عام عصيب - محمد الغباري
قد يكون من غير اللائق إبداء قدر كبير من التشاؤم حيال العام الجديد، إلا أن الوقائع لا تترك مجالاً للتفاؤل، فكل المؤشرات تبين أننا سنمر بواحد من أصعب الاعوام إن لم يكن أسوأها.
في هذا العام لا يزال الحكم يكابر في التعامل مع المطالب العادلة والواضحة لأبناء المحافظات الجنوبية والشرقية. وما ذكر عن معالجات اقتصرت حتى الآن على المستحقات المالية للمتقاعدين أو المسرحين من الخدمة في الجيش والامن، لا تعكس استشعار القائمين على الأمر لخطورة الأوضاع والكارثة التي قد تقاد إليها البلاد.
وفي العام نفسه انسد أفق الحياة السياسية مع تعثر الحوار بين الحكم والمعارضة، وإصرار الأغلبية على تمرير التعديلات على قانون الانتخابات والتعديلات الدستورية، وهو أمر بالقطع سيدفع إما إلى تأزيم الأوضاع بصورة تجعل من الاستحالة الوصول إلى الانتخابات النيابية، وإما أن يدخل المؤتمر الشعبي هذه الانتخابات لينافس ذاته ومعاونيه من الاحزاب الصغيرة، وتلك كارثة أعظم.
إذا ما بقيت الأمور على هذه الحالة واعتقد الرئيس علي عبدالله صالح أن آليته السابقة في إدارة الحكم ما تزال قادرة على البقاء، فإنه سيجد نفسه أمام حقائق قد لا يستطيع مواجهتها. وقد بينت الاحداث أن تجاهل المطالب المستمرة منذ أربعة عشر عاماً للحزب الاشتراكي بإجراء مصالحة وطنية وإزالة آثار الحرب لم تنه هذه القضية، ولكنها اليوم غدت مطلباً وطنياً لم يجمع اليمنيون على عدالة قضية سياسية مثلها.
والعالم يحتفي بالعام الجديد ويعيش أملاً بأن يكون أفضل من العام الذي غادرنا، وجدنا أنفسنا مقيدين بواقع الفساد المستشري في كل مكان، والثراء غير المشروع واستئثار عدداً من المسؤولين والمحسوبين عليهم بمقدرات وخيرات البلاد.
وفي ظل غياب فاعلية الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني استناداً إلى فساد الحياة العامة، فإننا أسيرو إرادة السلطة. وفي بلد كاليمن السلطة هي مصدر الثراء والفاعل الوحيد في القضايا السياسية والاقتصادية، فإن الرئيس يمتلك مفاتيح الحل، أو أن يقودنا إلى الطوفان.
فيما العالم كان يضيء ليل الاثنين/ الثلاثاء ابتهاجاً بالعام الجديد، كانت الدبابات لدينا تحاصر شرعب من ثلاثة اتجاهات، مسنودة براجمات الصواريخ، وصعدة تتهيأ لحرب جديدة، والناس تختنق من الفقر والبطالة، والجنوب يعتصر ألماً ومعاناة.
نحن بحاجة لأن نتفاءل مثلما هو الحال مع البشرية جمعاء لكننا محاصرون بالأزمات، فالرئيس مشغول بمستقبل ابنائه، والوزراء مهمومون بتأمين ما يضمن مستقبلهم وابنائهم، وكبار المتنفذين عسكريين ومدنيين غارقون في البسط على البقع في الآكام المحيطة بالعاصمة وفي عدن ولحج وإب وغيرها.
***
الاسبوع الماضي كنت وعدد من الزملاء ضيوفاً على الدكتور نزار غانم في مقيل فني استعرض ماضي وحاضر الغناء والفن في اليمن. وبمشاركة من د. محمد ابو بكر المفلحي وزير الثقافة، جرى نقاش مستفيض عن تراجع اداء معاهد الموسيقى والفنون والمسرح. إننا بأمس الحاجة للخروج من كهف الكآبة الذي وُضِعنا فيه.
malghobariMail
عام عصيب
2008-01-03