صنعاء 19C امطار خفيفة

كوارث الهيبة

2008-04-26
كوارث الهيبة
محمد الغباري

محمد الغباري

كوارث الهيبة - محمد الغباري
لا مجال لنكران أن الصراع بين مراكز قوى قد خرج إلى العلن، وأننا أمام قوتين: الأولى ترى أن من مصلحتها استمرار إنهاك نظام الحكم حتى النهاية مهما كانت عواقب هذا الفعل، وأخرى ترى أن تجاوز الآلية القديمة لإدارة الدولة سيساعد على ايجاد تحول حقيقي في اطار النظام القائم ويجنب البلاد مخاطر الوصول إلى مربع الدول الفاشلة.
بعد اتضاح هذه الحقيقة، فإن قدرة أي طرف على الإنتصار لرؤيته سيكون رهناً بخيارات الرئيس؛ لأن تنامي هذا الأمر في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة سيقود في النهاية إلى خلق المزيد من الأزمات ويؤدي إلى تفجر الأوضاع أكثر مما هي عليه الآن. اليمن اليوم بحاجة إلى الإنفتاح على مختلف القوى السياسية، واستشعار حجم المخاطر التي تواجهنا. وهذا لن يتحقق الاَّ بمبادرة اصلاح وطنية تتجاوز حسابات موازين القوى ومصالح مكونات النظام. اما الدفع باتجاه إشعال المزيد من الحرائق في شمال البلاد وجنوبها تحت إدعاء الحفاظ على هيبة الدولة فإنه سيزيد من رقعة الغضب ويشعل نيران الكراهية والنزعات الجغرافية.
اذا كانت لجنة «هلال- باصرة» قد حددت خمسة عشر نافذاً كأساس لمشكلة الأراضي في محافظات لحج وعدن وأبين وحضرموت، فإن تقرير هذه اللجنة لم ير النور إلى الآن، بل إن من وردت اسماؤهم في التقرير مستمرون في اداء مهمتهم بالبسط والتصرف بالأراضي المملوكة للدولة أو للمواطنين الضعفاء.
ليس هذا فقط، بل إن الرجلين أصبحا في مرمى هذا التوجه المتغلغل داخل بنيان الحكم، الذي بات اليوم يمتلك احزاباً مفرخة وصحفاً مستنسخة، وقد اظهر قدرته على التحدي أكثر من إمكانية الخشية من الإدانة.
يستطيع الرئيس علي عبدالله صالح إعادة الثقة للناس بحكمه لو أنه انتصر لاصحاب مشاريع الحوار والانفتاح على الآخر، وضحى بعدد محدود من الضالعين في قضايا الفساد وخصوصاً المتورطين في البسط والاستيلاء على أراضي الدولة في حضرموت وعدن وصنعاء ولحج والحديدة.
استعراض القوة العسكرية لن يؤدي إلى معالجة أسباب شعور الناس بالظلم وبغياب المواطنة المتساوية، واذا لم تفتح نافذة أمل لاصلاحات سياسية حقيقية وجذرية فإن الاعتقالات ستزيد الناس صلابة والقمع سيقوي من الاطروحات المرتكزة على البعد الجغرافي للمشكلة.
المنطق يقول إننا لا نحتاج إلى مواجهات جديدة في صعدة، وأن العقبات مهما كانت قوتها يمكن تجاوزها. المنطق ذاته يفرض علينا الإقرار بأن حرب 1994 كانت كارثية على اليمن، وأن الإعتراف بذلك ومعالجته سيزيل عوامل الإحتقان وسيقطع الطريق أمام أية مشاريع تستهدف الوحدة الوطنية.
لو توهم المحيطون بمركز القرار أن الهدوء الحاصل الآن في المحافظات الجنوبية هو اعتراف بعدم شرعية المطالب التي رفعت خلال عام من الاحتجاجات السلمية فإن الكارثة ستكون أعظم، إذ أن أمام اليمن اليوم فرصة تاريخية لمعالجة هذه القضية، عبر حل سياسي يشارك في صياغته مختلف المكونات السياسية. ولو وجد تقرير لجنة معالجة قضايا الأراضي الاستجابة المطلوبة من الرئيس لما كان معدوه ضحية لصدقهم وإخلاصهم في الرأي.
malghobariMail

إقرأ أيضاً