وأكثر من عشرين شخصًا من أقربائها كانوا فداءً لقائد المسرة القرآنية! وهل أكرموها، لا، بل تنتهك في غدوها ورواحها، وما الملبس إلا جزئية في بحر منظومة الخراب القرآني.
3
فعالية بحضور نساء محسوبات على حزب الإصلاح (صورة متداولة - أرشيف)
ماذا فعل وعاظ السلاطين بالملايين من نساء اليمن، ونعني بذلك الإخوان المسلمين -حزب الإصلاح والسلفيين، ومعهم جيوشهم الجرارة: شيوخ قبيلة وعسكر وسياسيون ومؤسسات، وكتاب، وأكاديميون وحقوقيون وناشطون، ذكورًا وإناثًا… الخ، إذ كانوا في كل دقيقة يخبزون أكثر من فتوى، كلها معمدة باللاءات القهرية والترهيبية: لا تخرجي، لا تدخلي، لا تلبسي، حذار، حرام، ممنوع، عيب وعار، ما يجوز، شرع القبايل، "قرن في بيوتكن"، "حبائل الشيطان"، "يدبرن في هيئة حمار وشيطان"، ويمسخوننا بصور حيوانات أسطورية، "لا خروج إلا بمحرم"، والله والملائكة تلعنا في كل ثانية إن خرجنا، تحركنا، نبض عرقنا، حكّينا رؤوسنا، بدون إذن "أولي أمرنا"، ولا ننسى أناشيد الاستهياف، "يا أمة الله، تنقبي، ولا تخلعيه فتندمي"، "كاسيات عاريات"، والمسخرة الاستذآبية، في 2023: "حجابي عفتي، والمرأة بدون حجاب كالمدينة بلا أسوار" و… الخ.
الهيئة النسائية الحوثية خلاص استعراض في صنعاء 2018 (إعلام الحوثيين)
هذه مخرجات الفرغة الجهادية للفضيلة وتطهير المجتمع من "الغزو الفكري"- سورة الاستبداد بصور الهمجية، ولذا فإن 99% من نساء الشعب اليمني مصفدات بالسواد من رأسهن حتى أخمص أقدامهن في الريف والمدينة. بل حتى المنقبة تكفر وتلعن، فالمخيلة الذهانية الدامية في مجتمع متبطل وعاطل، لم يدرك أننا في 2023 بلا مدينة، بل نعيش في متن أسوار الحرب والمجاعة الفكرية والجسدية، للأسف، وبمباركة من الجوار والعالم.
فقط للتذكير، لحزب الشمس التي لا تغيب، في عام 1999، ماذا فعلتم بالكاتبة رؤوفة حسن، رحمة الله عليها، أنتم والرئاسة والجهاز الأكاديمي؟ لقد قمتم بإغلاق "مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية" الذي كانت تديره الشرفي، بعد تكفيرها وتهديدها بالقتل ونفيها خارج الوطن.
شعارات في ساحة التغيير صنعاء (أروى عثمان 2011)
وفي غمرة الثورة وربيع الكهفنة، 2011، وبنفس أبواق الإرهاب، تعرضت بعض النساء للضرب بأعقاب البنادق وإطلاق النار والتخوين، والمنع من الانتقاد، فـ"نحن في وقت ثورة"، "مافيش حاجة اسمها الثورة دهفتني"، وخطاب: "نساء الحرية والتغيير حولن الساحة الثورية إلى مرقص"، وأننا "نتحرش بالجنود" في حادثة 16 أبريل 2011، و"أين أمننا وديننا، مما يحدث في ساحة التغيير، يا أمة الإسلام"، والتي كنا نسمعها دائمًا في الساحة في غدونا ورواحنا؟
ثم، ألا تتذكرون مطلع 2013، كيف اتفق 70 مفتيًا قضوا بتكفير وإهدار دم الكاتبة بشرى المقطري، ثم سلسلة التكفير والترهيب لسامية الأغبري، وأمل الباشا، ورحمة حجيرة، وكاتبة هذا المقال، وتوكل كرمان التي انهالت عليها التهم من كل الأطراف والجبهات، بما فيها حزبها: الإصلاح، وألفت الدبعي، وغيرهن؟
وقفة احتجاجية ضد الفتاوى الدينية والتحريض خلال مؤتمر الحوار الوطني الشامل (أروى عثمان)
وبنفس العام، كم التهم التي قذفتم بها نساء الحوار الوطني: "أنهن يلعبن ويلهين"، "مأثومات"، ناهيكم عن الفتاوى والمظاهرات والترهيب للنصوص الدستورية: للمواطنة المتساوية، وحرية المعتقد، وتحديد سن الزواج 18 عامًا، وإننا ننشر الفاحشة والشذوذ، نذكركم فقط بجزئية من بيان صادر عن "مجلس الشيخات والفقيهات"، ووصف بالبيان الحق، وفيه إدانة للناشطات الحقوقيات والنساء اليمنيات: اتباعهن الهوى، والترويج للمطالب النسوية (المنحرفة)، واتهم ناشطات حقوقيات بالانحراف عن الشريعة الإسلامية، وتبنيهن أفكار الغرب، وتصدرهن منظمات ووسائل الإعلام بتمويل أجنبي، أما خطاب العامية: الدشر، "جدية تلعب بتيس"... الخ.
أليست هي نفس الأسطوانة تتكرر على مسامعنا اليوم: التخوين والترهيب والقتل المجاني، و"نحن في حالة حرب"، و"محو الهوية الوطنية الإيمانية"، والعدنانية والقحطانية… الخ؟
نعم الحوثية لم تأتِ بشيء جديد، فهي تنهل من نفس البركة المعمدة بفتاوى الدم و"الدواثة"، بنكهة: "عميلة للعدوان"، و"خائنات المسيرة القرآنية"، وليس بآخر، "منع جلوس العائلات لتتنسم مجاري سائلة صنعاء القديمة"، والتفتيش ما تحت الجلباب واللثام، وقياسه بالترمومتر الإلهي، وعد ورقمنة الأخلاق والرذائل لما "بين السرة والركبة"! ليواصلوا مسيرتكم/هم الإيمانية.
تعميمات متداولة في شبكات التواصل
أذكركم بحرب الصورة، كم ظللتم تجاهدون بصورة أمل الباشا، وهي مع زملاء وزميلات وأبنائها في جلسة في مقيل بيتها؟ وكم ظللتم لأشهر، بل لسنوات يا حوثة، وأنتم ترهبونني برقصة عيد الجمهورية 2014، في تحدٍّ للاحتلال القرآني للمدينة المنكل بإنسانها، وتعيرون بناتي: يا بنات الرقاصة -ولي الشرف- من أن رقصة رجتكم، واستدعت نباحكم الإيماني: "أخلاق اليمن في خطر"، وليس بآخر القصف والمقذوفات الهادرة للنساء وكرامتهن، من قبل الحوثي، للفنانة عارضة الأزياء انتصار الحمادي، التي تقبع في سجون الحوثي منذ عامين، وتتلقى أشد أنواع التنكيل، ومثلها المئات في سجون الهوية الإيمانية القرآنية، ولا ننسى أمهات المختطفين وهن يسمن العذاب.
4
فكر الإسلام السياسي للقرآنات الناطقة حوثية، وسلفية، وإخوانية، يشرب من ذات المستنقع، أي "عورة وخلفوا بابها". بلغة أخرى: فتاوى "الدواثة" السُّمية "مرتقها" وااااااحد، وتفتك بوحشية، بالمخالف عندما لا توجد دولة.
ولن يغلق باب فتاوى الدواثة، إلا عندما ينص دستور الحياة على أن دين الدولة: الإنسان، وأن القانون والمدنية مصدر التشريع، وحق المواطنة والتعليم بالعقل مكفول لكل البشر على اختلاف معتقداتهم، بما فيه اللاديني. آنذاك، ستشهد اليمن إنسانًا منتجًا، لا تفتك به مخدرات الفرغة والخرافة والقات والسلاح والقادة والأبطال والجنرالات والمليشيات بأشكالها وألوانها الظاهرة والمختفية باسم المقاومة والمقاومة المضادة.. بعد أن نكف عن استنساخ حكاية العنزة، التي تتندر على عورة أختها المكشوفة، ولا ترى نفسها، فالحنش الأقرع الوهابي السلفي للأمس، هو اليوم حنش الظمأ 2014، وبشعار "إصلاحوثي": "إحنا وحوش الأرض البارعة، إحنا السباع والنمارة"، ما الذي تغير؟! نعم، "عورة وخلفوا بابها".
قطف خبر:
يا سادة "الشماطير"، وفي رواية أخرى "الشماطيط"، و"الكلمحة"، كفوا عن انتهاكاتكم الفاشية بمتلازمة "نحن في حالة ثورة"، "نحن في حالة حرب وعدوان"، سيبوا زنن النساء وسراويلهن وأمصارهن، ومقارمهن وأصباغهن، وفضتهن في حالها، سيبوا شماطير النساء تكتب نفسها، سيبوا القمريات والسائلة في حالها!
بعبارة أخرى: "سيبوا العورة في حالها"!