سامي غالب يكتب عن «الفضيلة» المفترى عليها
لا مكان في الإسلام لسلطة دينية. ولا يليق ب «عالم دين» أن يشهر سلاح التكفير في وجه ناقديه بدعوى الغيرة على الفضيلة، محتكراً لنفسه الحق في تقرير «شؤون دنيا» المسلمين، والتحكم في تنظيم الحقوق المدنية للمواطنين.
هذا تجرؤ على الدين قبل أن يكون تسلطاً على البشر.
في الأيام الماضية شن رجال سياسة يخلعون على أنفسهم وصف علماء دين، حملة خرقاء على الصحافيين، زاعمين أن هؤلاء يسفهون «الأمر بالمعروف» إذ ينتقدون مشروعهم لإنشاء هيئة للتصدي للمنكرات.
هذه «ديماغوجية» لا تليق بأناس يزعمون الغيرة على الفضيلة ... الفضيلة التي يُراد لها أن تكون «قلعة الطغيان الأخيرة».
الصحافة اليمنية في خطر. وبينما تتعسف السلطة القانون للسيطرة على جسد الصحفي بسلب حرية حركته بوساطة الحبس، يتعسف هؤلاء «الغيورون الافتراضيون» نصوص الشريعة الإسلامية السمحاء للقبض على روحه. يريدون للصحفي أن يعيش محنة الأوروبي في عصور الظلام في الغرب المسيحي، حينما وقع في أسر سلطتين بغيضتين: الطاغية الذي يزعم لنفسه سلطة التحكم بالجسد، ورجل الكنيسة الذي يزعم أن الله فوضه سلطة التحكم بالروح.
في خطاب هؤلاء الجامحين عنف لفظي، وترويع، وتحريض، وتضليل، ما يؤشر على مستقبل قاتم ينتظر اليمنيين، قوامه أحكام سلطانية تبرر القمع والتنكيل، وتسوِّغ للفساد والفاقة وخرق الدستور والقانون، وسوق الضعفاء إلى المعتقلات بزعم ضعف الوازع الديني.
يستأسد هؤلاء الذين يريدونها سلطة دينية (أكليروس)، في وجه الصحافيين وأصحاب الرأي، وينكسون رؤوسهم في حضرة السلطان، ولا يتورعون عن التودد إليه وتملقه، وتنميق أباطيله، وتبييض نواياه لكأنه الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.
كل هذا الرياء فيما أحزاب اللقاء المشترك، وبخاصة التجمع اليمني للاصلاح، تتعامى عما يجري، في انتهازية سياسية تقوِّض مصداقية برنامجها للاصلاح السياسي، وتدحض دعاواها باحترام حرية الرأي والحق في التعبير.
المشهد اليمني بائس، تتسيده قيم الغلبة وروح النفاق. والطغيان والتطرف يكادان يطبقان على البقية الباقية من الهامش الديمقراطي، على جسده وروحه في آن، في لحظة فارقة في حياة اليمنيين تستدعي احتشاداً مضاداً، سياسياً وحقوقياً ومدنياً، ينتصر للفضيلة ويحررها من الأدعياء الذين يشنون باسمها حملاتهم «التفتيشية».
Hide Mail
عن «الفضيلة» المفترى عليها
2008-07-03