صنعاء 19C امطار خفيفة

حمامات دمت السياحية.. استنزاف مستمر ونضوب مرتقب

2008-06-12
حمامات دمت السياحية.. استنزاف مستمر ونضوب مرتقب
حمامات دمت السياحية.. استنزاف مستمر ونضوب مرتقب - فؤاد مسعد
تقع مديرية دمت في محافظة الضالع وتبعد عن المركز الإداري للمحافظة بمسافة 54 كم في اتجاه الشمال. كما أن موقعها يتوسط مديرية قعطبة من الجنوب، ومديرية الرضمة من الشمال، ومديرية جبن من الشرق، ومديرية النادرة من الغرب.
والتقسيمات الطوبوغرافية الجميلة لمديرية دمت كهضبة جميلة ترتفع 2000 متر عن مستوى سطح البحر يقطعها وادي بنا الشهير من الشمال إلى الجنوب. وتتوزع مدينة دمت بين ضفتي وادي بنا الشرقية والغربية. وتتخللها كثير من الأودية الفرعية التي تصب في مجرى وادي بنا، وتحيط بها سلاسل جبلية من جميع الجهات، وهي: جبال ناصة من الجنوب، وجبال نيام من الشمال، وجبال حيد كنه من الغرب، وجبال الرياشية من الشرق.
يبلغ عدد سكان مديرية دمت حتى العام 2003 حوالى 80000 نسمة بموجب آخر إحصائية للسكان، ويتوزعون في 10 عزل، 80 قرية. ويسكن في مدينة دمت 22000 نسمة. وتشكل نسبة الاغتراب للسكان في المهاجر المختلفة 20٪_.
وقد اكتسبت دمت أهميتها التاريخية من موقعها على ضفتي وادي بنا الشهير بغزارة مياهه على مدار العام، إلا أن الجفاف الذي أصاب المنطقة هذا العام ألحق أضرارا فادحة، لاسيما في الوديان الواقعة في ضفافه والتي لم تتعود مثل هذا القحط الذي قضى أو كاد على رقعتها الخضراء وتربتها الزراعية الخصبة، وصار الغطاء النباتي مهددا بفعل النقص الحاد في كمية المياه. وما أثار مخاوف أبناء المديرية أن الجفاف هذا العام طال الينابيع الكبريتية الحارة التي تعد المقوم الأساسي للمنطقة السياحية التي اشتهرت بكثرة حماماتها المعدنية. وأرجع بعضهم نضوبها  لوقوع  انهيارات أرضية وهزات  تحدث للتربة وتسبب النضوب. ومن ذلك ما شهده مؤخرا حمام الظليمي، حيث انقطع الماء لعدة ساعات ثم عاود الضخ لكن بكمية أقل ولفترات متقطعة. وكان قبله حمام العودي يشهد تقطعا بشكل شبه يومي، ولولا خضوعه لعملية تعميق لما استمر بالشكل الذي هو عليه اليوم. إضافة لذلك تراجع الضخ في حمام الاسدي، أكبر حمامات المدينة، عن معدلات الضخ السابقة، والتي كان يتجاوز ارتفاعها أحيانا 6 أمتار، بينما في الوقت الراهن لا يتعدى نصف الارتفاع السابق في أحسن حالاته. والأهم من ذلك كله ما شهدته الحرضة الكبرى من نضوب ملحوظ. ورغم أن هذه المياه الكبريتية غير صالحة لري الأراضي الزراعية إلا أن المواطنين في فترات الجفاف غالبا ما يلجأون لهذه المياه تحت  وطأة القحط. إلا أن الملاحظ هذه السنة أن الحمامات المعدنية بفعل تراجع الضخ لديها صار من المتعذر الاعتماد عليها. وإذا كانت المياه الكبريتية الحارة هي الوسيلة  الرئيسية إن لم تكن الوحيدة في جذب السياحة بشكل عام والعلاجية منها على وجه الخصوص فإن التشاؤم يسود أبناءها في حال نضوب هذه الينابيع، وهو بدت مؤشراته بشكل واضح في الأيام الماضية.
أهم الحمامات:
- حمام عاطف الذي تم حفره عام 1982.
- حمام الاسدي 1992.
حمام الظليمي 1993.
- حمام العودي وتم حفره حديثا.
إضافة للحمامات التقليدية، ومنها حمام الحمدي أو "الدردوش"، وحمام "الحساسية"، وما يعرف شعبيا باسم "البرابر العليا والسفلى". وقد اعتاد المواطنون على ارتياد هذه الحمامات بغرض الاستشفاء من بعض الأمراض المزمنة.
مكونات المياه
تشير الدراسات الأولية التي قام بها متخصصون في المياه المعدنية من تونس في عام 7891، وتشيك 1986، وايطاليا 2001، إلى أن مكونات المياه المعدنية بمنطقة دمت تتميز بخصائص كيميائية وفيزيائية تؤهلها علمياً لعلاج عدد من الأمراض الجلدية والروماتيزم والجهاز الهضمي والتنفسي. ويوجد في دمت حوالى 21 حماماً معدنياً يذهب معظمها بدون استغلال جيد على الرغم من تأكيد الدراسات التي أجريت حولها أهمية التركيب الكمي والنوعي للمياه العلاجية الحارة وفوائدها العلاجية الطبيعية لكثير من الأمراض. وتحتوي مياه دمت الكبريتية الحارة على نوع من الكالسيوم والبيكربونات والكلورايد. كما يحتوي كل لتر ماء على 2جم و900 ملجم من ثاني أكسيد الكربون الحار، إضافة إلى عدد من المواد المعدنية النادرة، والتي تؤكد الدراسات فائدتها الصحية لعلاج الجهاز الهضمي والجهاز التنفسي ولعلاج أمراض المسالك البولية. كما وتشير الدراسة التشيكية أيضاً إلى أن الاستجمام يفيد في علاج المفاصل وأمراض الدورة الدموية والجهاز العصبي وفي عدد من الأمراض الجلدية.
وعلى الرغم من تشديد الجهات المعنية على الاهتمام بالمنطقة السياحية ومقومات السياحة العلاجية فيها، إلا أن هناك عددا من المخاطر الكبيرة التي تعاني منها المنطقة نتيجة للنمو الحضري العشوائي لمدينة دمت خلال العقدين الماضيين وخصوصا بعد الوحدة اليمنية في مايو 1990، كون المديرية واحدة من أهم مناطق الربط بين صنعاء وعدن، وقد أدت المحاولات  المحدودة وغير المنظمة لاستغلال موارد المياه العلاجية الحارة فيها  إلى مشاكل بيئية خطيرة واختلالات سلبية كبيرة ترتبت عنها   نتائج عكسية وأضرار  اقتصادية واجتماعية وصحية وحيوية، وذلك لاستمرار ما تتعرض له تلك الموارد الطبيعية من تدهور واستنزاف دائمين واستغلالها بطريقة غير عقلانية.
ووفقا للهيئة العامة للتنمية السياحية فإن أهم المشاكل البيئية تتلخص في ما يلي:
استنزاف المخزون
من أبرز مشاكل الوضع الراهن في دمت الاستنزاف العشوائي للمخزون الجوفي من المياه المعدنية الحارة وإهدارها إلى ضفاف الوادي دون أن تستغل لأية منافع تذكر. حيث أظهرت دراسة تقييمية أولية للمياه الحارة في المنطقة أن كمية المياه الحارة المهدورة سنوياً من الآبار العشوائية الأربع: بئر عاطف، بئر الاسدي، بئر الظليمي، بئر العودي، بالإضافة إلى بقية العيون الطبيعية الأخرى تقدر بسبعة ملايين متر مكعب، ما يعد  مؤشرا واضحا لمقدار السحب المفرط والاستنزاف العشوائي لموارد المياه العلاجية الحارة من المخزون الجوفي، مما يؤدي إلى سرعة نضوبها على المدى البعيد والمتوسط، إلى جانب العديد من التأثيرات البيئية الناجمة عن ذلك، كالتلوث البيئي والانهيار التدريجي لتسرب الغاز وانخفاض قوة الضغط الهيدرولي، مما سيؤدي بدوره إلى صعوبات كبيرة في إنتاج تلك المياه، بالإضافة إلى العديد من التأثيرات السلبية على البيئة الحيوية للمنطقة بشكل عام.
واستناداً إلى دراسة للدكتور ناصر عبدالله العولقي بعنوان "أزمة المياه واستراتيجية معالجتها في الجمهورية" فإن سعر المياه المستخدمة للصناعات وغيرها يصل إلى 200 ريال للمتر المكعب، وبالتالي فإن ما يتم إهداره من المياه  في منطقة دمت  تقدر قيمته بمليار وأربعمائة مليون ريال سنويا، يضاف إليها نفقات معالجة آثار وانعكاسات التلوث البيئي الناتجة عن إهدار تلك المياه مما يصعب تقييمها وإعطاءها مدلولات حسابية حالياً. ولكن النتيجة الحتمية لذلك كما تؤكد الهيئة ستكون مأساوية بكل المقاييس. وستؤثر بشكل لا يتصور على مستقبل المنطقة.
وتشير الهيئة إلى مصادر التلوث البيئي الناتج عن النمو الحضري بصورة عشوائية دون أن تتدخل الجهات المعنية في السلطة المحلية.
وعلى الرغم من اعتماد شبكة للصرف الصحي في المدينة منذ سنوات، إلا أن المشروع لم ينجز بعد، ولا يزال ضمن مشاريع كثيرة يشهد ترحيلا من عام إلى آخر، وهو ما أضاف للمدينة وسكانها متاعب كثيرة، وتظل المدينة كما هي ممتلئة بالأمراض والأوبئة الخطيرة الناجمة عن تكاثر البعوض ومخلفات القمامة المكدسة في الشوارع والأحياء الخلفية والطفح المتزايد للمجاري.

إقرأ أيضاً