سياج أمني وعسكري لحماية العاصمة من الحوثيين
نبيل الصوفي
بعد ساعات من إعلان وزارة الدفاع أن الجيش صفى ما وصفها بأوكار عناصر الفتنة والتمرد في مديرية بني حشيش، شوهدت مدرعات في شوارع العاصمة. وعلى طول الخط الدائري الشرقي بمحاذاة نقم، وابتداء من الشارع الجنوبي لدار الرئاسة انتشر مئات الجنود المدججين بالسلاح، وازدادت كثافتهم كلما اقترب جبل نقم، ليصطفوا بطريقة ملفتة تجوب أمامهم سيارات النقل المحملة برفاقهم من جولة نقم قبل فندق الموفنبيك وحتى مدينة سعوان. وتعود الأعداد لتخف من الروضة وحتى المطار والجزء الغربي من العاصمة.
ما بعد سعوان، وفي الطريق الواصل بين خط مارب وطريق المطار خارج العاصمة، تقف المدرعات وناقلات الجند، وتنتشر نقاط صارمة التفتيش تبدأ بشنطة السيارة وتنتهي بطلب بطائق الركاب على أي سيارة، ويمكن التحقيق مع بعض من يشتبه بهم المفتشون.
وقبل الوصول لمطار صنعاء من جهة الشمال الشرقي ينتشر أفراد من قوات الجيش ولكنهم لا يقومون بالتفتيش.
وتتساوى الإجراءات على من يدخل صنعاء ومن يخرج منها، لكنها تزداد في المناطق التابعة لمديرية بني حشيش.
وتختلف مواقف المواطنين الذين توقفهم مصالحهم على جانبي الطرق المذكورة (زارها الكاتب ليلة الثلاثاء وتجول فيها لتسع ساعات)، ففيما يشيع الوجوم أولئك المتواجدين في محيط الطرق داخل العاصمة، يبدو الحذر واضحا على وجوه من حول الطرق خارج العاصمة. ويجمع هؤلاء على أن الحوثيين هم السبب وراء هذه الإجراءات، ويختلفون حول توزيع نقاط القوة، ويبدو سكان صنعاء أكثر خوفا من سكان تلك المناطق، الذين قال بعضهم إن الحوثيين أقل قوة مما تبذله الدولة في مواجهتهم. يتحدثون عن أن الطلقة الحوثية، وغالبيتها مجهولة المكان، تواجه بعشرات القذائف من مختلف الأنواع تطلق على مساحة جغرافية واسعة. معتقدين أن الخطة العسكرية للمواجهة متسرعة، أو تؤكد أن الدولة استرخت بعد توقيع اتفاق الدوحة، خلاف الحوثيين، الذين "اعتبروا الأمر هدنة مناسبة للترتيب لمعركة أخيرة إما أن تكون هي نهايتهم وما أن يحققوا عبرها انتصارات نوعية".
مصدر حكومي رفيع المستوى لم يبتعد كثيرا عن التحليل السابق فيما يخص الفارق في الاستعدادت، لكنه قال: "يبدو أن الحوثيين تيقنوا من صعوبة أن يحققوا شيئا في صعدة، فتحولوا إلى عصابة تريد أن تفعل كل ما بوسعها لتسجل حضورها الأخير".
انتقال المعارك إلى المناطق الجديدة من حرف سفيان إلى بني حشيش طرح بقوة مسألة علاقة الدولة بسكان هذه المناطق. وعلى الرغم من استمرار الدولة في التعامل مع الأمر على أنه مجرد مواجهة نوعية بين الجيش وخارجين على القانون، لكن معارك بني حشيش تظهر أن الحوثيين يحصلون على دعم من مواطنين ليسوا فقط من الموالين لهم فكريا، ولكن أيضا من الذين لديهم أجندات مختلفة مع مسؤولين في الدولة، كمطالب لم تنفذ أو حتى مخاوف. وفي هذا الشأن قال المسؤول الرفيع: "صحيح حتى الآن تعتمد الدولة على الأداء العسكري، وهي لا تريد أن تكرر ما حدث في الحرب الأخيرة، حيث أن دخول القبائل وإن أقنع الحوثيين بصعوبة الانتصار في صعدة قد اضطرهم للخروج منها حتى دون الرغبة في القتال خوفا من الاغتيالات القبلية لتصفية آثار تلك الحربـ". هو يؤكد أن الحوثيين لا يخافون من الدولة في حال الاتفاق على كف الحريق، لكنهم لا يثقون أنها ستحميهم من الثارات التي بينهم والقبائل.
غير أن إصابة عضو مجلس محلي بني حشيش مساء الثلاثاء يوحي بأن الأمور احتاجت لتغيير الخطة، إن كانت فعلا هناك خطة كما وصفها المصدر.
ميدانيا يتأكد تحقيق الجيش للانتصارات، لكن الميدان ذاته يؤكد أن ذلك ليس هو المهم، فالحوثيون بالأساس قليلون عددا وعدة، وشراستهم وفقا لمصادر رسمية وشعبية في تلك المناطق "مؤشر يأس من أي تغيير إيجابي".
المهم هو أن الحوثيين حتى الآن يقلقون الدولة من التسرب للمدن. وإذا كان الحوثيون تجادلوا مع حزب الحق الذي أدان الحديث عن توسيع نطاق الحرب واستهداف المدن ومنازل المسؤولين اليمنيين، فإن الجهاز الأمني يدرك أن "أي حوثي يتسرب بسلاحه للمدن يعني أن كارثة منتظرة، سواء كانت في شارع عام أو بجور منزل مسؤولـ"، فكل ذلك س"يوسع من دائرة القلق وهو بدوره سيشكل ضغطا على الدولة وحتى على الأسواق التي لا ينقصها عوامل قلق وغليان إضافية".
بالنسبة للمدرعات فقد جابت، ظهر الثلاثاء، مزاحمة سيارات المواطنين، اثنتان منها شارع الستين من تقاطع شارع حدة وحتى الجامعة الجديدة، والثالثة في تقاطع شارعي الفندق والمدينة بحدة. وفيما اصطف من كان على الأخيرة من جنود يأمرون السيارات بالمرور سريعا، ولم يعرف إن كانت تعطلت أم أنها تمركزت هناك، توقفت إحدى الاثنتين أمام منزل نائب رئيس الجمهورية في الستين الغربي، لتتزود بالوقود، قبل أن تتوقفا معا أمام السور الغربي لجامعة صنعاء.
وفيما لم يعلم مكان وقوفها الأخير، فإن المصادر العسكرية رفضت الحديث عن الأمر، وما إذا كانت المدرعات عائدات من بني حشيش أم توزعت ضمن خطة القوات المسلحة خوفا من معارك داخل العاصمة.
***
مطهر رشاد المصري دعاهم إلقاء أسلحتهم قبل فوات الأوان
تكتيك قتالي متجدد وحرب استنزاف يتَّبعها الحوثي في المعركة الخامسة وهبرة يؤكد سقوط لواء المجد بأيديهم
وهيب النصاري
نفى صالح هبرة ممثل الحوثيين في اتفاق الدوحة صحة أنباء مقتل القائد الميداني عبدالملك الحوثي أو أحد قادته الميدانيين. وقال في تصريحه لصحيفة الـ"العربـ": "لا صحة للمعلومات التي تناولتها بعض وسائل الإعلام عن مقتل أو إصابة القائد الميداني لجماعة الحوثيين، أو مقتل أبوعلي".
وأكد "هبرة" سقوط لواء المجد القريب من مدينة ضحيان -شمال صعدة- بيد أتباع الحوثي مساء أمس الثلاثاء بدباباته وآلياته، وأن السلطة حاولت استعاد لواء المجد وأرسلت وحدات عسكرية من أحد الوية صنعاء إلا أنها باءت بالفشل. مضيفاً أن القوات الحكومية تراجعت من عدة مناطق في محافظة صعدة. يقابلها سيطرة أتباع الحوثي على كافة المواقع العسكرية خاصة في مديرية مران التي تدار فيها معارك مستمرة. وقال: "سيطرنا اليوم (الثلاثاء) على منطقة الحكمي عدى موقعان فقط، في مران، تسيطر عليهما القوات الحكومية".
وإذ وصف المعارك الأخيرة بين الجيش والحوثيين بالأشد شراسة من سابقاتها، أوضح أن معظم مناطق صعدة تشهد هدوءا منذ صباح أمس الثلاثاء، وكذا في حرف سفيان بمحافظة عمران.
كما نفى أن السلطات اليمنية استولت على منطقة "بني حشيش" الواقعة على مشارف العاصمة. متحفظاً في الحديث عن علاقة المملكة العربية السعودية بالحرب. وقال: "الوقت لم يحن، ونحن نقوم بجمع أي أدلة لنقوم بعدها -إن وجدت- بكشفها".
وعن الوساطة القطرية قال: "تواصلنا مع الوفد القطري أمس (الاثنين) وهناك بوادر جيدة". وأضاف: "إذا استمرت السلطة بإصرارها على استمرار الحرب سنواصل الدفاع عن أنفسنا بصد أي هجمات". مشيراً إلى أن مشايخ وشخصيات اجتماعية من أبناء محافظة صعدة طالبوا السلطة بتنفيذ اتفاقية الدوحة لإنهاء الحرب وإحلال السلام التي ترعاها دولة قطر.
وأشاد بجهود ومواقف اللقاء المشترك، تجاه ما يجرى من جريمة إنسانية ضد أبناء محافظة صعدة.
وحول إمكانية إيقاف الحرب قال: "قرار الحرب أو استمرارها بيد السلطة". وجدد مطالبه بالضغط على السلطات اليمنية من قبل منظمات المجتمع المدني لإيقاف الحرب حفاظاً على أرواح الناس وثروات البلد.
وفي تسجيل صوتي للقائد الميداني عبدالملك الحوثي عبر الانترنت نفى صحة الأنباء التي تحدثت عن إصابته في المواجهات مع القوات الحكومية. وقال إنه لا صحة على الإطلاق لما وصفه بالشائعات التي تروج لها السلطة عن إصابته أو أي من القيادات الميدانية للحوثيين.
ومن جانبه أعلن مصدر مسؤول في وزارة الدفاع أن قوات الجيش تمكنت من إنهاء تمرد لعناصر تابعة للحوثيين في مديرية بني حشيش الواقعة على بعد نحو 20 كم شمال شرق العاصمة صنعاء. وقال إن قوات الجيش وبالتعاون مع المواطنين تمكنوا من تصفية كافة أوكار عناصر الفتنة والتمرد الخارجة على القانون.
من جهة أخرى جدد اللواء مطهر رشاد المصري الدعوة لأتباع الحوثي إلى إلقاء أسلحتهم قبل فوات الأوان. وتأتي هذه الدعوة وسط أنباء عن مواجهات عنيفة بين قوات الجيش وأتباع الحوثي في عدد من مناطق صعدة، بعد فشل الوساطة التي كانت تقوم بها قطر لتحقيق مصالحة بين الحوثيين والحكومة اليمنية.
وقالت مصادر محلية، أمس الثلاثاء، إن المعارك مستمرة منذ 15 يوماً في مناطق مران وجبل عزان وحيدان ومناطق أخرى من المحافظة، التي يتمركز فيها جماعة الحوثي، حيث تستخدم القوات الحكومية الأسلحة الثقيلة من صواريخ ومدفعية ودبابات بهدف اقتحام الجبال التي يتحصن فيها الحوثيون.
باستثناء الانفراج المحدود في جبهة حرف سفيان بعد تمكن القوات المسلحة مطلع الأسبوع الجاري من السيطرة على مركز المديرية وإعادة فتح طريق صنعاء – صعدة، ما تزال تدور معارك ضارية بين القوات الحكومية والحوثيين في مختلف جبهات القتال في محافظة صعدة ومنطقة بني حشيش التي تقع على مشارف العاصمة صنعاء.
وأكدت مصادر محلية لـ"النداء" أن القوات الحكومية تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق تقدم نحو أهم معاقل الحوثيين في مران وضحيان ومطرة وآل الصيفي والمهاذر، في ظل مقاومة شرسة ومواجهات عنيفة سقط فيها عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.
وقالت المصادر إن تغيير المقاتلين الحوثيين لاستراتيجية المواجهة مع القوات الحكومية –التي اعتمدت القصف الصاروخي والمدفعي والجوي لأهم معاقلهم- وتنفيذهم لعملية أشبه بإعادة انتشار على المناطق وتوسيع رقعة المواجهات أعاقت القوات الحكومية من تحقيق تقدم ميداني وجعلتها تدخل في حرب أشبه بحرب استنزاف.
وأكدت المصادر أن مقاتلي الحوثي أجبروا القوات الحكومية أمس الأول على الانسحاب من جبل عزان الاستراتيجي بعد أن كانت قد سيطرت على أجزاء كبيرة منه.
على صعيد متصل نفذت وحدات من الجيش هجوما عنيفا مساء الاثنين وفجر الثلاثاء على المناطق التي يتمركز فيها أنصار الحوثي في منطقة بني حشيش. وقالت مصادر محلية إن قرى: الشرية، بيت القحم، بيت المزيجي، تعرضت لقصف صاروخي ومدفعي عنيف ألحق أضرارا كبيرة لم يتسن لنا التأكد من حجم تلك الأضرار وعدد الضحايا بين الأهالي.
وأشارت إلى أن سعد الحيمي، أمين عام المجلس المحلي بمديرية بني حشيش وأحد مرافقيه أصيبا بجروح خطيرة في مواجهات أمس الثلاثاء.
واستبعدت المصادر تمكن القوات الحكومية من السيطرة على الأوضاع في المنطقة بسهولة نظرا لتضاريسها الوعرة وتواجد المقاتلين الحوثيين في مرتفعات ومواقع استراتيجية.
ونفى المصدر صحة ما ورد على لسان مصدر رسمي أمس، قال إن القوات الحكومية تمكنت من حسم المعركة والسيطرة على المنطقة.
سياج أمني وعسكري لحماية العاصمة من الحوثيين
2008-05-29