صنعاء 19C امطار خفيفة

الثقافة كمورد اقتصادي

2007-11-01
الثقافة كمورد اقتصادي
الثقافة كمورد اقتصادي
- محمد شمس الدين
يلعب الجانب الثقافي والإرث التاريخي دوراً مهماً في حياة الشعوب وتقدمها. وكون الجانب الثقافي مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً ومؤثراً في الجانب الاقتصادي, فإن من الأهمية دراسة الوضع الاقتصادي والثقافي والتاريخي للدول التي وصلت إلى وضع اقتصادي قوي دون أن يكون لديها موارد طبيعية, فيما دول توافر لديها الكثير من الموارد الطبيعية ولكنها لم تحقق تقدماً اقتصادياً مقارنة بتك الدول, كما أن دولاً حققت نمواً اقتصادياً كبيراًً ولكنها لم تحافظ على ذالك الوضع.
تعتبر اليابان, كثاني اقتصاد في العالم, نموذجاً فريداً يستحق الوقوف عنده, كونها دولة لا تتوفر لديها أية موارد طبيعة من جانب, وتعرضت لتدمير في الحرب العالمية الثانية من جانب آخر, إلا أنها خلال فترة قصيرة استطاعت العودة إلى قائمة الدول الصناعية الكبرى. ومع أن الكثيرين يعرفون اليابان من خلال منتجاتها, لكن بلداً مثل اليابان في اعتقادي لا يمكن إغفال الجانب الثقافي والإرث التاريخي الذي جعل منها قوة اقتصادية وعسكرية في السابق وعملاقاً اقتصادياً في الوقت الحاضر, وستظل قوة اقتصادية في المستقبل, كون الاقتصاد الياباني اعتمد على البناء الثقافي والأخلاقي للإنسان بوصفه العامل الرئيسي للنهضة اليابانية, حسب معرفتي واطلاعي المتواضع.
ففي الفترة 1603-1868م، والتي يطلق عليها فترة "إيدو"، وهي آخر فترة في التاريخ الياباني القديم، شهدت البلاد خلالها العديد من الإصلاحات في مجال نظام التعليم وتطويره, حيث عكف الباحثون على استخراج النصوص من الكتب الدينية والكتب القديمة التي تعزز الروح القومية لدى اليابانيين, وتحثهم على العلم في مجالات الفلك والرياضيات وعلم الخرائط, وتشجعهم على العمل والتضحية في سبيل تقدم وازدهار اليابان.
شهدت فترة إيدو تشريعات قانونية تميزت بالصرامة والموضوعية, فكانت القوانين التي وضعت لتنظيم عمل الفلاحين. حينها منع شراء أو بيع وإهمال الأراضي الزراعية, كوسيلة لدفع الجميع للعمل والكسب مقابل الجهد, وحتى لا يستغل الأغنياء شراء أموال الفلاحين, فيتحولون إلى عاطلين يعتمدون في قوتهم على حسنات الآخرين.
مبادئ التضحية والإخلاص في العمل واحترام قيم العمل, وتكرار المحاولات وعدم اليأس، والعمل بالروح القومية وتشجيع وغرس تلك المبادئ لدى الأجيال والحرص على انتقالها من جيل إلى جيل.. كل هذه الأمور جعلت اليابان اليوم في مركز الصدارة وكفيلة بأن تظل دولة ذات مكانة مرموقة وتجربة يمكن الاستفادة منها.

إقرأ أيضاً