* الحرب دمرت البنية التحتية وهدمت المنازل وأتلفت المزارع والمدنيون يحتاجون إلى استعادة حياتهم الطبيعية
* العام الماضي شهدت صعدة معارك طاحنة تسببت في توسيع حجم المعاناة الانسانية
* خلال العام الماضي استطعنا تقديم المساعدات ل98203 نازحين
يهتم الصليب الأحمر الدولي كلجنة عالمية بمساعدة المدنيين من نازحين وجرحى ويمتد نشاطه إلى مساعدة المعتقلين والجرحى من المحاربين, وهو من أقدم المنظمات التي تعمل في ظروف قاهرة كالحرب. فهو كمنظمة مستقلة محايدة بدأت عملها في العام 1863 لتكون مهمتها من ذاك اليوم إنسانية بحتة برغم دخولها مناطق سياسية ساخنة, واكتفت فقط بالتحاور مع أطراف الصراع دائما لضمان مساعدة آمنة للضحايا, وحافظت على ثقة الأطراف بها لتكون المنظمة القادرة على التوغل في أكثر مناطق الصراع لمناطق لا تصلها منظمات أخرى بسب الحفاظ على استقلالها.
عمله في اليمن خاصة في صعدة نلقي الضوء عليه من خلال حوار أجرته الزميلة منى صفوان مع إيمان توفيق ناجي الناطقة الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر, التي أكدت أن اللجنة في اليمن تعمل بتعاون وثيق مع الهلال الأحمر اليمني, وبمساعدة الهلال دخلت مناطق صراع ملتهبة.
> ما هي أكثر مشاكل النازحين في صعدة؟
- مشكلتهم في صعدة تتجلى في عدم القدرة على الوصول إليهم دائما. برغم أن لدينا مكتبا هناك من السنة الماضية وبالتعاون مع الهلال الأحمر يعمل به خمسة موظفين أجانب وستة محليون.
وكان الصليب كمنظمة أجنبية العام الماضي ممنوع من الدخول إلى مناطق معينة ولكنه بشراكة عمله مع الهلال الأحمر استطاع أن يوصل المعونات لمعظم النازحين في كل مناطقهم حتى في المناطق التي كانت قريبة من مناطق المواجهات.
عدد النازحين الذين استطعنا أن نساعدهم حتى الشهر الماضي 98203 نازحين ومقيمين, وكثير من المقيمين محسوبون، لأن النازحين تركوا قراهم وذهبوا عند أقارب لهم وهذا شكل عبئا على الأشخاص الذين استقبلوهم، هؤلاء أيضا يدخلون ضمن مساعدات الصليب.
> هل تتدخل الحكومة في توزيع المساعدات؟
- نحن نعمل في الميدان في أماكن النزاع وشرط أساسي لوصول معوناتنا أن تلقى مهمتنا الإنسانية القبول عند الأطراف المتنازعة. ففي هذه الحالة نتواصل مع جميع أطراف النزاع وندخل في حوار مباشر معهم نشرح فيه طبيعة عملنا ونوضح أهمية احترام القانون الدولي الإنساني, عندنا علاقات طيبة مع الطرفين.
والصليب والهلال جزء من الحركة الدولية العالمية للصليب والهلال الأحمر وهذه المنظمة تعمل بحسب سبعة مبادئ من أهمها الإنسانية والاستقلالية والحياد وعدم التحيز. وعما إن كانت توجد أطراف تتدخل في عملنا فالإجابة ببساطة: لا؛ لأن مبدأ الاستقلال شرط مهم جدا.
> ما هي المعايير التي على أساسها توصلون مساعداتكم؟
- نحن نقيم بأنفسنا بحسب مسوحات ميدانية ونسجل المستحقين وبناء عليه نعطهم المساعدات. ولا يوجد أي تمييز ديني ولا عرقي ولا مذهبي. وبدون أخذ أي موقف من النزاع, فكل ما يهمنا أن تصل المساعدات وأن تقبل الأطراف المتحاربة سواء كانت جيوشا أم جماعات. وبالتالي يهمنا احترامهم للقانون الدولي الإنساني.
> على ماذا يرتكز نشاطكم غير تقديم المساعدات؟
- بشكل عام كلجنة دولية عدا عملنا في مساعدة النازحين والأشخاص المتأثرين من النزاع المسلح, كالمعتقلين والجرحى، نحن أيضا نهتم بالتحاور مع الأطراف المتقاتلة لاحترام وتطبيق القانون الدولي, فنحن رعاة هذا القانون.
> هل وجد خرق للقانون الدولي الإنساني أثناء الحرب الدائرة في صعدة؟
- في أي منطقة في العالم نحن معنيون بالتحاور مع الأطراف المتقاتلة, لنوصل الصورة, فالأشياء تتغير.
> في حالة ملاحظة أن هناك خروقا وتم التحاور مع الطرفين, هل تكون هناك استجابة؟
- الصليب يعمل في أماكن النزاع, وهو حريص على إقامة علاقات طيبة مع أطراف النزاع, فهو راعي وحامي القانون الدولي الإنساني, واليمن وقعت على اتفاقية جنيف, وفي هذه الاتفاقية الصليب هو المنظمة الدولية التي أعطيت تفويضا من كل العالم لنشر القانون الدولي الذي يحدث بشكل عام, وأي خروق على أرض الواقع نقابلها بالتحاور مع السلطات بشكل مباشر.
قلب الصراع
> الصليب لم يدخل إلى قلب المعركة في صعدة على خلاف مناطق صراع أخرى في العالم. هل لهذا علاقة بتوجيهات حكومية؟
- من المهم أن نذكر بأهمية احترام السكان المدنيين يجب احترام سلامتهم والسماح لهم بجو آمن ومن ضمن هؤلاء العاملون في المجال الإنساني, فعملنا مبني على قبول الأطراف لنا, واحترام عملنا, وضمان سلامتنا.
ونحن عن طريق صلاتنا بكل المعنيين من متنازعين وقيادات قبلية ومنظمات المجتمع المدني والأشخاص ذوي التأثير, فإننا نحاول أن نوفر المرور الآمن واحترام العمل الإنساني لنستطيع القيام بعملنا والدخول إلى مناطق الصراع.
فهذا الذي يجعلنا نصل إلى كل المناطق, فقط إن احترمت الأطراف المتحاربة عملنا. ففي العام الماضي اضطررنا لإيقاف عملنا وإعادة مراجعة وتقييم عملنا بعد تعرض قافلة معونات لإطلاق نار برغم أنها كانت ترفع شعار الهلال الأحمر اليمني وهو شعار محمي بموجب القانون اليمني, وهذا يدل على أنه هناك مشكلة في قبول عملنا الإنساني أو عدم الفهم له.
> ما هي الظروف التي تعيشها صعدة اليوم؟
- صعدة استقبلت الكثير من النازحين من مناطق أخرى حوالى 40 ألف نازح زيادة على عدد سكانها, وبسبب عطل أصاب مولد الكهرباء الذي كان يوفر 60% من الطاقة للسكان قمنا بشراء مولد جديد, فهناك حالة ضغط شديد على الخدمات العامة كالماء والكهرباء والعناية الطبية.
> هل الصليب راض على مستوى الأداء في صعدة؟ وإن كان هناك قصور، هل هو بسبب ضغوط خارجية؟
- نشاطاتنا بشكل عام مع أناس يعانون من نكبات عارضة كنازحين أو جرحى ومعتقلين, وفي العمل الإنساني يبقى مستوى الأداء دائما دون المطلوب، لأن معاناة هؤلاء الناس لا تتلخص فقط في مأوى أو غذاء أو علاج، لأن هناك حاجيات أخرى وخسائر أكبر لا يمكننا إلا أن نقف عاجزين أمامها، هذه هي طبيعة العمل الإنساني بشكل عام.
ولكننا في الصليب نسعى لتوفير الحاجيات الأساسية على الأقل المادية لتضمن لهم حالة عيش كريمة في أسوأ الظروف كنا نوفر مولد كهرباء أو محطة مياه, فنحن نقدم مياه صالحة للشرب في مدينة صعدة وخارجها وهناك 8400 شخص استفادوا من خدمة المياه هذه.
و14000 استفادوا من خدمة إمداد محطة توليد الطاقة بالوقود, إلى جانب الرعاية الطبية التي أوجدتها خمس عيادات متنقلة بدأت العمل منذ ستة أشهر, من السنة الماضية وحتى الآن.
فهناك 12000 نازح وأحيانا مقيم استفادوا من خدمة الرعاية الطبية.
وخلال عملنا نعتمد على تقييم الحاجيات بشكل يومي, حاجات بسرعة بحسب مسوحات ميدانية وهذه نقوم بها بالتعاون مع الهلال في صعدة, وبحسب تلك المسوحات نحدد متى نقدم تلك المساعدات ولمن وبأقصى سرعة.
وفي الوقت ذاته نحن نعتمد في عملنا على التنسيق مع المنظمات الدولية الأخرى المتواجدة في صعدة حتى لا نقدم الخدمة ذاتها أو نقدم أشياء لا يحتاجها النازحون. وكعاملة في العمل الإنساني أقول لك إنه مهما قدمت تبقى هناك معاناة.
الهلال
> هل كل النازحين يحصلون على المساعدات بالتساوي؟
- بحسب الطريقة التي نعمل بها على الأقل استطعنا أن نوصل المساعدات إلى كافة المناطق التي يمكن الوصول إليها. صحيح هناك مناطق لا يسمح للأجانب بدخولها, ولكننا نستعين بشركائنا في الهلال الأحمر اليمني من موظفين يمنيين لإدخال المساعدات لهذا المناطق, والمهم أننا بهذه الطريقة وصلنا معظم المناطق في معظم الأوقات. فنحن والهلال ننتمي لحركة عالمية واحدة, وننتمي للمبادئ ذاتها. فألاهم أن تصل المساعدات لمن يستحقها. أحيانا لأسباب أمنيه لا نستطيع الوصول لمناطق معينة, ولكننا نتواصل مع كافة الأطراف لتسهيل أي عقبات.
> لماذا تأخر افتتاح مكتبكم في صعدة؟
- المكتب تم افتتاحه العام الماضي, لكن كان لدينا وجود في صعدة من خلال مكتبنا الرئيس في صنعاء الذي يغطي كافة اليمن, بالتعاون مع الهلال الأحمر اليمني, ولكن ما حدث في صعدة العام الماضي كان على مستوى كبير جدا, فالقتال زاد وزاد تأثيره على النازحين والجرحى الذين احتاجوا لكثير من المساعدات, لذا كان الوضع الأخير يستدعي وجودنا بشكل كامل حتى ندير العمل بشكل كامل, فمن الصعب أن تدير عمل كبير عن بعد.
> الصليب أصدر قبل فترة تقريرا عاما عن الوضع في اليمن ولم يصدر تقرير خاص للأوضاع في صعدة!
- بعد تعرض قافلتنا العام الماضي، التي والحمد لله لم يقتل فيها أحد أصدرنا بيانا صحفيا أدنَّا فيه الهجوم, وأصدرنا تقريرا يركز على المساعدات في صعدة, والنشاطات فيها التقرير الأول لنصف السنة الأولى والثاني للنصف الثاني والآن نحن بصدد إصدار تقرير ثالث.
ونحن نهتم بكل إصداراتنا سواء تقارير أم بيانات صحفية بالتركيز على ضرورة احترام العمل الإنساني واحترم المدنيين وأهمية احترام القانون.
> ما هو مستوى التنسيق بينكم وبين المنظمات الأخرى؟
- نحن منظمة تقوم بعملها بشكل مستقل ولكننا نهتم بالتنسيق الإنساني في كثير من المناطق التي نعمل بها حول العالم كدارفور, والصليب عادة يصل لمناطق لا تستطيع المنظمات الأخرى الوصول لها لعدة أسباب، أولها أنه يحافظ على ثقة الأطراف به من خلال استقلاله وعدم انحيازه.
> في حالة توقف الحرب الدائرة في صعدة هل تنتهي مهمة الصليب؟
- تعرفين أن المدنيين عانوا الكثير من هذه الحرب على كل المستويات، ونحن حاولنا أن نساعدهم مساعدات عاجلة، غير أن هذا لا يكفي لتغطية كل الأضرار، فهناك مزارع نشفت وبيوت خربت وبنية تحتية دمرت؛ لذا سيكون الناس محتاجين لمياه صالحة للشرب ولإعادة بناء بيوتهم ولاستعادة حياتهم الطبيعية, ولحدوث ذلك هم بحاجة إلى المساعدة, لذا هناك خطة من الصليب لمساعدة العائدين بعد انتهاء الحرب.
> شكرا لك أستاذة إيمان ونتمنى للصليب التوفيق والنجاح في مهماته الإنسانية.
إيمان توفيق ناجي - الناطق الرسمي باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر باليمن: مساعدات اللجنة لضحايا حرب صعدة لم تكن كافية ولدينا خطة لتقديم المزيد عقب انتهاء الحرب
2008-02-28